نظرة تأملية لغوية في ألفاظ الأذان

د.سيد محمد عبدالعليم عبدالله


ما الفرق بين الأذان والآذان؟

الأذان إعلام بوقت الصلاة بألفاظ معلومة مأثورة، وهو صوت نداء المؤذن للصلاة، فالأذان لغةً الإعلام والإخبار، قال تعالى: " وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ۙ وَرَسُولُهُ"التوبة(3)

أمّا الآذان فجمع الأُذُن، وهي أداة السمع، قال تعالى: " أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا " الأعراف(195)

ولنتأمّل في ألفاظ الأذان فنجده يبدأ بـ " اللّه أكبر" فلفظ الجلالة" الله" علم على الذات العليّة الجامعة صفات الألوهيّة، وأصل كلمة "الله" إله، دخلت عليه" أل" ثم حذفت همزته، وأدغم اللامان، وهو من تألّه الخلق إليه، أي فقرهم وحاجتهم إليه، ثم جاء الخبر" أكبر" اسم تفضيل بدون ذكر المفضل عليه؛ ليفيد العموم والشمول، فالله أكبر من أي شيء؛ فلا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله، وقد جاءت الجملة اسميّة لتدل على حقيقة ثابتة، ثم يأتي تكرار " الله أكبر" ليفيد التأكيد وتقوية المعنى، ونحن – النحويين- نعرب هذه الجملة توكيدًا لفظيّا للجملة الأولى، فالتكرار يأتي لتأكيد المعنى وتقويته، ثم نأتي إلى أول ركن من أركان الإسلام ألا وهو الشهادتان : "أشهد أن لا إله إلا الله.." فيأتي الفعل : أشهد مضارعًا دالًّا على التجدّد والاستمرار، وتأتي "أن" المحففة من الثقيلة المفيدة التأكيد، ثم يأتي أسلوب القصر" لا إله إلا الله" وطريقه النفي والاستثناء؛ ليقصر الألوهية على الله فقط، ولا تتعدّاه إلى غيره، ثم يأتي تكرار" أشهد أن لا إله إلا الله" ليفيد تأكيد المعنى وتقويته، وهو قصر الألوهية على الله فقط، ثم يأتي " أشهد أن محمدًا رسول الله" فيأتي الفعل مضارعًا دالًّا على التجدد والاستمرار في الشهادة، ثم يأتي التوكيد بـ " أن" المشددة ليؤكّد حقيقة قائمة ألا وهي أن محمدًا رسول الله، فالاسم "محمد"مشتق من الحمد،وقد صدق الشاعر حسان بن ثابت:

وضم الإلهُ اسمَ النبيّ إلى اسمه إذا قال في الخمس المؤذن أشهدُ

وشـقّ لـــه مـن اسمــه ليجلّــه فذو العرش محمود، وهذا محمدُ.

ورسول بمعنى مرسل من الله، وجاءت إضافة رسول إلى الله تشريفًا وتعظيمًا لرسولنا محمد - صلّى الله عليه وسلّم - ثم يأتي تكرار " أشهد أن محمدًا رسول الله" لإفادة التأكيد وتقوية المعنى، ثم نأتي إلى " حي على الصلاة" فنجدها تبدأ بكلمة " حي" وهي اسم فعل أمر بمعنى أقبل على الصلاة، وكأننا حينما نقبل على الصلاة فإن نفوسنا تعلو وتتسامى بالصلاة؛ فالصلاة صلة بين العبد وربه، ثم يجيء تكرار " حي على الصلاة" لتأكيد الإقبال على الصلاة، ثم يأتي" حي على الفلاح" فالصلاة فلاح ونجاح في الدنيا والآخرة، ثم يأتي تكرار " حي على الفلاح" ليؤكد أهمية الإقبال على الفلاح والنجاح، ثم يأتي تكرار " الله أكبر" مرتين أحريين زيادة في التأكيد؛ فالله أكبر من كل شيء؛ فلا تنشغل أيها المسلم بأي أمر من أمور الدنيا يلهيك عن الاستجابة لله ورسوله؛ فكل شيء في الدنيا صغير بجانب "أكبر" ثم يأتي أسلوب القصر " لا إله إلا الله" ليقصر الألوهية على

د: سيد محمد عبدالعليم عبدالله.

معلّم بمدرسة الدوحة الثانوية المستقلة للبنين.