تدريس العربية في باكستان.. طموح وعوائق

أ. براء هلال

 

لن تكون انطلاقة هذا العام الدراسي الجديد في باكستان كغيره من الأعوام السابقة، بعد أن أقر البرلمان قبل أربعة أشهر قراراً بجعل القرآن الكريم مادة إلزامية في جميع المدارس الحكومية في جميع المراحل الدراسية.

وبعد شد وجذب في البرلمان لشهور عديدة، لم تفلح جهود الكتلة البرلمانية التابعة لجمعية علماء الإسلام في جعل اللغة العربية مادة إلزامية مستقلة في المدارس الحكومية، رغم أنها تُدرّس كمادة اختيارية في المرحلة المتوسطة.
وتم التوصل بشكل توافقي إلى صيغة القرار الذي يدمج تعليم أساسيات اللغة العربية بمادة القرآن الكريم وترجمته وتفسيره في المراحل الدراسية المختلفة.

ترحيب
ولاقى مشروع القرار الذي تقدم به عضو مجلس الشيوخ طلحة محمود إلى المجلس اعتراضات بعض النواب الذين تعللوا بكثرة اللغات التي يتوجب على الطلاب أن يتعلموها كالأوردية والإنجليزية ولغاتهم المحلية المختلفة.
لكن مقدم المشروع لا يعرف العربية ورغم ذلك أكد أن "الحواجز اللغوية بين الشباب الباكستاني الواعي وبين العربية التي هي لغة القرآن قد جنحت بالشباب إما إلى التطرف أو التغريب" وإن قرار "تعليم القرآن الكريم في المدارس يحقق بعض الحلم الذي كان يطمح إليه".
وينظر الباكستانيون بارتياح كبير إلى القرار الجديد، حيث يحقق تطلعاتهم في غرس حب القرآن الكريم والعربية في نفوس أبنائهم، ويخفف عنهم أعباء استقدام مدرسين خصوصيين لهذا الغرض.
وأضحى ذلك القرار حلا وبديلا لأولياء الأمور -في بلد المئتي مليون نسمة والعشرة ملايين حافظ لكتاب الله تعالى- كانوا يترددون في إرسال أبنائهم إلى المدارس الحكومية التي لم تكن تلتزم بتعليم القرآن الكريم أو المدارس والكتاتيب الدينية التي لا مستقبل لها على الصعيد الأكاديمي والعملي.

تحديات ومصاعب
ويرى الموجه التربوي للغة العربية عارف صدّيق أنه لم يكن بإمكان الحكومة أكثر مما كان، فلو قامت بإقرار العربية كمادة منفصلة لواجهت مشاكل عديدة أهمها النقص الحاد في الكوادر التدريسية، وسيرهق استجلاب كوادر متخصصة من الخارج كاهل الميزانية.
وأضاف "لذا ربما تعمل الحكومة على مدى السنوات المقبلة على تأهيل هذه الكوادر التي تغطي الحاجة ليصبح بالإمكان اتخاذ قرار باستقلالية اللغة العربية كمادة دراسية".
ويرى مدير معهد اللغة العربية بإسلام أباد عبيد الرحمن محمد بشير أن الإقبال على تعلم اللغة العربية كبير ولكنه مبني على دافع شخصي.
وأوضح أن ذروة الإقبال تكون لدى الشباب فوق سن العشرين، أي بعد الفراغ من التحصيل الجامعي. وعزا ذلك إلى غياب التخطيط الجيد من القائمين على شؤون العربية سواء من الجهات الحكومية أو الأكاديمية.
ولا تزال جمعية وفاق المدارس العربية -التي تضم آلاف المدارس الدينية- أهم مراكز تعليم العربية في باكستان، وقد وصفها الرئيس السابق برويز مشرف بأنها أكبر جمعية خيرية في العالم، حيث تنفق على ملايين الطلاب الذين يدرسون فيها ولا تتقاضى منهم أية رسوم.
ويشكو مدرس العربية جميل أحمد من انعدام البيئة الحاضنة للعربية في البلاد حيث تقتصر الدراسة سواء في المدارس الدينية أو الجامعات الحكومية على الحفظ والفهم النظري ولا تتعداه إلى المحادثة والحوار، مما يجعل التخاطب بالعربية صعبا على الطلاب والمدرسين على حد سواء حيث يفضل الطرفان أن يكون شرح الدروس بالأوردية أو اللغات المحلية.

الجزيرة