فاروق شوشة.. جندي اللغة العربية

آية فتحي

 "يرحلُ العمرُ ، وتمضي سَلَّةُ الأعوامِ لا تَحْمل شَيّا يَسْقُطُ السرُّ، يدوسُ الناسُ، ينهالُ الترابُ الصَّلدُ، يدنو القَيْدُ، يَهْوِي النَّايُ مُلْتَاعاً ... شَجِيّا" كلمات سطرها الشاعر فاروق شوشة في قصيدته "اعترافات العمر الخائب" من ديوان "انتظار مالا يجئ"، والذي غيبه الموت عن عالمنا في 14 أكتوبر من عام 2016.

لم يعرف الوسط الثقافي والعلمي مثل شوشة في خدمة اللغة العربية والشعر العربي، في العصر الحديث، بشهادة الكثير من مثقفي عصره، فقد ظل ممسكًا بقلمه لآخر يوم في عمره، ليسدل عام 2016 الستار على حياة فارس الفصحي في العصر الحديث، وجندي اللغة العربية، الذي حمل كل أسلحته للدفاع عنها، صاحب كنز من الثقافة والمعرفة.
 
صاغ شوشة عبارة «لغتنا الجميلة»، لتخلد فى أسماع كل المصريين طيلة ما يزيد على نصف قرن فى برنامجه الإذاعي الأشهر، ليستغل عصر الإذاعة المسموعة ليعرض عبرها خلاصة تجاربه، بمقدمته الشهيرة""أنا البحر فى أحشائه الدر كامن.. فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي".
 
انتهز بعد نجاح "لغتنا الجميلة" فرصة الموجة المرئية ليقدم في التليفزيون المصرى عبر برنامجه «أمسية ثقافية» الذى ساهم فى صنع وجوه الثقافة العربية فى النصف الثانى من القرن العشرين، بالتزامن ما كانت تعانية الثقافة بشكل عام واللغة العربية بشكل خاص من طعنات متتالية.
 
ولد شوشة في قرية الشعراء بمحافظة دمياط عام 1936، في قرية "الشعراء"، وأتم دراسته في دمياط، وتخرج في كلية دار العلوم، ثم درس التربية بجامعة عين شمس، عمل مدرسًا عام 1957، والتحق بالإذاعة عام 1958 وتدرج في وظائفها حتى أصبح رئيساً لها 1994.
 
توغل شوشة في خدمة اللغة العربية، فتولى منصب الأمين العام لمجمع اللغة العربية كما عمل أستاذًا للأدب العربى بالجامعة الأميركية بالقاهرة، وكان عضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، ورئيس لجنة النصوص باتحاد الإذاعة والتلفزيون كما كان يلقي محاضرات في الأدب العربي بالجامعة الأميركية في القاهرة.

أثرى الشاعر الدرعمي المكتبة العربية بالعديد من دواوينه الشعرية منها "إلى مسافرة 1966، العيون المحترقة 1972، لؤلؤة فى القلب 1973، فى انتظار ما لا يجيء 1979، الدائرة المحكمة 1983، الأعمال الشعرية 1985، لغة من دم العاشقين 1986، يقول الدم العربى 1988، هئت لك 1992، سيدة الماء 1994، وقت لاقتناص الوقت 1997، حبيبة والقمر وهي شعر للأطفال 1998".
 
كان عام 2016 ذا وجهين في حياة شوشة، فكما كان عام رحيله كاان أيضًا عام لتكريم جديد في حياة جندي اللغة العربية حيث حصل على جائزة النيل في الآداب في الخامس من يونيو، والتي لم تكن الجائزة الوحيدة التي كللت مشواره فحصل على حصل على جائزة الدولة في الشعر 1986، وجائزة محمد حسن الفقي 1994، وعلى جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1997. حصل على جائزة كفافيس العالمية عام 1991

مصر العربية