للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

أصل لغات العالم

أ. حسن فتحي

 في رسالة خطيرة وصلتني عبر وسائل التواصل الاجتماعي يتحدث صاحبها عن النظرة الدونية التي تصل حد العنصرية البغيضة التي يحملها كثير من المصريين، تجاه لغتنا العربية..


أنقلها هنا بتصرف عن مُرسلها، مع تعديلها إلى العربية الفصحى، طالما نحن نتحدث عن مدى الظلم الذي تعانيه لغتنا الجميلة بأيدينا نحن لا بيد غيرنا..
 
يقول كاتب الرسالة" من خلال جولة بين عدد من المدارس الدولية، اكتشفت خللًا في مجتمعنا، أنا لن أتكلم هنا عن التعليم، بل عن ظاهرة رأيتها بوضوح، دعنا نتفق في البداية على أن اللغة الإنجليزية هي لغة العلم والتكنولوجيا، ومن لا يحاول تعلمها وتعليمها لأولاده يحرمهم من فوائد وفرص كثيرة"..

"أول شيء صدمني، هو أن في الـ Orientations أو الاجتماعات الكبيرة التي تنظمها المدارس للآباء والأمهات بهدف تعريفهم بالمدرسة وخدماتها، لا يتحدث المدرسات أو المشرفون إلا بالإنجليزية، والحضور - المصريون كلهم بلا شك - لو أرادوا استفسارًا فباللغة الإنجليزية، مع أنه لم تشترط عليهم ذلك إدارة المدرسة، بعض الناس كانت تنطق الإنجليزية بصعوبة، ومع ذلك أصروا أنهم "ما يتكلموش عربي!" مع إن المشرفة التي تتكلم مصرية اسمًا وشكلًا وموضوعًا، ومن يسأل مصري حتى النخاع، وكذلك المستمعون كلهم مصريون أبًا عن جد.

الموضوع لفت نظري لدرجة إني قلت: ربما يكون بين الحاضرين أجانب، لكن كل الحضور كانوا مصريين، فلماذا بحق الجحيم اثنان مصريان يتحدثان إلى بعضها بلغة ثانية! هل يحدث ذلك في أي بلد أو كوكب أو مجرة أخرى؟ وما هي نوع الإهانة التي يشعر بها المتحدث باللغة العربية أو المستمع لها؟"

السؤال الأسوأ الذي سأله أحد الآباء ولم يدر أنه يحمل في طياته الكثير من الإهانة والاحتقار للسائل نفسه بجانب أكثر من 90 مليون مصري.. السؤال هو: "المدرسين كلهم أجانب واللا فيه مصريين؟".. وإجابة المُشرفة غالبًا جاءت في سياق أنه "ماتقلقوش معظمهم أجانب، ولو فيه مصريين فعددهم قليل ولو شفتوهم مش هاتعرفوا إنهم مصريين من كُتر ما همَّ عاملين نفسهم أجانب!"

أكتفي بهذا القدر المؤلم من هذه الرسالة التي تُكرس حالة الاغتراب واحتقار الذات؛ سواء بشكل واعٍ أو غير واعٍ بدرجة تكفينا القول أننا بلغنا الدرك الأسفل من الهزيمة الحضارية للغتنا العربية، وتعاملنا معها بعنصرية شديدة، وتناسينا أن العربية ليست مجرد لغة، بل هي هويتنا، وقبل كل شيء هي لغة القرآن الكريم، والتي تعهدها رب العزة بالحفظ بقوله تعالي: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"، فضلًا عن أنها لغة أسمائنا وأسماء أجداد أجدادنا وعلمائنا، ومخارج ألفاظنا ونجاحاتنا وتاريخنا كله، وهي سادس أكثر لغة منطوقة أو مستخدمة في العالم، وهي واحدة ضمن اللغات الست الرسمية في الأمم المتحدة..

هكذا نحتقر بكل أسف لغتنا، في حين أن لغة مثل العبرية أحيتها إسرائيل من العدم؛ لأنها لغة كتابهم المُقدس، ويرون فيها حفاظًا على هويتهم!

هذه الرسالة الكارثية عن واقع لغة الضاد بين أبنائها، استغرقت وقتًا طويلًا في البحث والتنقيب للرد عليها، فلم أجد لا أروع ولا أجمل من الإشارة إلى مقالة كتبها العالم الراحل الدكتور مصطفى محمود دفاعًا عن لغتنا الجميلة، مؤكدًا أنها أصل كل لغات العالم..

فبعد بحث طويل وتدقيق في أصل اللغات وعلاقتها باللغة العربية، وجد ضالته في كتاب عنوانه "اللغة العربية أصل اللغات".. والكتاب بالإنجليزية والمؤلفة هي الدكتورة تحية عبدالعزيز إسماعيل الأستاذة المتخصصة في علم اللغويات، والتي قضت عشر سنوات تنقّب وتبحث في الوثائق والمخطوطات والمراجع والقواميس؛ لتصل إلى هذا الحكم القاطع.. بأن اللغة العربية هي أصل لغات العالم..

لماذا خرجت المؤلفة بالنتيجة القاطعة أن اللغة العربية كانت الأصل والمنبع، وأن جميع اللغات كانت قنوات وروافد منها؛ تقول المؤلفة في كتابها:

إن السبب الأول هو سعة اللغة العربية وغناها وضيق اللغات الأخرى وفقرها النسبي؛ فاللغة اللاتينية بها سبعمائة جذر لغوي فقط، والساكسونية بها ألفا جذر! بينما العربية بها ستة عشر ألف جذر لغوي، يضاف إلى هذه السعة سعة أخرى في التفعيل والاشتقاق والتركيب..

ففي الإنجليزية مثلا لفظ Tall بمعني طويل والتشابه بين الكلمتين في النطق واضح، ولكننا نجد أن اللفظة العربية تخرج منها مشتقات وتراكيب بلا عدد "طال يطول وطائل وطائلة وطويل وطويلة وذو الطول ومستطيل.. إلخ، بينما اللفظ الإنجليزي Tall لا يخرج منه شيء".

والملاحظة نفسها في لفظة أخرى مثل Good بالإنجليزية وجيد بالعربية، وكلاهما متشابه في النطق، ولكننا نجد كلمة جيد يخرج منها الجود والجودة والإجادة ويجيد ويجود وجواد وجياد... إلخ، ولا نجد لفظ Good يخرج منه شيء!

الكتاب ثروة أكاديمية وفتح جديد في علم اللغويات يستحق أن يُلقى عليه الضوء، ومن الضروري أن يأخذ مكانه بين المناهج التعليمية في مصر، وأن يجد طريقه إلى عقول وقلوب المصريين الذين يسعون للتبرؤ من الكلام بالعربية، حتى لو نطقوا "إنجليزي مكسر"..
 

الأهرام

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية