للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي التاسع للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

بداية اللحن في الكلام العربي وتطوّره

د. مي صالح نصر


قبل أن أتحدث عن تطور اللحن في العربية سأتحدث عن معنى اللحن في اللغة أولاً ، بعده سأورد نماذج من اللحن في مختلف العصور  ابتداءً من العصر الجاهلي وانتهاءً بالعصر الحديث.
*أولاً معنى اللحن : ورد في لسان العرب أن اللحن هو : الخطأ في الإعراب ، يقال فلان لحّان ولحّانة أي كثير الخطأ ، والتلحين : التخطئة ، وقد لحن في قراءته طرب بها وغرّد  ، وهو ألحن الناس إذا كان أحسنهم قراءة وغناءً يدل على ذلك قول الشاعر :
وهاتفتين بشجوٍ بعد ما سجَعتْ          وُرقُ الحمامِ بترجيعٍ وإرنانِ
 باتا على غصن بانٍ في زرى فننٍ       يـــردّدن لحــوناً ذات ألـــــوانِ
واللحَن  بالتحريك :  الفطنة وفي الحديث : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنكم تختصمون إليّ ولعل بعضكم يكون ألّحَنَ بحجته من بعض , فمن قضيت له بشيء من حقّ أخيه فإنّما أقطع له قطعة من نار) ، فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم باللحن : أن يكون بعضكم أعرف بالحجة وأفطن لها من غيره .
ومنه أيضا قول عمر بن عبد العزيز : (عجبتُ لمن  لاحن  الناس كيف لا يعرف جوامع الكلم) أي فاطنهم . واللحن أيضا بالتحريك : اللغة : وقد روى أن القرآن نزل بلحن قريش  أي: بلغتهم  ، وفي الحديث : ( اقرأوا القرآن بلحون العرب ) أي بلغتهم .
وفي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( تعلّموا الفرائض والسُنّة واللّحن ) أي اللغة وقد  فسرّها  أبو عبيد تعلّموا  اللحن أي ؛ الخطأ في الكلام لتحترزوا منه .
 واللحن أيضا التورية : أي يقول قولا  يُفهم عنه ويخفى على غيره , لأنه يميله بالتورية عن الواضح المفهوم  ، ومنه قول الطرماح :
وأدت إلي القوْلَ عنهن زولةٌ          تُلاحنُ أو ترنو لقول المُلاحن
أي تتكلم بمعنى كلام لا يُفطن له ويُخفى على الناس ومنه قول الشاعر :
ولقد لحنتُ لكم لكيما تَفْقَهُوا               وَوَحَيتُ  وَحْيا  ليس بالمُرتابِ
ومن ذلك قول مالك بن أسماء الفزازي ، حيث يقول :
منطقٌ رائعٌ  وتلحن أحيانا                  وخيرُ الحدّيثِ ما كان لحنا
أي أنها تتكلم وهي تريد غيره , وتعرض في حديثها فتزيله عن جهته ، من فطنتها وذكائها.
واللحن : المعنى، كما قال الله تعالى : ( وَلَتَعْرِفَنَّهم في لحْنِ القولِ )  أي : فحواه ومعناه .
وقد جمع ابن بري معاني اللحن فقال : ( للحن ستة معانٍ – الخطأ في الإعراب واللغة والغناء والفطنة والتعريض والمعنى ) .
* فمن نماذج الخطأ في المعنى :  ( الطرب ) : يذهب الناس إلى أنه الفرح دون الجزع وليس كذلك إنما الطرب خفة تصيب الرجل لشدّة السرور أو لشدّة الجزع قال النابغة الجدعي :
وأُراني طرباَ في أثرهم                طرب الواله أو كالمختبل
 ومن نماذج الخطأ في بنية الكلمة ، أنهم يقولون :  (هبّت الأرياح ) وهو خطأ والصواب أن يقال :( هبّت الأرواح ) كما قال ذو الرومة :
إذا هبّت الأرواحُ من نحو جانبٍ       به أهل مي هاجَ قلبي هبوبُها
وقول ميسون بنت مجدل الكلبية :
لَبَيتُ تَخفِقُ الأرواحُ فيه              أحبُّ اليّ من قَصرٍ مُنيفِ
والعلة في ذلك أصل ( الريح ) هو  ( روح ) لاشتقاقها من ( الروح ) وإنما أبدلت الواو ياءً في( ريح ورياح ) للكسرة التي قبلها فإذا جمعت على ( الأرواح) فقد سكن ما قبل الواو وزالت العلة .
 ومن ذلك قولهم : ( استهتر الرجل ) فهو مستهترـ بالمعلوم ـ والصواب استُهتر فهو مستهتر بالمجهول ـ وهو الذي يخلط في أقواله وأفعاله كأنه بلا عقل .
 ومن ذلك أيضا ما جاء على ( فعَلت)ــ مفتوح العين ــ والعامة تكسره قولهم : عَرِفتُ ـ عقِلتُ ـ كَسِبِت والصواب : عَرَفتُ ـ عَقَلتُ ـ كَسَبتُ .
*ومن نماذج الخطأ في التركيب يقول الكسائي :  (شكرت لك ونصحت لك ) ولا يقال ( شكرتك ونصحتك ) وقد ( نصح لفلان وشكر له ) هذا كلام العرب ، قال الله تعالي : ( فاشكروا لي ولا تكفرون ) .
وما ذكره الكسائي في هذه المسألة يخالف جمهور اللغويين  ففيها لغتان : شكرته وشكرت له ونصحته ونصحت له ، يتعدى بنفسه وباللام .
  وخلاصة القول يمكن أن نعرّف اللحن بأنّه : خروج الكلام الفصيح عن مجرى الصحة في معنى الكلمة أو بنية الكلام أو تركيبه أو إعرابه بفعل الاستعمال الذي يشيع بين العامة من الناس ويتسرّب بعد ذلك إلى لغة الخاصة .
في المقال القادم سأورد نماذج من  اللحن في العصر الجاهلي وصدر الإسلام .




التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية