للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي التاسع للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

الهريس: اللغة طقس تاريخي وأضفت البيسان إلى بحور الشعر

إبراهيم السواعير

 

يشتغل الشاعر الإماراتي نايف الهريس على حفظ لغة الضاد بما يكتبه من أشعار، وينطلق من أنّ الشعر العمودي له قواعد وأسس بني عليها منذ بدايته، ملتزماً بذلك، إذ « قد تكتب كلاماً جميلاً وغير موزون وقد يكون في جمال الشعر أو أكثر ولكن يبقى الشعر شعراً والنثر نثراً». ويضيف الهريس الذي شارك في غير أمسية في الأردن، لـ «الرأي»، أنّه التزم الكتابة على الشعر العمودي متحيزاً للغة الفصحى، انطلاقاً من أنّها لغتنا العربية الأصيلة، معرباً عن أسفه لأن هذه اللغة ومنذ زمن ليس ببعيد كانت تحتوي على 12 مليون مفردة ونيّف، بينما نصف المفردات اليوم أهملت أو هي في طريقها إلى الإهمال، ولذلك يتعمد أن يدخل بعض المفردات المهملة لإعادة ما فُقد من ثروة اللغة العربية وقيمتها، ناصحاً الشعراء أن يدخلوا ولو كلمة على الأقل من هذه الكلمات المنسية في لغتنا الجميلة. ولا يخشى الهريس من ألا يفهمه القراء من خلال هذه الألفاظ المعجمية، موضّحاً أنّ لديه خلطة سحرية تجعل اللفظة تنسجم أو تندغم في سياقها، بحيث تبدو ليست غريبة وسهلة الفهم والوصول للقارئ. ولأنّ العلم يؤتى ولا يأتي، يقول إنّه إذا انخفض أو نزل في شعره ليفهم المتلقي فسينزل باللغة والأدب بالتأكيد، فضلاً عن استمرار الخلط الاجتماعي الموجود، الذي بسببه تتلاشى كنوز اللغة العربية، لنفقد هذه اللغة في نهاية المطاف، حيث «كل خطوة في النزول تؤدي باللغة إلى أن تزول!». ويستدعي الهريس في مشروع حفاظه على اللغة العربية طقوساً تاريخية، وتحديداً طقوس العباسيين في إلقاء الشعر، لإعادة إحياء الظرف التاريخي قيد الحفاوة، كأن يتقمص زي أمير الجلسة الشعرية العباسي مثلاً، في حرص لا يمنع مرونة السير الطبيعي للأمسية، وفي ذلك يقول إنّ الشباب العربي تقريباً أبعد عن ذاكرته ماضينا الجميل، مؤكّداً أنّ هذه الطقوس ترشد هذا الجيل المثقف إلى ثقافة أصيلة، فهي خطة لإعادة البريق الجميل للماضي في الشكل والحركات والطقوس والتنظيم كما كان الشعراء يلقون ويحتفون في العهد العباسي بالشعر، لأنّ الشعر في العهد العباسي بلغ أعلى مستوى في الشعر العربي لوجود عمالقة الشعر فيه. وحول طريقته اللافتة في الإلقاء، يرى الهريس أنّ على الشاعر أن يعيش الظرف النفسي عند القراءة، منتقداً بعض الشعراء الذين يبدون وكأنهم يقرأون مقالة نثرية أو كلاماً في نشرة أخبار، مضيفاً أنّ طبيعة الشاعر الحقيقي تجعله يستنبط كلماته من الشعور والإحساس، فيكون من الأجمل والأفضل أن يصور هذا الإحساس في انفعالاته مع المعاني عند الإلقاء، إذ يستطيع أن يجتذب الجمهور حتى لو كانت كلماته صعبة يطرب عليها ويفهمها ولو من الإحساس. ويروي الهريس أنّه قرأ في ملتقى «قلب الشاعر» الذي تنظمه اليابان في عدة دول، حيث ألقى قصائد ذات معنى اجتماعي في الملتقى الذي نظم في دبي بالإمارات، فكان شعره كما يقول يترجم إلى الانجليزية، مع أنّه فوجئ بأن الجمهور فهمها منه نتيجة للإحساس والتفاعل. ويتداول الهريس في مواضيع شعره ما ينطق باسم المجتمع وما يتفاعل معه الجمهور، في مواضيع سياسية واجتماعية وغزلية أو مواضيع في النصائح، ناصحاً بالغزل الذي هو إحساس عاطفي موجود عند البشر أصلاً، «فمن ليس لديه عاطفة فليراجع الطبيب». يقول الهريس إنّه اكتشف بحر البيسان في الشعر، مبيناً أنّ هناك تفاعيل قديمة وجدها، وكتب عليها أبو العتاهية الذي كان يمتحن الشعراء بالتزامه بالتفعيلة دون تداخلات أو تغييرات، فكانت الصعوبة، حيث «استبسط الشعراء القوافي الخليلية الدارجة في الكتابة». ويوضّح الهريس أنّه فوجئ عند استخدامه هذه البحور بحلاوة ما يكتب من جمل شعرية، من مثل قوله «أنا من أنا أمي وروح أبي/ وأسمو بدين االله مثل نبي»، وهي الجملة التي بحث لأجلها في كلّ بحور الشعر فلم يجد لها تفعيلتها «فعولن مفاعيلن مُفاعلتن»، مؤكّداً أنه بهذا لا يتحدى وإنما وجد موسيقى جميلة تشنف الآذان مهما كتب عليها من ألفاظ صعبة. ويروي الهريس أنّه دخل عالم الشعر متأخراً بعد أربعة وستين عاماً، مستذكراً عمله في شرطة دبي، حيث تفجرت قريحته بأجمل الشعر للشيخ زايد، فكتب سجعاً انتشر وراق للجميع، فاستمر يتأثر بالشاعر حاكم دبي محمد بن راشد، ليخلو مع العروض أربعة أشهر، يدفعه لذلك أنّه «من حبّه لمحمد بن راشد حفظ العروض كلّه»، ما جعله يستند على أرضية صلبة في كتابة الشعر، إذ ملك عليه الشعر كلّ تفكيره ليجد نفسه وقد كتب ستة آلاف بيت في هذا العمر الذي وصل فيه إلى خمسة وسبعين عاماً. لا يفكر الهريس بكتابة الرواية أو القصة اعتماداً على لغته الفصيحة، مبيناً أنّ الطاقة الذهنية عند الإنسان محدودة، فإن توزعت على أكثر من شيء فلن يعطي أي شيء حقه ولو أجاد صاحب هذه الطاقة لأن التركيز يولد الإبداع. يكتب الهريس للإمارات وفلسطين والأردن، جامعاً كلّ هذا الإحساس في الانتماء بقصيدة قال فيها: «من فندوني برمز الحيّ لا عربي/ سلوا الشتات لبتر الأصل من لقبي/ وعربوني كسواحٍ بلا وطن/ بريشةٍ حبرت من كف مغتصب/ أقول دمّي وعرق الانتماء أبي/ والنبض فيه من الأعراق لم يغب». ويشارك الهريس في ملتقى اللغة العربية الذي يعقد في دبي كل عام، حيث يحضر شعره كموضوع للتأثير والدراسة والنوعية، حيث يقدّم مداخلتين في العام القادم، خصوصاً وأنّ غير العرب يكتبون الشعر المقفى والموزون في الصين والباكستان وبعض الدول الأجنبية. ويختم الهريس، الذي يحتضن كفاءات شعراء عرب وأردنيين في التعريف بهم عربياً وعالمياً، بتأكيده النهضة الثقافية عالية المستوى في الإمارت، مبيناً أنّ هناك حركة إنماء للغة العربية والفكر والحفاظ على لغة الضاد. 

الرأي

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية