لغة القرآن الكريم... بين الهيبة والاغتراب

د. هيفاء السنعوسي

 

إن تحدثنا عن اللغة العربية، فإننا لا نجد مساحة تكفي للكلام عنها، فهي لغة القرآن الكريم. يقول الله عز وجل وقوله الحق: «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» ويقول تبارك وتعالى: «وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآن مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ». ونرصد ذلك أيضا في قوله عز وجل: «كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ».

وهنا الانطلاقة القوية لأهمية اللغة العربية، وعلو قدرها، وعظمة مكانتها، فهي لغة سحر البيان، وهي من أقدم اللغات السامية، ويزيد متحدثوها في العالم على 400 مليون نسمة في العالم العربي، وبلدان أخرى أيضاً. وبالطبع تحتل اللغة العربية مكانة مهمة في العالم الإسلامي، فهي كما ذكرنا لغة القرآن الكريم، ولا يمكن لمسلم أن يصلي بغير العربية. وبلا شك أن للغة العربية عشاقها، ومناصريها ممن يدافعون عنها، ليس من العرب فقط، وإنما من المسلمين كافة، ومن المستعربين، ومن غير العرب من الذين يدركون قيمتها ومكانتها الكبيرة.
وهكذا كان للغة العربية قداسة خاصة على مر العصور، ولكننا نلاحظ في الآونة الأخيرة تزعزع مكانتها واهتزاز هيبتها عند بعض المتغربين الذين يفتخرون بانسلاخهم من جذورهم العربية أومن هويتهم الإسلامية التي تُحتّم عليهم الاعتزار باللغة العربية، وتلك الموجة جاءت مع الطفرة التعليمية التي حدثت في عالمنا العربي والإسلامي، إثر الافتتان بتعلم اللغات الأجنبية كالانكليزية والفرنسية، والانبهار بالثقافة الغربية، وهذا لا يعني أننا ضد تعلم اللغات الأجنبية، ولا ضد التعرف على الثقافة الغربية، بل على العكس ندعو للانفتاح المُقنّن الذي يحترم هويتنا العربية والإسلامية، ولكننا نقول علينا ان نحافظ على جذورنا العريقة، ونحترم هيبة لغتنا العربية، ومكانتها العظيمة التي ترتبط بكتابنا المقدس، وأن نمسك عليها بفخر واعتزاز.
ربما تعيش لغتنا العربية حالة اغتراب عند بعض الأجيال التي أصبحت تتفاخر بحديثها باللغات الإنكليزية والفرنسية معتقدين أنه تمدن وتحضر ورقي وثقافة عالية قد تبهر الآخرين، وهذا ماهو إلا وهم لا يتجاوز حدود ذلك.
ومن المناسب هنا نقول بأننا كعرب محظوظون لأننا وُلدنا بلسان عربي، فلغتنا هي سيدة لغات العالم، وهنيئاً لمن تعلمها من المسلمين، وتحدث بها، فكانت لغة حياته، لم تكن لممارسة الطقوس الدينية فقط، ولكنها أصبحت لغته أيضا، وستظل اللغة العربية بمكانتها العظيمة لا تهزها النوائب، ويكفيها فخرا أن الله عزّ وجل قد اختارها لتكون لغة كتابه العظيم، وأن يكون نبينا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عربياً هاشمياً من قبيلة قريش. 
والجدير بالإشارة هنا أن هناك من يقول بأنها لغة أهل الجنة، ولا يمكن الجزم بهذا القول، لأنه من الغيبيات، ولا يمكن التثبت من صحته، للسند الضعيف للأحاديث التي ذكرت ذلك.
 

الراي