هوية وطن

د. سامية أبو النصر

 

خلال وجودى فى المملكة العربية السعودية لمدة تزيد عن ثلاثة أسابيع لأداء مناسك الحج هذا العام ظللت أبحث عن اللغة العربية الفصحى سواء داخل الحرمين أو خارجهما فلم أجدها كما كنت أتمنى.. وجدت لغات عربية شتى وليس اللغة العربية الفصحى، فنجد دول المغرب يتحدثون لهجة خاصة بهم أو الفرنسية، حيث إن الاحتلال الفرنسى استطاع أن يفرض لغته ويجعلها تدرس فى جميع المدارس، أما حجاج سوريا فيتحدثون العربية المفهومة إلى حد ما، وحجاج دول الخليج فلا تجدهم كثيرا، أما حجاج الدول الإفريقية فيتحدث أغلبهم الفرنسية وقليل منهم يتحدث العربية، وهناك الحجاج من الجاليات الأجنبية فيتحدثون العربى المكسر (القادمين من دول شرق آسيا) أما العاملين فى السعودية فمعظمهم من الهند أو باكستان أو بنجلاديش، ونادرا منهم من يتحدث العربية، فنجد من يتحدث بعض الكلمات المكسرة سواء العربية أو الإنجليزية. 

اللغة العربية هى لغة القرآن وهى اللغة التى تتحدث بها أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهي أكثر اللغات تحدثاً ونطقاً ضمن مجموعة اللغات السامية، وهي لغة الصلاة وأساسية في القيام بالعديد من العبادات والشعائر الإسلامية، وإحدى أكثر اللغات انتشاراً في العالم، يتحدثها أكثر من 467 مليون نسمة، ويتوزع متحدثوها في الوطن العربي، بالإضافة إلى العديد من المناطق الأخرى المجاورة كالأحواز وتركيا وتشاد ومالي والسنغال وإرتيريا وإثيوبيا وجنوب السودان وإيران. 

العربية هي أيضاً لغة شعائرية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في الوطن العربي، كما كتبت بها كثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى، وارتفعت مكانة اللغة العربية إثر انتشار الإسلام بين الدول إذ أصبحت لغة السياسة والعلم والأدب لقرون طويلة في الأراضي التي حكمها المسلمون، وللغة العربية تأثيراً مباشراً وغير مباشر على كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي، كالتركية والفارسية والأمازيغية والكردية والأردية والماليزية والإندونيسية والألبانية.

كل هذا ونحن نشعر بغربة اللغة العربية فى بلداننا العربية، خصوصا مع استخدام الشباب "الفرانكفوآرب" أى كتابة اللغة العربية بحروف لاتينية، وهذا ما يعد تدميرا كبيرا للغة العربية، التى يجب أن نهتم بها وأن تكون مدعاة للفخر والافتخار.

لنكون فخورين بعروبتنا ونتحدث العربية ونتعلمها ونعى أن لغتنا تعنى هويتنا وأن الحفاظ على اللغة العربية بمثابة حفاظ على هوية هذا الوطن والحفاظ على تاريخه وحضارته من الاندثار. وفى إطار احتفال وزارة الثقافة المصرية بمرور 60 عاما على إنشائها أدعوها أن تجعل العام القادم عام الاهتمام باللغة العربية لنحافظ على وطننا وتقاليده.
 

الأهرام