لولوة الخاطر لـ الشرق: قطر صاحبة أياد بيضاء في حماية اللغة العربية

سمية تيشة

 

ناقش المشاركون في ندوة "قراءة في قانون حماية اللغة العربية في دولة قطر " التي نظمتها مكتبة قطر الوطنية، مساء أمس، جملة من القضايا والسياسات والإجراءات المتعلقة بقانون حماية اللغة العربية، والذي صدر يناير 2019، بهدف زيادة استخدام اللغة العربية في الحياة المهنية والمطبوعات الرسمية.

وتناولت الندوة - التي جاءت بالتعاون مع مبادرة الأدب القطري- الواقع اللغوي في قطر الذي استدعى إصدار قانون لحماية اللغة العربية، وأبرز المشكلات والآمال المنعقدة على قانون حماية اللغة العربية، إلى جانب الحقوق والواجبات والإجراءات الواجب اتباعها في حال التخلف عن تطبيق القانون.

وثمَّن المشاركون الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة في حماية اللغة العربية، وإصدار قانون بشأنها، فضلاً عن تأسيس المنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية، والعمل على معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، إلى جانب إطلاق العديد من المبادرات التي تعزز اللغة العربية وتحافظ على استمراريتها.

قالت سعادة السيدة لولوة الخاطر، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، في تصريحات خاصة لـ(الشرق)، إن قانون حماية اللغة العربية، لم يتم إصداره من فراغ، بل جاء نتيجة إدراك القيادة حول الحاجة الحقيقية إلى هذا القانون، لافتة إلى أن اللغة تعد حاضنة الهوية، وأنه لا يمكن المحافظة على الهوية دون المحافظة على اللغة العربية.
وأضافت " المسألة تحتاج إلى تفعيل، وتحتاج إلى نوع من التفاهم وتضافر الجهود، فهذه المسألة ليست مسألة إلزام وإجبار بل مسألة تتطلب أن يدرك الجميع أن هناك حاجة للمشاركة، وأننا جميعا يجب أن نعمل بشكل جماعي لسد الثغرات الموجودة"،

مشيرة إلى أن كل فرد من أفراد المجتمع يقع عليه دور في حماية اللغة العربية، وحماية هويته وثقافته، وكذلك دوره في الأسرة وفي المساحات التي يتحرك فيها..
وشددت على دور الأب والأم في تنشئة الأبناء، وفكرة الاعتزاز باللغة العربية، والافتخار بها، مشددة على أهمية الاعتزاز باللغة العربية، "وأن لا نخجل من لغتنا العربية بل نعتز بها، فهي نقطة البدء"،

لافتة إلى أن دولة قطر لها آيادٍ بيضاء فيما يتعلق باللغة العربية بالخارج، وأن هناك محاولات لتفعيل مثل هذه الأفكار داخل الدولة وسوف تكلل هذه الجهود بالنجاح.

النهوض باللغة العربية

وأوضحت السيدة عبير الكواري، مدير شؤون خدمات البحوث والتعلم بمكتبة قطر الوطنية، أن المكتبة تضع ضمن أولوياتها اللغة العربية، بطرح برامج للغة العربية، ومن ثم اللغات الأخرى.

وقالت " نحن في مكتبة قطر الوطنية نعمل على تجسيد قانون حماية اللغة العربية، في برامجنا وفعالياتنا كلما سنحت الفرصة لذلك، إيماناً منا بمكانة اللغة العربية التي تعد نبراساً لثقافتنا الأصيلة،

بل نتخطى ذلك إلى تبني الثقافة العربية حتى في طريقة عرض الكتب على أرفف مكتبتنا التراثية، حيث تصفف الكتب التراثية والمخطوطات لدينا بالطريقة العربية الأفقية لضمان المحافظة عليها لمدة زمنية أكثر وهو ما تتميز به المكتبة عن سائر المكتبات الأخرى"، لافتة إلى أن المكتبة تضع ضمن أولوياتها اقتناء الكتب باللغة العربية في شتى المجالات والعلوم المعرفية بالرغم من ضعف النشر باللغة العربية مقارنة باللغات الأخرى.

