تفضيل الشباب اللغات الأجنبية على «العربية» موجة تنتهي قريباً

رشا جمال

 

اتفق أكاديميون ومسؤولون في المجلس الرمضاني الخاص ل «الخليج» تحت عنوان «واقع اللغة العربية وآفاق المستقبل»، الذي استضافته جامعة محمد الخامس في أبوظبي، على أن إقدام الشباب على تفضيل اللغات الأجنبية في دراساتهم وتعاملاتهم على لغتهم العربية، مجرد موجة ستنتهي قريباً، مشيدين بالإجراءات التي اتخذتها دولة الإمارات لاستعادة مكانة اللغة العربية «لغة الضاد» إلى وضعها الصحيح. 

وناقش المشاركون التحديات التي تواجهها اللغة العربية في ظل التطور التكنولوجي والاعتماد على اللغات الأجنبية من قبل الشباب.
أكد الدكتور فاروق حمادة المستشار الديني بديوان ولي عهد أبوظبي، مدير جامعة محمد الخامس في أبوظبي، أن «اتجاه الشباب لاستخدام اللغات الأجنبية وتفضيلها على اللغة العربية مجرد موجة ستنتهي قريباً»، لافتاً إلى أن اللغة العربية هي اللغة الوحيدة المستمرة والتي لم تتوقف عند حد معين مثل باقي اللغات.

وأشار إلى الإجراءات التي اتخذتها دولة الإمارات لاستعادة مكانة اللغة العربية إلى وضعها الصحيح، ومنها اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية للخطابات بين مؤسسات الدولة، وكذلك اعتمادها لغة التدريس الأساسية في التعليم قبل الجامعي. 
وقال: «بادرت دولة الإمارات بتنفيذ حزمة من الإجراءات العملية لحماية اللغة العربية، وتعزيز مكانتها في المجتمع الإماراتي، فأنشأت جمعية حماية اللغة العربية بالشارقة سنة 1999، ثم عزز ذلك بتفعيل ميثاق اللغة العربية الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله؛ بقصد تعزيز حضور اللغة العربية في كافة المجالات الحياتية، كما بادرت الدولة إلى تشكيل المجلس الاستشاري للغة العربية، لتقديم التصورات والرؤى الكفيلة بتعزيز مكانة اللغة العربية داخل المجتمع الإماراتي.
واقع مؤلم

من جانبه رأى الدكتور محمد عدناني، أستاذ الأدب العربي، نائب مدير جامعة محمد الخامس أبوظبي- فرع عجمان، أن واقع اللغة العربية في البلدان الناطقة بها ليس على النحو الذي ينبغي أن يكون، ولا يليق بمقامها كلغة دين ولغة حضارة وعلم وهُوية. 
وقال: هذا الوضع المؤلم للغة له مسببات كثيرة، يمكن إجمالها في عدم ثقة الإنسان العربي في لغته، وانبهاره الكامل بلغة الغير، لا سيما الإنجليزية والفرنسية».

مكون أصيل

فيما اعتبر الدكتور أحمد مشهداني، منسق قسم اللغة العربية بالجامعة، أن اللغة العربية مكون أصيل من مكونات الهوية الإماراتية، قائلاً: «نحن على وعي بالصعوبات التي يعانيها الطالب في تعلم اللغة العربية وإتقانها الإتقان اللازم، ولكننا نحاول من خلال البرنامج الطموح الذي وضعه وطوره أساتذة اللغة العربية داخل الجامعة برفع مستوى اللغة العربية لدى الطلبة».
وحول دور الجامعة في إحياء اللغة العربية قال: «يتم ذلك عبر محطتين، تدريس المساقات الرسمية المخصصة للغة العربية باعتماد الوسائل التعليمية الحديثة، وبرنامج النهوض باللغة العربية، الذي وضعته الجامعة بهدف تتبع مواطن الضعف عند كل طالب».

مواكبة التطور

ورفض الدكتور محمد الظريف أستاذ اللغة العربية بالجامعة، فكرة ضعف اللغة العربية أمام اللغات الأجنبية إذ قال: «كثير من الدارسين يقرر أن حالة العربية اليوم هي حالة ضعف، والواقع أن ذلك ليس صحيحاً، لأن الضعف ليس نابعاً من عجز العربية في ذاتها عن مواكبة التطور، ولكنه ضعف موكول إلى عجز الناطقين بها عن مواكبة هذا التطور، ومن ثم تعتبر اللغة العربية ثابتاً من ثوابت الأمة الإسلاميَّة، لا يمكن التخلَّي عنها، ولا يتحقق كمال الدين إلا بتعلُّمها ومعرفتها».
وأضاف: «لقد تمكنت اللغة العربية عن طريق ما تملكه من طاقة ذاتية وقدرة على التجدد استطاعت أن تحقق ما لم يتحقق لغيرها من اللغات من ذيوع وانتشار، فامتصت في بدايتها كثيراً من الثقافات والحضارات السابقة للثقافة العربية الإسلامية، فصارت لغة حضارة قوية».
وحول اهتمام الشباب باللغة العربية والمشكلات التي تقابل طلاب الجامعة قالت الدكتورة سامية العبوري، رئيسة قسم اللغة العربية: بالنظر إلى وضع اللغة العربية وضعف مستوى الطلاب فيها، تبين أن الأمر بحاجة إلى جهد موسع ودقيق لإيجاد الحلقة المفقودة في البناء المعرفي والذوقي واللغوي».

تحديات الدراسة

وحول المشكلات التي تواجه طلاب اللغة العربية، قالت ابتسام عبد الله الشحي، إن اختيارها دراسة اللغة العربية جاء نتيجة شغفها بالشعر والأدب، لافتة إلى أن دراسة اللغة العربية مثلها مثل أي تخصص آخر، يتميز طلابها بإجادتهم للغة القرآن. 
وفيما يتعلق بالتحديات التي واجهتهم في بداية التحاقهم بالجامعة ودراسة اللغة العربية، قالت الطالبة نوف سعيد اليماحي: «عند التحاقي بالجامعة اكتشفت أن كل ما أعرفه عن اللغة العربية كان مجرد قشور، وإني لم أتعلم اللغة العربية بشكلها الصحيح، ولكن بعد فترة وجيزة تطورت مهاراتي».
وعبّرت الطالبة نورة علي راشد الحفيتي، تخصص لغة عربية وآدابها، عن سعادتها بتكريس اعتزاز أبناء الإمارات بهويتهم، وإرثهم الحضاري.

 

الخليج