حركات يرفع الشبهات حول العربية وعلاقتها بالعامية واللغات الأجنبية

حسان مرابط

 

تعززت المكتبة الجزائرية والعربية مؤخرا، بمؤلف جديد وقّعه الكاتب والأستاذ بجامعة الجزائر، مصطفى حركات عن منشورات "دار اللآفاق"، يحمل عنوان "العربية بين البعد اللغوي والبعد الاجتماعي"، والذي يستعرض فيه مفاهيم عامة وأساسية كاللغة والكلام والنظام والوظائف اللغوية والتنوع اللغوي والازدواجية، فضلا عن تقديم مقارنة بين العامية والفصحى وتصحيح بعض الشبهات في علاقتها مع اللغات الأجنبية.


الكتاب موجه لفئة الطلبة والباحثين والمثقفين عموما، يتضمن 206 صفحة، ويحتوي على محورين هما "مفاهيم عامة" و"الدراسة التقابلية"، حيث يضم الأول مجموعة من المباحث منها اللغة بين الفرد والمجتمع، اللغة والتنظير، اللغة بين الثبات والتغير، اللغة والمكان، العربية وأهلها، العربية والتنوع اللغوي، والعربية الازدواجية اللغوية، أمّل المحور الثاني فيشمل خصائص الفصحى، قضية الإعراب، النظام المقطعي بين الفصيح والعامي، الصرف والتنوع اللغوي، الأدوات النحوية، علم التراكيب ومستقبل اللغة العربية.

ويقول مصطفى حركات في مقدمة العمل أنّ اللغة لا يمكن فصلها عن الإنسان كفرد أو كعنصر من جماعة، كما أنّه لا يمكن تجاهل العوامل التي تساهم في تكوينها كعناصر الزمن والمكان والدين والثقافة ولكنّها قبل كل شيء تؤدي وظيفة أساسية هي التبليغ وفق قانون متفق عليه يمّكن من الفهم والإفهام.

ولم يخف الكاتب أنّ اللغة تشكل موضوعا للإيديولوجيات المختلفة وموضوعا للتقارب بين الأفراد والشعوب وأحيانا موضوعا للتباعد والنفور أو بالأحرى موضوعا للحب والكراهية.

ويدعو "حركات" الباحثين إلى دراسة اللغة من جميع هذه الجوانب بعيدا عن العاطفة والتمجيد أو الاحتقار، ومن يستطيع أن يكون موضوعيا في هذا الميدان -حسبه- هو فرد واقع تحت تأثير اللغة.

ويرى المتحدث أنّ القضايا التي تخص اللغة ناتجة عموما عن التجاوز اللغوي كالصراع مثلا بين العامية والفصحى أو بين لهجة وأخرى، وبين لغة أهل البلد ولغة أجنبية وبالتالي الصراع يتجسد في اختيار نظام لغوي بدلا عن آخر وذلك لتلبية حاجات الفرد والمجتمع.

وبخصوص التقارب بين العربية واللهجات الأخرى يعتقد أنّه اليوم يسير بخطى حثيثة لكونه تحت تأثير التعليم والتثقيف والإعلام، أمّا عن علاقتها باللغات الأجنبية كالفرنسية والإنجليزية فيشير أنّه لا مانع من اتخاذها لغات لاكتساب العلوم والمعارف ولكن يرفض أن تكون هذه اللغات الأجنبية لغتنا الثقافية وتعاملنا اليومي وتوضع بالمقابل العربية في سلّة المهملات، وينحصر دورها في السوق والمقهى أو المجال الأدبي وحده.

ويلفت المتحدث أنّه لا يريد أن يضع هذا الكتاب بمختلف فصوله مكان النقاش العقيم بل يبتغي فقط رفع بعض الشبهات التي قد تأتي على متسرّع في الحكم على الآراء والنوايا دون الاطلاع عليها أو من متشدّد لا يلين الفكرة رغم الحجج المقنعة.
 

الشروق