جهود متواصلة لدعم اللغة العربية

 تضع دولة الإمارات العربية المتحدة منذ نشأة اتحادها على يد المغفور له -بإذن الله تعالى- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، المحافظة على اللغة العربية ضمن أولوياتها الرئيسة، لأنها تعتبرها اللغة الوطنية ورمز الهوية الوطنية التي تعبر عن حضارة الدولة، وتعكس هويتها وخصوصيتها الثقافية والحضارية والمجتمعية، كما تعتبر حائط الصد القوي أمام التأثيرات الثقافية الوافدة، التي تلقي بظلالها السلبية على اللغة العربية للأجيال الجديدة من أبنائنا، وتأتي جهود مؤسسات وهيئات الدولة كافة لتعزيز ونشر استخدام اللغة العربية، ترجمة لرؤية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، حول أهمية نشر الثقافة العربية الإسلامية، والمحافظة عليها وتعزيز مكانتها بعناصرها ومكوناتها كافة، لتكون بالفعل وعاءً ثرياً للثقافة الوطنية، وركيزة قوية للتنمية المعرفية في الدولة.

وفي إطار جهود الدولة لدعم اللغة العربية، أكد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة وتنمية المعرفة، خلال رئاسته اجتماع المجلس الاستشاري للغة العربية مؤخراً، أهمية أن يكون عام الخير هو عام إطلاق خطة لتطوير تعليم اللغة العربية وتنفيذها في المدارس الخاصة بالدولة، ومواصلة تحقيق المجلس الاستشاري للغة العربية أهدافه بنهج جديد وحديث يشكل أساساً لدعم اللغة العربية وتعزيزها، لتحقيق مساعي القيادة التي تضع اللغة العربية ضمن أولى أولوياتها، مشيراً إلى أن تعليم وتعلم اللغة العربية سيكونان محور الاهتمام في هذه المرحلة، وصولاً إلى مشروع مدروس بدقة يسهم في إصلاح تعليمي تطبقه المؤسسات الثقافية والتعليمية، ويعتمده صناع السياسات في أنحاء العالم العربي.

تشكل اللغة العربية العمود الفقري لهويتنا الوطنية، كدولة عربية، لذلك يجب العمل بكل قوة على تعزيز مكانتها في المجتمع، وترسيخ وجودها في مؤسساتنا الوطنية كافة. ومن هنا تأتي أهمية هدف المجلس الاستشاري للغة العربية، المتمثل في تأكيد مكانة اللغة العربية واقتراح الإجراءات التي تكفل حمايتها والكشف عن الأسباب والعوامل التي أدت إلى ضعفها في المدارس الخاصة، ورعاية دعم الجهود الرامية لتطبيق ميثاق اللغة العربية، انطلاقاً من دعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، للعمل على تعزيز اللغة العربية باعتبارها أداة رئيسة لتعزيز الهوية الوطنية لدى الأجيال المقبلة، والمعبرة عن قيمنا وثقافتنا وتميزنا التاريخي، وتماشياً مع رؤية «الإمارات 2021».
وتأتي تلك الجهود في إطار محاولة حل الإشكاليات التي تعرضت لها اللغة العربية، حيث ترجع أبرز أسباب تراجع اللغة العربية إلى عوامل عدة أهمها: أولاً، اللغة الإنجليزية التي أصبحت اللغة الأم في المدارس الخاصة في البلدان العربية، وذلك بفضل متطلبات سوق العمل من حيث إتقان المنتسب إليه اللغة الإنجليزية، ما أدى إلى التركيز على هذا الجانب من قبل المؤسسات التعليمية التي تعمل على إعداد الطلاب، بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل. ثانياً، ما طرأ على المجتمع من مستجدات أدت إلى تغير العادات والتقاليد، حرصاً على مواكبة العالم، حيث أصبح بعض الآباء يتباهون بإجادة أبنائهم اللغة الإنجليزية غير منتبهين إلى آثار ذلك على الهوية العربية، بالإضافة إلى أن عمل المرأة أدى إلى انتشار ظاهرة المربيات أو الخادمات، بما يحمله ذلك من تأثير سلبي في النمو اللغوي للأطفال، نتيجة للغة الداخلة التي يتأثر بها الطفل، النابعة من ثقافة المربية. ثالثاً، العولمة التي تؤثر سلبياً في التعددية الثقافية. رابعاً، مزاحمة العامية للفصحى في كثير من الميادين التي ينبغي أن تكون للفصحى دون غيرها، كالمدارس والإعلام، فضلاً عن انتشار اللغة المحرفة المعروفة بلغة مواقع التواصل الاجتماعي.

ومن هنا تتزايد المسؤولية المجتمعية لهيئات ومؤسسات الدولة كافة، مع التركيز على دور الآباء والأمهات والمؤسسات التعليمية، للعمل على تعزيز ونشر استخدام اللغة العربية، وإطلاق حملات توعية تحذر من مخاطر اندثار اللغة العربية، لاسيما بين الأجيال الناشئة، من أجل المحافظة على تراثنا وهويتنا.
 

الاتحاد