اللغة العربية تحديات في القرن الـ 21

فيصل خرتش

 

يرى الدكتور أحمد زياد محبّك في كتابه «اللغة العربية وثقافة القرن الحادي والعشرين»، أنّ اللغة العربية ستشهد نهوضاً واسعاً، ويعود ذلك إلى أسباب كثيرة، أهمها انتشار الحاسوب والقنوات الفضائية، واتساع التعليم، ويعتبر أنّ ما قدمه العلماء والأدباء والمفكرون والشعراء واللغويون والفنانون العرب في القرن الحادي والعشرين يفوق في الأهمية والمستوى كلّ ما قدمه أمثالهم طوال ستة قرون. ويشير المؤلف إلى أن العربية تستوعب اليوم السياسة والفلسفة والطب وعلوم الاجتماع والفضاء والذرة، وبها تكتب الأعمال الإبداعية وإليها تترجم مؤلفات العلوم كافة.

إنّ القرآن الكريم دائماً الحجة والمرجع في الفصاحة والبيان والجمال، لأجله جمعت اللغة العربية، ولأجله وضعت كتب اللغة وصنفت المعاجم وكتب التفسير، من هنا تمسك العرب إسلاماً ومسيحية، بعروبتهم وأدركوا أنّ العروبة والإسلام صنوان، هذا ما نجده عند ميخائيل نعيمة وناصيف اليازجي والشاعر القروي.. وغيرهم.

إنّ التلفزيون قادر على فعل ما تعجز عنه الجرائد والصحف والمجلات، وقادر على فعل ما تعجز المدارس والجامعات عن فعله، فإذا تمّت العناية به، تمّت العناية بالمجتمع كلّه، وتكاملت عندئذ المهمة، وتمّ أداء المهمة في المدرسة والصحيفة والمنزل. ويوفّر الحاسوب الحرية، وعدم الخضوع لنظام المدرسة وقوانينها وما تضيعه من وقت، وسيساعد الطفل على اختيار الموضوع الذي يريد في الوقت الذي يريد في المكان الذي يريد، وسيفتح أمامه آفاق المعرفة، ويعلمه سرعة القراءة، وسرعة التفكير، وسرعة الكتابة، وبالنتيجة سرعة التأليف، وهو يمتلك مصطلحات جديدة.

إنّ الآفاق المستقبلية للحاسوب وقدرته على تنمية اللغة عند الطفل غير محدودة، ولا سيما خدمته الكبيرة للعربية الفصحى، إنه يساعد على تقليص الفوارق بين العامية والفصيحة، ويساعد على نشر التعليم وتعميق الثقافة، وينمي الشعور القومي، ويحقق التقارب الثقافي والمعرفي والوجداني بين الأشقاء العرب في الوطن العربي. إنّ المستقبل مفتوح أمام الحاسوب، وهو الذي سيفتح أبواب المستقبل، ولكن لا بدّ من التخطيط والبرمجة والعمل، ولا يمكن الركون إلى الزمن وحده، لأن الزمن يمر ويمضي، والقيمة للعمل في الزمن، ولا يمكن للعرب أن ينهضوا ما لم يدخلوا الدخول العلمي الصحيح من خلال الحاسوب وشبكة المعلومات.

ويعتقد المؤلف أنّ مشكلات تعليم اللغة العربية لا تكمن في تكوين اللغة وبنيتها وطبيعتها، إنما تكمن في أسلوب التعامل معها، ولذلك يمكن تقسيم مشكلات اللغة العربية إلى مشكلات خارجية وأخرى داخلية، ومن المشكلات الخارجية: كثرة أعداد الطلاب، قلة المدارس وضعف التجهيزات، غياب الوسائل الحديثة. وأما الداخلية: منافسة وسائل الإعلام، التحديات الاجتماعية.

ومن المشكلات أيضاً: التكرار، فمعظم المناهج التعليمية تقوم على تكرار الشواهد والأمثلة، ومعظمها مما اختاره المستشرقون أو الدارسون الأوائل، ويظهر التكرار في دروس البلاغة وعلم البديع، ويبدو التكرار أكثر في الدروس النحوية، إذاً لا بدّ من حل لتطوير العملية التعليمية، وهذا يقوم على أمرين، الأول: هو العودة إلى التراث.. وقراءته بعمق وشمول، والثاني يكمن في متابعة الجديد في النقد والإبداع لمواجهة مشكلات العصر وتلبية حاجات التعليم وربط العلم بالواقع والمجتمع.. وكذا التشجيع على استعمال الحاسوب وتقنيات التعليم الحديثة.

 

البيان