وأضافت " إدراكاً لمسؤوليتنا تجاه التنوع الثقافي في قطر، تهتم المكتبة بطرح البرامج باللغة العربية إضافة إلى اللغات الأخرى، كما توفر خدمات الترجمة الفورية لأغلب البرامج التي تطرح بغير اللغة العربية للتركيز على أهمية اللغة العربية وتعزيز استخدامها" موضحة أن قانون حماية اللغة العربية هو أفضل تأطير قانوني للجهود المبذولة والمأمولة في دولة قطر للنهوض باللغة العربية وأهمية تعزيزها لتحتل مكانتها العريقة في المجتمع".

الاعتزاز بالهوية

السيدة هيا الدوسري، مؤسس مبادرة الأدب القطري، أوضحت أن المجتمعات بحاجة دائمة إلى أجيال تتحلى بروح الاعتزاز بالهوية المشتركة التي تكمن في اللغة العربية ومهارات الانفتاح البناء على الآخر، أيضاً بحاجة إلى كل من يمتلك التفكير النقدي وأدوات التأصيل المعرفي الذي يسهم إسهاماً فعالاً في فهم قضايا الأمة المعاصرة، لافتة إلى أن رؤية مبادرة الأدب القطري تتمثل في فضاء ثقافي وفكر مؤصل.

وقالت " تجمع مبادرة الأدب القطري تحت مظلتها مجموعة من المتخصصين والباحثين في قطر، فهي تعمل في مجالات عدة في حقول اللغة العربية والنقد والأدب والدراسات الثقافية والترجمة، ولا يخفي على أحد أهمية الحركة البحثية التي تستهدف المدونة القطرية في مجالاتها كافة وذلك للبحث من أهمية في النهضة الفكرية والحركة الثقافية بوجه خاص"،

مشيرة إلى أن هناك صعوبات جمة يواجهها الباحث في العثور على المصادر والمراجع التي يحتاجها في أثناء إعداد بحثه، وذلك على الرغم مما تبذله المؤسسات من جهد..

وأضافت "علينا نحن الباحثين في قطر أن نسعى ونعمل بشكل أكبر أفراد وجماعات على تهيئة قاعدة أكثر ثراء من المصادر والدراسات التي تتيح أفقاً أوسع"، موضحة بأن المبادرة تهدف إلى دعم المدونة الأدبية والنقدية وتعزيز حركة البحث وإتاحة فرص للنقاش في المجالات ذات البعد الأدبي والثقافي.

السياسات اللغوية

وشهدت الجلسات النقاشية، والتي شارك فيها كل من الدكتور علي الكبيسي، المدير العام للمنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية، والدكتور عز الذين البوشيخي، المدير التنفيذي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية، والدكتور حسن السيد، رئيس معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية بجامعة قطر، عدداً من المحاور سلطت الضوء على "اللغة والهوية"، و"السياسة اللغوية واجراءاتها"، و"اللغة والقانون".

وتحدث د.علي الكبيسي، عن الواقع اللغوي في قطر في شتى المجالات الحيوية "التعليمية"، و"الإعلامية"، و "الإدارية"، والصراع اللغوي الذي يواجه لغة الهوية جراء تحديات العولمة لا سيما الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتكنولوجية، لافتاً إلى أن اللغة العربية مكون رئيس من مكونات الهوية العربية، وإن إدراك العلاقة التفاعلية بين اللغة والهوية يتطلب وعيا لغويا سليما وغياب هذا الوعي هو السبب الرئيسي في عدم تقدير مكانة اللغة العربية وأهميتها.

وأشار إلى أهمية دور الأسرة في التنشئة اللغوية للطفل العربي، وأن للغة عدة مستويات وأن كل مستوى له خصائصه اللغوية ومقامه الاجتماعي الخاص به، موضحاً أن دولة قطر تبذل جهودا كبيرا في مجال حماية اللغة العربية.

واستعرض د. حسن السيد الحقوق الواجبات والإجراءات القانونية المترتبة على التخلف عن تطبيق قانون حماية اللغة العربية.

د.عز الذين البوشيخي تطرق إلى مفهوم السياسة اللغوية والتخطيط اللغوي وواقعهما في قطر قبل قانون حماية اللغة 2019، والآمال المتوقعة بعد إصدار القانون، حيث تحدث عن كيفية التخطيط لتطبيقه والجهة المخولة بالتخطيط لترتيب المشهد اللغوي في البلاد إلى جانب العديد من القضايا المتعلقة بالسياسة اللغوية.
 

الشرق