للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي التاسع للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

التـاء المربـوطة

أ. عبد الناصر سلامة

 

لا أدرى من هو الخبير المخيبر المتخيبر الذى اخترع حكاية التاء المربوطة فى مؤتمر (مصر تستطيع بالتاء المربوطة)، معتبراً أن التاء المربوطة دلالة على المرأة، كبديل لنون النسوة، التى تعارفنا عليها وتعارفت عليها اللغة العربية قبلنا بسنوات وعقود وقرون طويلة، المؤتمر لم يكن كمؤتمرات بير السلم مثلاً حتى يمكن تجاهله أو اختيار أى اسم غير مدروس الأهداف والقواعد اللغوية والعلمية، إنما كان تحت رعاية رئيس الجمهورية، وافتتحه رئيس الوزراء، ونظمته وزارة الهجرة، وشهده سفراء الدول الأجنبية، واستمر على مدى يومين، وشهد ٦ جلسات حوارية، ونال تغطية إعلامية كبيرة، ذلك أنه عُقد بفندق الماسة، وما أدراك ما الماسة!

المؤتمر كان حول دور المرأة فى تحريك مصر، هذا هو التعبير الذى تم استخدامه «تحريك مصر»، خرج بتوصيات غريبة لم أستطع استيعابها، ربما لأنها أكبر من حجم وسعة الاستيعاب لدينا!!، المجلس القومى للمرأة كان فاعلاً فى المؤتمر، وما أدراك أيضاً ما المجلس القومى للمرأة!، تم تكريم عدد كبير من المشاركات، لا أدرى أيضاً ماذا قدمن، ما حجم ما تم إنفاقه على المؤتمر، وما الهدف الأساسى من انعقاده، ولماذا فى هذا التوقيت، وما سر هذا الاهتمام!، كلها أسئلة يمكن أن تجد إجابات مستقبلاً.

إلا أننا يجب أن نتوقف أمام تلك التاء المربوطة التى تم اعتمادها بديلاً لنون النسوة، فى عبثٍ واضح بقواعد اللغة العربية، وصمت مطبق من مجمع اللغة العربية، ذلك أننا لم نعتد الإشارة للنساء بالتاء المربوطة أبداً، وإلا فماذا نرى فى هُدَى وأسماء وداليا وشيرين ونيفين وإيمان ومنى وهناء وسلوى وغيرها من معظم أسماء النساء التى لا تتضمن فى نهاياتها التاء المربوطة، فى الوقت نفسه كيف ننظر إلى عطوة وجمعة وحسونة وأسامة وسلامة وحمادة وشحاتة وفودة وعرفة وحمزة وغيرها من أسماء الرجال التى تنتهى بهذه التاء.

فى وطن يتحدث عن تقشف وضغط نفقات، أعتقد أن أى إنفاق من أى نوع يجب أن يكون محسوباً، وفى وطن تخيّم على الرأى العام فيه نظرية المؤامرة، لا يجب أبداً العبث بقواعد اللغة، ولا ثوابت الدين، ولا قدسية الأرض، ولا شرف العرض، وفى وطن يعانى من نقص الاستثمارات الداخلية وندرة الخارجية، كان يجب البحث فى هذا الاتجاه، وهو كسب ثقة الناس داخلياً وخارجياً، وفى وطن يئن من الفقر، وتعانى النسبة الأكبر منه الآن ضيق ذات اليد، كان يجب التركيز على مؤتمرات تعالج مثل هذه المشكلات والظواهر الآخذة فى التفاقم والاتساع.

استخدام تعبير التاء المربوطة كعنوان لمؤتمر دلل على العشوائية فى كل شىء: فى الفكر، فى التخطيط، فى اختيار الموضوعات، فى اختيار الضيوف، فى قضايا المناقشة، فى التوصيات النهائية، فى الهدف من المؤتمر أساساً، وكان يمكن أن يمر كل ذلك دون اهتمام، إلا أن تلك التسمية التى جاءت فوق العادة قد نبهت إلى أن العشوائية أيضاً فوق العادة، لذا كانت كل هذه الانتقادات والتعليقات الساخرة، حتى إن الغالبية لم تستطع استيعاب الأمر مبكراً على أنه مؤتمر أو ندوة أو شىء من هذا القبيل، ذلك أنه بدا كفزورة أو مسابقة أو على أقصى تقدير إعلان لمنتج جديد بالأسواق، حتى لو كان فنكوش ٢٠١٧.

أعتقد أنه يجب أن تكون هناك جهة ما تخضع لها مثل هذه المؤتمرات، بالتنسيق، بالتجهيز، بالدراسة، بالبحث، بالمشورة، ذلك أننا قد نفاجأ بأكثر من مؤتمر فى نفس الاتجاه، وقد حدث ذلك كثيراً من قبل، قد نفاجأ بالتوصيات نفسها، تصدر من هنا وهناك فى آن واحد، وقد حدث ذلك كثيراً من قبل أيضاً، وقد نفاجأ بالأبحاث والدراسات نفسها مقدمة هنا وهناك نتيجة وجود نفس المدعوين، وقد تكرر ذلك كثيراً، إلا أن الجديد هو أن نجد تسمية لمؤتمر لم تحصل على حقها من البحث، بل تعبث أحياناً بقواعد اللغة أو قواعد الدين أو حتى القواعد المجتمعية عموماً، وهو الأمر الذى يحتاج إلى إعادة نظر شاملة.

وفى هذا الصدد سوف أتذكر هنا آية من القرآن الكريم، الذى نزل بلسان عربى مبين، ربما توضح أمر نُون النسوة الذى يبدو أنه لا يروق لمنظمى المؤتمر، وهو قول الله سبحانه: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ) سورة الطلاق، وفِى آية أخرى: (وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا* يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا* وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولى وأقِمْنَ الصَلاةَ وآَتِيِنَ الزَكاةَ وأَطِعْنَ الله ورَسوُلَهْ) سورة الأحزاب.

على أى حال، إذا كانت التاء فقط هى المربوطة، فالأمر ليس صعباً، سوف يتم حلها عاجلاً أو آجلاً، إلا أن ما نخشاه أن تكون المشكلة أكبر من ذلك.

المصري اليوم

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية