تطوير تعليم اللغة العربية

 

الاهتمام بتطوير تعليم اللغة العربية في مدارس الدولة، يشكل أولوية متقدمة لدى القائمين على العملية التعليمية بمراحلها المختلفة، ليس فقط لأنها تعد رمز الهوية الوطنية، وتجسد هوية دولة الإمارات وخصوصيتها الثقافية والحضارية والمجتمعية، وإنما أيضاً لتراجع مستوى كثير من الطلاب في اللغة العربية بصورة واضحة، وتفضيلهم اللغات الأجنبية في تعاملاتهم اليومية. ولعل هذا يفسر حالة التفاعل المجتمعي الكبيرة، مع تغريدة معالي حسين الحمادي، وزير التربية والتعليم، عبر حسابه على تويتر، مؤخراً، التي أكد خلالها: «أن تحسين تدريس اللغة العربية قضية مهمة ووطنية، وهدفنا وضعها في مسارها الصحيح، تمهيداً لتحقيق رؤية الدولة وتوجيهات القيادة الرشيدة لترسيخ العربية لدى الأجيال، باعتبارها منبعاً للثقافة، ومصدراً للعلم، ومحطة نستأنف من خلالها مسيرتنا وإرثنا الحضاري والإنساني»، حيث أيد العديد من أفراد المجتمع رؤية معاليه في تطوير اللغة العربية في المدارس الحكومية والخاصة، وقدموا العديد من المقترحات الإيجابية في هذا السياق، من بينها تطوير أسلوب تدريس اللغة العربية بعيداً عن التلقين والأسلوب التقليدي، وإدخال القصص الهادفة خاصة في المراحل الأولى، تجنباً لإصابة الطالب بالملل أو ابتعاده عن اللغة العربية، واستبدالها بلغات أخرى في حواره اليومي، والاستعانة بوسائل التكنولوجيا في تدريس اللغة العربية، بالإضافة إلى الاعتماد أكثر على تطوير المهارات السمعية والكتابية، وتشجيع الطلاب على الكتابة باللغة العربية.

هذا التفاعل الإيجابي، من جانب أفراد المجتمع مع جهود ومبادرات تطوير تعليم اللغة العربية في مدارس الدولة المختلفة، الحكومية والخاصة، إنما يعبر عن الوعي بأهمية العمل على تمكين الطلاب من اللغة العربية، والإلمام بأدواتها المختلفة، خاصةً إذا ما تم الأخذ في الاعتبار هجرة نسبة كبيرة من الطلاب المدارس الحكومية إلى المدارس الأجنبية الخاصة التي تتزايد بصورة مطردة، وتلقى إقبالاً كبيراً، الأمر الذي يمثل تحدياً أمام اللغة العربية، وخاصةً أن هذه النوعية من المدارس تركز بالأساس على تعليم اللغات الأجنبية على حساب اللغة العربية الأم، والأخطر أنها تكرس لثقافات وقيم مختلفة قد لا تتناسب مع عادات وتقاليد المجتمع، وهو ما يؤكد أهمية الجهود التي تبذلها وزارة التربية والتعليم لتطوير اللغة العربية، والنهوض بها، حيث تستهدف هذه الجهود - كما أوضح معالي حسين الحمادي - تمكين لغة الضاد من خلال إطلاق البرامج والمبادرات التي تثري قيمة اللغة العربية، منها اختبار الإمارات القياسي للغة العربية EmSAT، الذي يزود صناع القرار التربوي بالبيانات المرتبطة بالعربية، ومدى مطابقتها مع السمات المنشودة للطالب الإماراتي، عبر امتلاكه مهارات القرن الحادي والعشرين.
لقد كان مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية سباقاً قبل سنوات في تناول هذه القضية الحيوية، ونظم عام 2008 مؤتمراً متخصصاً، تحت عنوان «اللغة العربية والتعليم: رؤية مستقبلية للتطوير»، للوقوف على التحديات التي تواجه تعلم اللغة العربية، وتقديم الدراسات والبحوث، وعرض بعض التجارب الناجحة: العربية والعالمية، التي تمكنت من المحافظة على اللغة ومنع تشويهها، وقد خرج هذا المؤتمر بالعديد من المقترحات المهمة التي تضمن الحفاظ على اللغة العربية وتفعيلها، كتطوير المناهج الملائمة لتعليم اللغة العربية في جميع المستويات التعليمية، سواء في المدارس أو في الجامعات أو في الاستخدام اليومي في وسائل الإعلام المتنوعة من صحف وإذاعات ومحطات تلفزة ومواقع الإنترنت التي بدأت بالفعل تؤثر في استخدام اللغة العربية، سواء في الشكل أو المضمون أو حتى في التحول إلى إحلال اللغة الإنجليزية بديلاً عنها. وفضلاً عن ذلك يقدم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ضمن أنشطته دورات باللغة العربية للناطقين بغيرها، وذلك من منطلق إيمانه بأهمية اللغة العربية، ودورها في تعزيز الهوية الوطنية.
 

الاتحاد