للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

عربيتنا.. في يومها العالمي - 1

أ. أحمد نور الدين

 

يحل الثامن عشر من الشهر الحالي، ومنذ عام 1973، يومًا عالميًا للغة العربية، وفقًا لإصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190، احتفاءً واعترافًا وتحدثًا "بالعربية" ضمن إحدى اللغات الرسمية الست، فتقام الندوات والمؤتمرات احتفالًا وابتهاجًا بستنا "اللغة العربية"، ثم ينفض المولد.

لغتنا العربية - لغة القرآن الكريم- التي بينَّها ووضحها وأخبر عنها الله تعالى بمنطوقه: "بلسان عربي مبين"، وقوله: "وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا"، وقال فيها وعنها الصحابة واللغويون والأدباء، ما من شأنه رفعة قيمتها وجلاء مكانتها، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيها: "تعلموا العربية فإنها تُنْبِت العقل وتزيد فِي المروءة"، وقال عنها اللغوي الكبير الثعالبي في كتابه "فقه اللغة وسر العربية": "الإقبال على تَفهُّم العربية من الديانة؛ إذ هي أداة العالِم ومفتاح التفقه في الدين".

ومن سنن الله في خلقه، الميلاد والضعف، ثم القوة، ثم الضعف، ثم الموت، ونجد أن هناك لغات أيضًا تحققت فيها تلك السنن، فكانت ثم قويت، ثم ضعفت، فماتت، واندثرت، لفناء أهلها، كاللغات الهيروغليفية والفينيقية والسريانية، وكما يقول المفكر الإسلامي واللغوي الدكتور محمد داود الأستاذ بجامعة قناة السويس الخبير والعضو بمجمع اللغة العربية في كتابه "اللُّغَة كيف تحيا.. ومتى تموت؟!": "المشهد اللغوي عبر التاريخ البشري يؤكد حقيقة تاريخية، هي أن اللغة ترتبط بأهلها قوةً وضعفًا؛ فقوة اللغة من قوة أهلها، وضعفها من ضعف أهلها، ويقع بين اللغات ما يقع بين البشر من تصارع وحروب، ويكون نتاج ذلك إمَّا السيطرة، وإما التمازج والاقتراض بين اللغتين، وإما التعايش معًا جنبًا إلى جنب دون غالب أو مغلوب، والبقاء في النهاية يكون للأقوى".

وإذا كانت لغتنا العربية تمثل أحد أضلاع هويتنا العربية والإسلامية الثلاثة (العقيدة واللغة والتاريخ)، لاقترانها بكتابنا المقدس قرآننا الكريم، وهويتنا العربية، ووفق تلك الحقائق التي أقرها الدكتور داود، فلا عجب من أن نرى عبر صفحات التاريخ وسجلاته، تلك الحروب المستعرة، والنار المشتعلة التي وجهت ضد "عربيتنا"، وصدق الدكتور داود في قوله: "وفي معركة الحياة والوجود للعرب والمسلمين، ليست اللغة بمعزل عن الصراع، إنها في قلب الأحداث".

كما يذكر مؤكدًا الكاتب يسري الخطيب في مقاله "الحروب العالمية الكبرى ضد اللغة العربية لماذا؟!" بأخبار اليوم: "تعاني اللغة العربية من حرب منظمة تستهدف ليس فقط إقصاءها بل محوها وشطبها من خارطة اللغات الحية، ويتزعم هذه الحرب العرب أنفسهم عن قصد أو غير قصد، هذا التوجه أكدته منظمة اليونسكو التي أصدرت تقريرًا سنة 2009م ذكرت فيه أن 2500 لغة من 6000 لغة متحدثة في العالم مهددة بالانقراض من ضمنها اللغة العربية التي سيقتصر حضورها على المساجد وقراءة القرآن كما يرى بعض النقاد".

والتاريخ يقص علينا جهود "أتاتورك" في إلغاء اللغة العربية في علمنة تركيا، ومحاولات المستشرقين الجادة السادرة في مصر منذ مطلع القرن العشرين وقبله، مثل المستشرقين القاضي الإنجليزي دلمـور، ولويس ماسينيونكان، والإنجليزي دانلوب، والمندوب السامي البريطاني اللورد كرومر، ثم أذنابهم من دعاة التغريب، ومسح ومحو هويتنا من بني جلدتنا ولساننا، المؤمنين بأفكارهم، من ضرورة إحلال العامية بدلا من الفصحى، والعمل على إلغاء الأخيرة من مناحي الحياة الثقافية والاجتماعية والتعليمية والإعلامية، ومن كل واقع معيشتنا، وحتى الآن للأسف.

وفي المغرب العربي عامة، والجزائر خاصة، كانت هناك حرب أعنف شُنّت على العربية أيضًا من قبل المستعمر؛ حيث تم هدم المدارس التي تُدرِّس العربية، محلَّا بدلا منها مدارس تتخذ الفرنسية لغة للتدريس والمحادثة الحياتية، وكما تقول الكاتبة مفيدة قويسم في مقالها" اللغة العربية في الجزائر.. وصراع البقاء": "كانت حملاتهم ضد العربية منظمة وخطيرة؛ خاصة حين ركزوا على "الصحافة والتعليم" فهما الجسران القويان اللذان أرادوا عبورهما إلى ما يريدون كي يضمنوا لمخططاتهم سرعة الإنجاز".

وفى مصرنا أيضًا الحال والمآل يتماثل - مع اختلاف بسيط- على لغتنا ومثقفينا، حيث ثقافة اللغة الأجنبية المعتز بها، والجارين حبوًا وعدوًا إلى إتقانها لأبنائهم، وعبر التحاقهم بمدارس اللغات المختلفة، وحتى صحافتنا، غزتها اللغة العامية الركيكة، فصرنا نشاهد عناوين بعامية "شوارعية"، وعندما تنقد وتطالب بالرجوع الى لغتنا العربية الفصحى، يرد عليك بأن ما تقوله رجعية، وأنها مدارس صحفية لغوية حديثة، تساير العصر، وفكر وعقول شبابنا القراء، بالإضافة لإنشاء فضائيات وإذاعات تبث باللهجات العامية المختلطة بكلمات أجنبية، ناهيك عن لافتات المحلات الكبيرة، التي استبدلت بكلمات إنجليزية وفرنسية، في تحد وحرب صارخة لعربيتنا ولساننا وضربًا لهويتنا.

ذلك غير ما نراه من تدنٍ وسوء حال كل المنتسبين للغتنا العربية، والاستهزاء والإقلال من شأن كليات اللغة العربية وخريجيها في وسائل الإعلام المختلفة، وخاصة معلم اللغة العربية، ثم العزوف عن دخول كليات اللغة العربية، ودار العلوم وأقسام العربية بكليات التربية، جنبًا إلى تدني درجات القبول بها، والحال نفسه ينطبق واقعًا على طلاب دول الخليج العربي، بل ودولة موريتانيا التي تعد وظيفة معلم اللغة العربية فيها من أدنى الوظائف، وأقلها راتبًا، ويتندر ويستهزأ بها، وبمن يعمل بحقلها.. وللحديث بقية بحول الله وقوته ومشيئته.
 

الأهرام

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية