للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي التاسع للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

قانون الإفلاس.. ومأساة اللغة العربية

د. لطفي نصر

 

أثبت السادة النواب من خلال جلسة مجلسهم أمس برئاسة معالي السيد أحمد الملا أنهم إذا أرادوا الإنجاز وقهر التحديات النيابية فهم القادرون وفي اقتدار كبير، ومن دون أي مبالغات أو مجاملات.

كانت جلسة أمس مخصصة لمناقشة قانون الإفلاس الجديد الذي يجيء في مصلحة المدين هذه المرة، حيث إن القانون الراهن يميل إلى مصلحة الدائن.. وهذا القانون الجديد المكون من 195 مادة جاء من الحكومة الموقرة وهي التي أرادت من خلاله الاحتفاظ بالتاجر البحريني في السوق وعدم إخراجه منه لأي سبب وخاصة سبب الإفلاس.. وهذا في مصلحة سمعة البحرين وفي مصلحة مسيرة الاقتصاد الوطني بالدرجة الأولى.
 
الحكومة طلبت من مجلس النواب إنجاز هذا القانون بصفة عاجلة خلال 15 يوما فقط، وهذا حق دستوري للحكومة بمقتضى المادة 87 منه.. وهي -أي الحكومة- أرسلت المشروع إلى المجلس ومعه مبررات هذا الاستعجال وكلها مبررات مستساغة.

المهم أن السادة النواب أثبتوا من خلال جلسة أمس أنهم قادرون على الإنجاز.. فرغم التخوفات التي كررها النائب أحمد قراطة ومنها أنه لا يمكن إنجاز مثل هذا القانون خلال 15 يوما وإلا كان مصيره «السلق».. وهو الذي قال: كيف نوافق على قانون تجاري في الأصل لم يؤخذ رأي التجار فيه من خلال الغرفة التجارية، إلى درجة أنه قال «إن الحكومة لا تتعامل معنا بما يجب».

الحقيقة أن السادة النواب قد برهنوا أمس على أنهم القادرون على إنجاز أي شيء على وجه السرعة، وأن التخوفات التي تظهر أحيانا يعتبرونها من قبيل الممارسات الديمقراطية.. فعلى غير العادة حضروا إلى الجلسة أمس قبل موعد بدئها في التاسعة والنصف وبدأت الجلسة في موعدها فلم يرفعها رئيس المجلس كالعادة في الأعم الأغلب لعدم توافر النصاب اللازم لبدئها.

صحيح أن وزير شؤون المجلسين سعادة السيد غانم البوعينين قد وجه إليهم شبه تهديد قائلا: باقي من الـ(15) يوما المحددة لإنجاز القانون (4) أيام فقط.. وإذا لم تكتمل مناقشة مشروع قانون الإفلاس وتم إقراره فسيذهب المشروع إلى مجلس الشورى بعد 4 أيام بالحالة التي هو عليها ولن يعود إلى مجلس النواب مرة أخرى.

أنا شخصيا أرى أن في هذا الذي قاله الوزير كان على سبيل إظهار حرج الوقت والتحفيز.. والحقيقة أن السادة النواب لم يكونوا في حاجة إلى هذا التحفيز، أو هذا التهديد.. فكما قلت لقد جاء النواب إلى الجلسة مبكرا يشتعلون حماسا للإنجاز، حيث كانوا يعلمون أنهم أمام تحدّ قوامه إنجاز اثنين من أضخم التشريعات في هذا الفصل التشريعي من خلال جلسة أمس.. هما: قانون الضمان الصحي، وقانون الإفلاس.. فكان طبيعيا أن تعطى الأولوية لقانون الإفلاس، وذلك لأنه قد جاء محكوما بسرعة الإنجاز بصفة عاجلة بمقتضى المادة 87 من الدستور وخلال فترة لا يمكن أن تزيد على 15 يوما ولو بساعة واحدة.

حضر الجلسة معالي الشيخ خالد بن علي آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية وهو الذي أثرى الجلسة بمداخلاته المتعددة.. كما اتسمت الحوارات بالهدوء رائدها المصلحة العامة، لذلك لم تأت الساعة الثانية ظهرا إلا وكان المجلس قد أنجز هذا القانون الضخم وهو الذي قوامه (195) مادة.

مرت كل مواد المشروع بقانون بشأن الإفلاس بسلاسة ظاهرة بفضل تفهم معظم السادة النواب أهميته، وقد لعب رئيس اللجنة المشتركة التي ناقشت وأعدت التقرير للعرض على المجلس على وجه السرعة النائب عبدالرحمن بوعلي، ومقرر اللجنة النائب محمد الأحمد، وتعاون جميع الأطراف الحكومية مع اللجنة وعلى رأسهم وزير العدل الذي كان يحرص على حضور اجتماعات اللجنة.. وكل ذلك فيما عدا حوالي ثلاثة أو أربعة مواد في صلب المشروع احتاجت إلى وقفات ومناقشات شبه صاخبة ومطولة من قبل عدد كبير من السادة النواب.. وخاصة مسألة كثرة وردود الكلمات والعبارات والمصطلحات الانجليزية في معظم مواد المشروع بشكل أثار حفيظة كثرة من النواب واحتجاجهم على هذا الإصرار المرفوض، حيث أجمعوا على أنه لا داعي لذلك أبدا لأن القانون في الأساس مترجم.. وأن الكلمات بالانجليزية تجيء ترجمة لكلمات وتعبيرات عربية.. ولا داعي أصلا لإعمال هذه الفوضى من المصطلحات الانجليزية.. وقد تزعم هذا التصدي الهادر لفوضى كثرة المصطلحات الانجليزية في القانون النائب محمد ميلاد وشارك معه في هذا التصدي عدد من السادة النواب ومنهم: أحمد قراطة – د. علي بوفرسن – جمال بوحسن وغيرهم.. إلى درجة أن النائب بوفرسن قال إن تمرير هذا القانون حاملا كل هذه المصطلحات والإفراط فيها يشوبه عوار دستوري شديد كمخالفته المادة الثانية من الدستور التي تؤكد أن دين الدولة هو الإسلام ولغتها الرسمية هي اللغة العربية وليست الانجليزية.. وإلى درجة أن النائب قراطة قال: فليصدر القانون باللغة الانجليزية أفضل ولا نقحم اللغة العربية في القانون كلغة مشكوك فيها وتحتاج إلى لغة أخرى تؤكدها وإلى عبارات انجليزية تجيء ترجمة للعربية.

ومن الذين عارضوا هذا الطرح مؤكدين أنه لا ضير من ورود مصطلحات بالانجليزية في صلب ومواد القانون كل من: معالي وزير العدل الذي قال: لا ضير أبدا، وسعادة وزير شؤون المجلسين الذي قال: لقد مرَّرنا العديد من القوانين وبها مصطلحات إنجليزية، والنائب علي العرادي الذي قال: إن المصطلح الانجليزي يوضع بين قوسين.. يعني هو ليس في صلب القانون ولا يمكن أن يكون جزءًا منه.. ثم لا ننسى أن معظم العقود التجارية تحرر باللغة الانجليزية.. وفي كثير من الحالات تحرر باللغتين معًا.. وهذه المصطلحات حماية من أن تصل إلى مرحلة تعدد النصوص في العقود وغيرها.. وقال النائب جمال بوحسن: يجب أن نهتم باللغة العربية ونَغار عليها.. قائلا إن هذه المصطلحات فعلا مخالفة للقانون وللدستور، وقال النائب محمد الجودر: يجب أن نعبر عن اعتزازنا بلغتنا الوطنية.. فهل الأجانب يضعون مصطلحات عربية أو حتى غير عربية في قوانينهم؟.. وقال أحد النواب: أتحدى أن يأتينا أحد بقانون أو عقد أجنبي به كلمة عربية واحدة؟!

وقال النائب الشاعر: إن دراساتنا وتعاملاتنا في معظمها في البحرين بالانجليزية.. لقد صار استخدام اللغة الانجليزية في حياتنا عرفا.. والعرف أقوى من القانون، وقال النائب ماجد الماجد: لا مانع من استخدام المصطلحات الانجليزية إذا كانت للضرورة.

وأخيرا أقول للسادة النواب الذين عبروا عن غيرتهم على اللغة العربية لماذا يتباكون الآن على اللغة العربية؟ لقد بكيناها منذ زمن بعيد.. لقد ذبحنا لغتنا الجميلة (ومرمطناها) بالأرض إلى درجة أن الرسائل والمكالمات في معظم الشركات والوزارات البحرينية تحرر الآن باللغة الانجليزية.. كما وصل الأمر إلى أن الآباء والأمهات يتباهون بأن أولادهم لا يتحدثون ولا يعرفون الكتابة بالعربية.. كما أن معظم يافطات المتاجر والمحال والشركات تحرر بالانجليزية.. وإذا رسب المتقدم إلى الوظيفة في اللغة العربية وعجز عن كتابة فقرة واحدة بها فهذا لا يهم.. ولكن إذا عجز عن التحدث أو الكتابة بالانجليزية فإن الوظيفة المتقدم إليها تصبح بعيدة عن شواربه.
 

أخبار الخليج

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية