للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي التاسع للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

الإعراب إشكال أم أشكال

أ. محمد جمعة

لعل اللغط الكبير في عصرنا حول الإعراب وضرورة إلغائه وإقصائه عن واقعنا قد كثرت وأربت كثيراً حتى بين من يدّعون شغفهم باللغة العربية بدعوى نشر هذه اللغة واعتبار الإعراب عائقاً ومانعاً لمثل هذا الانتشار.
ولكن السؤال الذي يُلحّ إلحاحاً عليّ هو ما الهدف الحقيقي وراء مثل هذه الدعاوى؟!
والجواب إن الهدف البعيد هو هدم هذا الدين والقضاء عليه قضاء مبرماً من خلال إلغاء الإعراب الذي يعدّ المجهر الذي يُسلط على القرآن الكريم ويُفسره ، وإطلاق العنان للتفاسير المغلوطة الهدّامة التي لا تتفق مع العقل أو المنطق أو اللغة والإعراب وبذلك يُفسح المجال للدعوات الباطلة التي تذهب إلى تفسير ظاهر الآيات بعيداً عن قواعدها العربية التي استنها أجدادنا من جهابذة النحو واللغة .
إذاً ما هو الإعراب ؟ وما هي أهميته ؟
وما السبيل إلى تيسيره وتبسيطه بدلاً من تمييعه وتبخيسه؟
الإعراب لغةً: من الإفصاح والإظهار تقول: أعربت عن رأيي أي أظهرته وأفصحت عنه.
أما الإعراب اصطلاحاً فهو علم يكشف الروابط التي تربط بين عناصر الكلام في الجملة وبالتالي كشف المعنى بناء على قواعد اصطلح عليها العلماء وضبطوها بضوابط توافق اللسان العربي.
وفي الواقع فالإعراب له وظيفتان وظيفة معنوية وأخرى مادية أما المعنوية فتقوم بإجلاء المعنى وتوضيحه بناء على المراد و المقصود.
والوظيفة الثانية مادية حيث يكشف حركات الأسماء آخرها وبالتالي لفظ الكلمة ونطقها النطق الصحيح.
والحركات في الواقع ليست مجرد رموز يمكن الاستغناء عنها بل هي معانٍ مقصودة فالضمة تدل على الفاعلية والفتحة على المفعولية والكسرة تعبر عن الإضافة .
مثلاً تقول: نصر الحقَ اللهُ . تعلم من الضمة أن الناصر هو الله ومن الفتحة أن المنصور هو الحق...
لكنّ أهم شيء في موضوعنا هو لماذا ابتعد العرب عن الإعراب وشعروا بثقله وفظاظته وبالتالي ظهرت الدعوات لإلغائه ؟!
أما الأسباب فكثيرة منها ما هو عائد إلى المجتمع ومنها ما هو عائد إلى الحكومات والدول ومنها ما هو عائد إلى المختصين باللغة العربية وطريقة عرضهم لهذه المادة.
أما ما هو عائد للمجتمع فهو الجهل أولاً  بقيمة لغتهم وأهميتها وعدم الاهتمام الكافي بها عبر النوادي والجمعيات التي تبين قيمة اللغة وأهميتها وخصائصها الفريدة التي تتميز بها عن سائر اللغات كما في الإعراب مثلاً .
وأما الذي يعود للحكومات والدول فهو إهمال اللغة العربية في المدارس والدوائر والمؤسسات وعدم إعطائها الأولوية على حساب لغات أخرى .
وأما ما يعود للمختصين وهو الأهم فهو بعدهم عن الواقع في دراستهم أو تدريسهم للإعراب إن كان في المدارس أو في تأليف الكتب والأبحاث حيث نراها أولاً مكررة ممجوجة تقوم بعملية نسخ المصادر القديمة (كشرح ابن عقيل وغيره من المصادر)التي لا تناسب عصرنا بل تناسب العصر الذي كتبت فيه أو من خلال عرض الأمثلة على الطلاب والتي في معظمها تافهة سخيفة بعيدة عن المصدر والمرجع وهو القرآن الكريم.
إذاً الحل هو في أمرين :
الأول : اعتماد القرآن الكريم كمصدر أساس لشرح ودراسة قواعد اللغة وإعرابها إضافة إلى الحديث الصحيح والشعر العربي القديم الذي يستشهد به .
الثاني : وهو لا يقل أهمية عن الأول وهو طريقة العرض التي تناسب العصر الذي نعيشه إن كان في اللغة أو طريقة العرض .
وأعرض الآن طريقة مختصرة تزيل الإشكال عن الإعراب وتجعل من تعلمه يسيراً سهلاً .
الإعراب يعتمد على ثلاث خطوات :
الخطوة الأولى: كشف الارتباط الفعلي بين عناصر الكلام من حيث المعنى :
الفعل له أسماء ترتبط به وكذلك الاسم ويتم كشف الارتباط من خلال معرفة أن أي كلمة في اللغة العربية تعتمد على كلمة سابقة لها وترتبط معها في المعنى ولا يشترط ان تكون هذه الكلمة ملاصقة لها بل ربما تأخرت عنها والسبيل إلى كشف ذلك هو المعنى وبناء على ذلك نرى أوجه واحتمالات الارتباط بالكلمة وبالتالي كشف إعرابها مثلاً :
(شرب الرجل الحليب ساخناً واقفاً شرباً سريعاً صباحاً )
 لو تأملنا هذه الجملة فينبغي علينا ربط كل كلمة بالكلمة التي تعود لها من ناحية المعنى وبالتالي كشف إعرابها ، إذاً لن نقرأ بعد الآن جملة كاملة ولن نقع في فخ التقديم والتأخير ولن يتشتت تفكيرنا بين زحمة المفردات والكلمات في الجملة وبالتالي فقْد التركيز المطلوب في الإعراب بل سيكون الاعتماد على نطق كلمتين معاً وحسب.
الخطوة الثانية: كشف حركة آخر حرف أصلي في الكلمة :
وهذا يعتمد على معرفة أن الأسماء لها ثلاث حركات (ضم،فتح،كسر)وعملية كشف الحركة يعتمد على نطق الجملة كاملة من بدايتها وصولاً للكلمة المطلوبة في الإعراب ثم ضبط إيقاع الحركة المناسب لها بعد تجريب كافة احتمالات الحركة على الكلمة وسيظهر جلياً أن هنالك حركة مستبعدة قد تكون الفتحة أو الضمة أو الكسرة،وحركة أخرى مقبولة لكن يُشك بها،والحركة الثالثة هي الحركة الصحيحة لذا يقوم الطالب بالمفاضلة بين هاتين الحركتين لكشف الحركة الأنسب وبالتالي الإعراب الأصح.
الخطوة الثالثة: التأويل اللفظي للكلمات مبهمة الحركة:
قد نقع في مأزق كشف الحركة بسبب عدم ظهورها لعائق يتعلق بثقلها أو تعذر رسمها أو جمعها أو تثنيتها أو بناء الاسم أو منعه من الصرف ، وهنا لا بد من اللجوء إلى هذه العملية ألا وهي عملية التأويل لتسهيل الأمر وتبسيطه في كشف الحركة ولا بد أن يتوافق مع معنى الكلمة وإن لم يكن شرطاً أساساً لكشف الحركة .
وهكذا نجد كيف أن طريقة مبسطة مختصرة في عصر صار يمجّ التطويل والإطناب وقد سُمّي عصر السرعة هي طريقة مثلى في عرض الإعراب وتبسيطه بدلاً من حذفه وإلغائه،وبعد اعتماد الأمثلة المناسبة من كتاب الله وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم وكلام العرب الأوائل.


التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية