للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي التاسع للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

في اليوم العالمي للغة الأم... لمَ نرفض الاحتفاءَ بلغتنا؟

أ. سلوى أبو شقرا

 لا نعلم ما إذا كان بالإمكان لوم العولمة التي تهدد 600 لغة في العالم بالاندثار، أم نلوم أنفسنا على عدم تقدير لغة ننطق بها. #العربية التي بتنا نتخلى عنها شيئاً فشيئاً هي "اللغة الأم" بالنسبة إلينا، ويحتفل في يوم 21 شباط من كل عام وفق إعلان منظمة "اليونسكو" بهذا اليوم في مسعى لتعزيز الوعي حول التَنوع اللغوي والثقافي وتعدد اللُغات. فما هو حال هذه اللغة؟ وهل هي إلى اندثار؟ وهل نعتبر في مجتمعنا اللبناني أننا منفصلون عنها؟

 
رصانة اللغة حاجة ماسة

"ما هي لغتنا الأم؟ هل هي اللغة الفصحى أم المتداولة في حياتنا اليومية"، تساؤلٌ يطرحه الإعلامي بسام براك في حديثه لـ"النهار"، "فلنحدد بدايةً ما هي اللغة، في البال والذاكرة الجماعية تربوياً اللغة الأم هي اللغة العربية الفصحى، وحياتياً هي اللهجات العامية، فلكل منطقة وقضاء ومحافظة لكنة معينة. على هذا الأساس بأي لغة نحتفل اليوم؟ شخصياً أحتفل باللغة الفصحى، المجتمع اللبناني اليومي يحتفل بالعامية التي أعتبرها مجموعة لهجات لم تتمكن في سفرها إلى الخارج من التواصل والتفاهم مع الآخرين إذ إنَّنا في المؤتمرات ومن خلال المنابر نتكلم وننهج من اللغة الفصحى، ولولا اللغة العربية لكنتُ على قارعة الحياة في العمل والكتابات، لذلك أعتبر هذه اللغة جزءاً مني وأتمنى أن أكون جزءاً منها".

يعتبر براك أنَّ "اللغة الأم موضع خلاف ربما عقائدي عروبي، وهناك استثناء للبنان بأنه ليس بلداً عروبياً، في حين أن اللغة الأم في أي بلد عربي هي العربية. هذه اللغة في الكتب وعلى شاشات التلفزة والوسائل الإعلامية المحافظة على رصانتها اللغوية حاجةٌ ماسة. وتشهد هذه اللغة القهقرى والتراجع في مجتمعنا اللبناني وفي الاعلام. يُساء إليها وتُنتهك حرمتها، لا لأن الجو الإعلامي أو العام غير متخصص باللغة وهذا ليس مطلوباً، بل لأن الناطقين بها غير قادرين أولاً ولا يتمتعون بمهارة اللغة العربية فيتذرعون بأنهم غير مقتنعين، لو كانوا قادرين لكانوا اقتنعوا بها. فلنعكس المعادلة، صحافيو الزمن القديم في "النهار" من فؤاد سليمان وغسان تويني وشوقي أبي شقرا ومي منسى، أسماء لمعت آتيةً من عالم الشعر والأدب إلى عالم الصحافة الذي أصبح اليوم عالم اللغة السريعة المُستهلكة، لا بل اللا لغة، فلا معيار أو قاموس أو مراجع موحدة ما خلا الرقابة الذاتية أو بعض المؤسسات الحاضنة للغة العربية".

خلطة يسمونها لغة بيضاء وأسميها رمادية

نسأله عن ابتعاد اللبنانيين عن لغتهم الأم ومفاخرتهم بالتكلم بالأجنبية؟، "الأهل يرون المثال إن بنشرات الأخبار المرئية أو المسموعة ويشهدون أن هذه اللغة لا يُتداول بها إلا في جزء يسير الحال ضمن نشرات الأخبار. وهذه النشرات غالبيتها بالعامية أو تطغى عليها الفصحى الخطأ أو الاستهتار بالفصحى، وتتحول المباشرة بين المذيع والناس أو الضيوف إلى خلطة يسمونها لغة بيضاء، وأسميها أنا لغة رمادية. لم يعد للأهل ثقة بأن هذه اللغة هي لغة حياة، لأن الإعلام هو المثال والقدوة. من الأساسي الإدراك بأنَّ اللغة هي المنبع إن من جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وتوفيق يوسف عوَّاد والذاكرة التوثيقية لبرامج تلفزيون لبنان وهي ضرورة وحاجة، لا أطلبُ التشدد في اللغة العربية ولكن على الأقل أن تفهم أن قانوننا ودستورنا مكتوبان بالعربية وقد حاربَنا الانتداب الفرنسي لكتابته بالعربية. نعيش انفصاماً بين ما نكتبه وما نعيشه، فلنعترف بأن لغتنا العربية الفصحى هي لغتنا الأم، لغةُ الإنجيل والقرآن، ولنفتخر بلغتنا مثلما تفتخر شعوب الدول الأخرى بلغاتها التي يمكن من خلالها أن نقول أننا أبناء البلد الواحد. اللغة العربية هي الرحمُ الأولى التي منها ولدنا، ويجب أن نجلس أمام كرسي الاعتراف ونصرّح بأننا أخطأنا في حق هذه اللغة التي توحدنا على عكس العامية التي تجعل الناس مختلفين".

السرُّ يكمن في يدِ الخطاط

الخط العربي جزءٌ من هويتنا ويشهدُ اندثاراً أيضاً حوَّله من مهنة إلى هواية، محمد أبو عبيد إعلامي في استوديو "الحدث" امتلك منذ صغره موهبة الخط العربي، الموسيقى والشعر، هو الذي نشأ في فلسطين المحتلة، منعته ظروف الاحتلال من تنمية موهبته أو الدخول إلى معاهد فوجد نفسه منعزلاً ومنحصراً. وعلى الرغم من تعلمه الخط العربي عبر كراسات في عام 1996 إلا أنه انقطع عن هذه الهواية ليعود إليها كما يخبر في حديثه لـ "النهار" أواخر عام 2013 "كعودة العاشق إلى عشيقته". عملهُ الإعلامي ساعده في نشر جمالية الخط العربي عبر "فايسبوك" و"تويتر" فاحترف هذه الهواية وحصل على 3 شهادات.

في اتصال معه يقول أبو عبيد أنَّ "الحرف العربي جزء أصيل من أصالة اللغة العربية، نحن كعرب محظوظون بأن الحرف العربي يختلف عن بقية حروف لغات العالم، حيث لا تتمتع خطوط حروف تلك اللغات بالانسيابية والشكل الجميل. يرجع السبب إلى أنَّ العرب لم يمتلكوا ثقافة رسم أو نحت، فركزوا الاهتمام على الحرف الذي تطلب تطوره سنوات ومراحل، مما جعلهُ فناً قائماً بحد ذاته ويدرَّسُ في الجامعات. وفي عهد الخلافات المتتالية بدءاً من العباسيين حيث تطور الحرف العربي وصولاً إلى العصور الأخرى كالفاطميين والعثمانيين كان الخطاط يحظى بحظوةٍ كبيرة لدى الحاكم، الذي كان يُمسك له المحبرة بغية تعلم الكتابة".

يجد أبو عبيد أنَّ "شبكات التواصل أعادت المجد لفن الخط العربي الذي أثار شهية العاشقين لهذا الجمال وحماستهم لتعلمه. تجربتي مكَّنت الناس من التعرف إلى وجهيَ الآخر غير الإعلامي، بدأ البعضُ بالتعرف إلى أنواع الخطوط بسبب تغريداتي. وثورة الكمبيوتر على الرغم من أهميتها لم تخف وهجَ هذا الخط وكثُرَت محاولات إدخال برامج الخط العربي في الكمبيوتر لكنها لم تنجح، لسببين، الأول في أنَّ جمالية الحرف العربي تعتمد على يد الخطاط والحس الإنساني، فالسر كامنٌ في يد الخطاط الذي لم يتوصل الكمبيوتر إلى اكتشافه بعد. ومهما حاول الشخص التعلم عبر يوتيوب أو من خلال الكتب تبقى يد الخطاط هي الأساس. والثاني، إن لم يكن مستخدم هذه البرامج المُمكننة خطاطاً لا يمكنه التمييز بين هذا الخط أو ذاك، إذ إن المسألة تحتاج إلى إلمام. والحرف العربي بجودته وفنيته يحتاج إلى نفس إنساني ويد بشرية لا يمكن أن تحتل مكانها أداة إلكترونية".

اللغة العربية، لغة الضاد الغنية بالمرادفات والمعاني، لغة الملاحم والشعر، وأحد العناصر الرئيسية للثروة الثقافية والفلسفة والآداب والفنون. هذه اللغة التي تواجه منافسة شديدة في ظل العولمة المتزايدة التي يشهدها العالم تبقى لغتنا الأم في المنابر العالمية، ووجب علينا الافتخار بها والمحافظة عليها والاحتفال بها مثلما تحتفي شعوب الدول الغربية والآسيوية وغيرها بلغاتها.
 

النهار

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية