للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي التاسع للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

لغة القرآن... معين إبداع لا ينضب

ا. السيد رمضان السيد

 

اللغة وعاء الفكر، ووسيلة التعبير عن خطرات النفس، وأداة يرسم بها الناطق صورة ما انكشف لعينيه من رؤى وتجليات، يتكلم بها، فيُري سامعَه سرّاً مكنوناً في زوايا ضميره، ويضع حجاباً ظل مستوراً طيلة أوان صمته، وبكلمة نبتت على شفتيه، يهدم جدراناً حاصرته حين كان لغزاً مبهماً، وكذا كل فكرة، تبعثها اللغة فتكون حقيقة واقعة، فكيف إذا كانت اللغة هي الفكرة؟!

كانت اللغة لدى العربي القديم جزءاً أصيلاً من شخصيته؛ هي حياته التي يعيشها، وعقله الذي يفكر به، لا يحيد عنها ساعة، ولا تنفصل عنه طرفة عين، ومن يطالع فصولاً من سيرة العرب الأوائل، يدرك هذا التلاحم بين العربي ولغته الذي يبلغ حد الذوبان، إذ لا يُتصوَّر العربي بغير لغته، ولا تكون اللغة إلا بوجوده.

ومع ظهور الدعوات الهدَّامة والمتنكرة لثقافتها العربية في العصر الحديث، بما أفرزته من أفكار منحرفة تحتقر اللغة الشريفة وتتهمها بالضعف والعجز والتخلُّف، تبلور موضوع اللغة العربية شعرياً لدى الشعراء المخلصين من أبناء هذه الأمة، وأخذ هذا الاتجاه الفني ينمو تدريجياً.

ويسعى إلى التعبير عن قضية الدفاع عن شخصية العرب والمسلمين الفريدة، المتمثلة في اللسان العربي الذي نزل به القرآن الكريم واستوعب السنَّة المطهرة والأدب والتاريخ والتراث الزاخر برمته، هنا تعددت النصوص الشعرية المنافحة عن اللغة وكرامتها، وقد لا نقع في المبالغة إذا رأينا أن أكثر هذه النصوص حظاً في الشهرة والاهتمام قصيدة شاعر النيل، التي نشرها عام 1930م، متحدثاً من خلالها على لسان اللغة العربية المكلومة بخناجر أهلها، كما يتجلَّى هذا من العنوان أعلى النص في ديوان حافظ إبراهيم: «اللغة العربية تنعى حظَّها بين أهلها». ويقول الشاعر:

رَجَعْتُ لِنفسي فاتَّهمتُ حَصاتي

وناديتُ قومي فاحتسبْتُ حياتي

رمَوني بعُقمٍ في الشبابِ وليتني

عقِمْتُ فلمْأجزعْ لقولِعداتي

ولدْتُ ولـمَّا لمْ أجِدْلعرائسي

رجالاًوأكفاءً وأَدْتُبناتي

وسعْتُ كتابَ اللهِ لفظاً وغايةً

وما ضِقْتُ عنْآيٍ به وعظاتِ

فكيفَ أضيقُ اليومَ عنْ وصفِ آلةٍ

وتنسيقِ أسماءٍ لمخترعاتِ؟

أنا البحرُ في أحشائهِ الدرُّ كامنٌ

فهلْ سألوا الغوَّاصَ عن صدفاتي

الدكتور أكرم جميل قنبس، أثَّرتْ في وجدانه قصيدة حافظ إبراهيم، ودفعته غيرته على اللغة العربية إلى أن يشدو بشجونها على إيقاعات الوزن والقافية ذاتها، فجاءت قصيدته «عذارى الضاد» أطول نفَساً، وأوسع خيالاً، وانفتحت على الهم العربي بأشكاله المتنوعة، لتؤكد أن حال اللغة من حال أهلها:

أَأشدو، وقدْ سدَّ الزَّمانُ لَهاتي

وأدمنَ إيذائيووأْدَ بناتي

وحطَّمَ قيثاري،وأسرجَ همَّةً

مِنَ الرِّيحِ تُقصيني عن النجداتِ

وهلْ صارَ للضَّادِ الحنينُمُضرَّجاً

وينعى كأولى القبلتين أُساتي

لقد أكَلَتْ مُجيرَهاأمُّ عامرٍ

بما استُرضِعَتْ مِنْ أكْؤُسِ الغَدَراتِ

ولدْتُ مع الضوءِ الحزينِ، وإنني

تجرَّعتُ صبري عبر كلِّ غداةِ

أصوغُ إلى النخلِ الحزينِقلادتي

وأُلبِسُها للأسْعُفِ النَّضِراتِ

انفتحت الثقافة العربية على أشكال أدبية متنوعة، مثَّلت مساحات حرَّة للتعبير الإبداعي، ومع ذلك، ظل الشعر ديوان العرب وفنَّهم الأول، الذي حفظ لغتهم وخلَّد أخبارهم وبصمتهم الثقافية المميزة، فكان ولا يزال مسرحاً يُظهرون فيه قدراتهم البلاغية المتفاوتة، وبراعاتهم التصويرية المدهشة. وفي هذا الشهر المبارك، تصطحب «البيان» قارئها إلى عوالم نصوص شعرية، خاصة، ترتسم فيها روعة البلاغة لنحلق معها في فضاء البيان الأدبي.
 

البيان

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية