للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي التاسع للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

تعريب اللغة العربية

أ. ميسون علي جواد التميمي

ان تعليم العلوم الدقيقة في الوطن العربي بلغات اجنبية غير اللغة العربية من شأنه ان يؤدي الى انفصام فكري ويهدد اجيال الامة بضياع هويتها ،فضلا عن تسببه في ضحالة التحصيل العلمي، وحرمان الطالب من الفهم الصحيح للمعاني ،وبالنتيجة وجود طبقة ثقافية في الوطن العربي تهدد نموه الفكري والعلمي وذلك بخلاف اللغة العربية التي ينشأ الطالب معها ويتشربها على امتداد مراحل عمره التعليمي، اذ ان تدريس العلوم باللغة الام يسهم في الحفاظ على الهوية الثقافية من الضياع ،والحفاظ على حيوية اللغة عبر اتصالها مع تطورات العلم وانجازاته ،ولاتقتصر المسألة على ذلك ، فالدراسة باللغة الام وفقا لدراسات علمية تحقق للطالب فهما اعمق واسرع ونتائج افضل.
اعتقد ان اغلب الجامعات في العالم العربي يكون فيها الطالب عربيا والاستاذ عربيا والجامعة او الكلية تخدم مجتمعا عربيا ولكن الطالب العربي يدرس العلوم والتقنية فيها باللغة الاجنبية او الفرنسية مثل المغرب والجزائر ،وعلى الرغم من ان خبراء منظمة اليونسكو(منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم) اوصوا باستعمال اللغة العربية لغة عمل في منظماتها جميعا وغالبية الدول العربية التي ناضلت للحصول على ذلك الاعتراف لم تستعمل اللغة العربية لحد الان في تدريس العلوم والتقنية في جامعاتها العلمية والتقنية .
بناء على ذلك ارى ان من اغرب المفارقات ان تستمر الدول العربية في تدريس ابنائها بلغة اجنبية مع انها تمتلك لغة من افضل اللغات واسماها ،وما يبرز هذه المفارقة ان الطالب في دول العالم جميعها يدرس في مراحل تعلمه العالي العلمي والتقني بلغته الام ،اما الطالب العربي يتلقى تعليمه العالي لاسيما العلمي والتقني في غالبية الدول العربية باللغة الاجنبية التي فرضها الاستعمار لضمان تبعية العربية له علميا وتقنيا ومن ثم اقتصاديا، وابعاد امكانية نبوغ الامة العربية علميا واضعاف اللغة العربية.
لهذا جاء هذا المقال ليبرز اهمية التعريب في التعليم الجامعي، وما يعانيه من معوقات وما يرتكز عليه من عوامل نجاحه ،فضلا عن اهمية تعريب العلوم المختلفة والتجارب التي اجريت في بعض الدول العربية التي اثمرت نجاحا يستحق الفخر،وكذلك ابراز بعض الاطر والمبادئ للنهوض بالتعريب منها احتسابه قضية حضارية يرتبط بها بقاء الامة وتأصيل فكرتها ،واحلال اللغة العربية في المركز اللائق بها في المحافل الدولية كمنظمات الامم المتحدة ،اذ ان الوطن العربي يواجه اليوم مشكلة اقصاء اللغة العربية عن مجال تدريس العلوم الطبية في مختلف اقطاره.
حق اللغة العربية علينا
قال تعالى " انا انزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون" (يوسف/2)
فمن واجبنا تجاه اللغة العربية ان نتمسك بها ونحافظ عليها فمن فارقته هذه اللغة فقد السبيل الواضح الى كتاب الله فهي لغة العروبة والاسلام ومن اعظم مقومات القومية العربية وهي لغة حية ،اذ كانت اداة التفكير ونشر الثقافة في بلاد الاندلس التي اشرقت فيها الحضارة على اوربا فبددت ظلماتها وقشعت عنها سحب الجهالة ودفعتها الى التطور والنهوض ،فمن حق اللغة علينا ان نخلص لها ،وان نبذل الجهود لرفع شأنها وسيادتها في المجتمع العربي ،ومن حقها في الميدان التعليمي ان نوليها اكبر قسط من العناية ،يقول المستشرق الفرنسي (هنري اوسيل)في هذا المجال مخاطبا وزير التربية في فرنسا (علمت انك مقبل على تطوير التربية في فرنسا، فاقترح ادخال اللغة العربية لغة ثانية حتى يتعلم الطالب الفرنسي من العربية عمق التفكير).
وارى انه للحفاظ على سلامة لغتنا الفصيحة علينا ان ندرس قواعدها وفروعها الاخرى بالشكل الذي يبرز اهميتها بين لغات العالم ،لذا عمدت مؤسسات التربية والتعليم في العراق الى منح اللغة العربية اهتماما لانظير له من خلال زيادة الحصص المقررة للصفوف والمراحل الدراسية عامة، وذلك للنهوض بها ضد أي لغة اجنبية ،ولكن أي لغة من اللغات لم تعش منعزلة عن غيرها الا وكان ذلك نذيرا بفنائها ،فاية لغة لابد ان تتأثر ببعض اللغات وتؤثر في بعضها ،وهذا شأن اللغات جميعا،فاللغة غير منفصلة عن الحياة وحياة الشعوب مزيج عجيب من حضارات مختلفة تنتقل من شعب الى آخر عبر لغته، وتنتقل معها الالفاظ المعبرة عنها ،لذا لا تخلو لغة من الفاظ اقترضتها من غيرها او معان جديدة وفدت اليها من لغة اخرى.
وتعد قضية تعريب التعليم الجامعي احدى الركائز المهمة التي تعتمد عليها اساليب التطور التربوي في الجامعات العربية التي تجد اهتماما خاصا من المسؤولين في المجالات التعليمية عامة، وذلك ان اللغة العربية في الواقع لغة التدريس والبحث العلمي بحسب ما تقتضي به النظم واللوائح في مؤسسات التعليم الجامعي،وان الاستثناء الممنوح لبعض البرامج التعليمية في المجالات العلمية والتطبيقية للتدريس باللغات الاجنبية يأتي كأجراء مرحلي ريثما تتوافر الظروف الملائمة لتعميم نظام التعليم باللغة العربية في تلك الجامعات،فقد اضحى موضوع التعريب من الموضوعات الاساسية اتي تهتم بها الجامعات ومؤسسات التعليم والبحث العلمي في البلدان العربية لما للتعريب من اهمية في تطوير مناحي الحياة العامة والاسهام البناء في تأصيل الفكر العربي ،وقد جاءت فكرة النهوض بالتعريب في المجالات العلمية انطلاقا من احاسيس الامة العربية ومسؤوليتها نحو الاجيال الجديدة ،اذ طفق الجميع يشحذون الهمم والعزائم لتكثيف الجهود لبناء صرح التعريب في مجالات المعرفة جميعها.
وارى انه لابد قبل تعريب العلوم ان يكون للعرب نصيب فيها من التأليف والمشاركة الفاعلة وليس مجرد التلقي الذي بالكاد يدرك القليل من العمل الجاد والجهد الكافي.


التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية