للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي التاسع للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

آراء نقدية حول قصيدة النثر

أ.د. محمد عبد الله سليمان

 دار جدل عريض بين النقاد حول ما يسمى بقصيدة النثر عن كنهها وكينونتها وهل هي داخلة في إطار الشعر العربي أم محصورة في إطار النثر ؟ تقول نازك الملائكة في كتابها (قضايا الشعر المعاصر) : " شاعت في الجو الأدبي في لبنان بدعة غريبة في السنوات العشر الماضية فأصبحت بعض المطابع تصدر كتبا تضم بين دفاتها نثرا طبيعيا مثل أي نثر آخر غير أنها يكتب على أغلفتها كلمة " شعر " ويفتح القارئ تلك الكتب متوهما أنه سيجد فيها قصائد مثل القصائد فيها الوزن والإيقاع والقافية غير أنه لايجد من ذلك شيئا وإنما يطالعه في الكتاب نثر اعتيادي مما يقرأ في كتب النثر " .
ومن المؤيدين للقصيدة النثرية الكاتب سيد نوفل وله مقال في جريدة الثقافة القاهرية بعنوان " أوزان الشعر وقوافيه " يهاجم فيه أوزان الخليل واصفا موسيقاها بأنها موسيقي عصر البداوة وأنها لاتشبه موسيقى عصرنا قائلا "إن موسيقى الأوزان الخليلية هي موسيقى عصر البداوة الأولى حيث تسود نغمة واحدة للقصيدة من بدايتها إلى نهايتها وأنها لأشبه ماتكون بالطبول القبلية التي تكرر نغمة واحدة رتيبة مملة لايمكن بحال من الأحوال تلائم تنوع الموسيقى الحديثة وإيقاعها".
ومن كبار رواد قصيدة النثر الكاتب والناقد على أحمد سعيد " أدونيس " حيث يدخل إلى عالم البناء الفني للقصيدة الشعرية ليحدد طبيعة الفروق الجوهرية بين ماهو شعر وماهو نثر منتصرا لقصيدة النثر بالطبع فيقول في كتابه " أوزان الشعر "  " من القضايا الشكلية البنائية التي تثار ضد الشعر الجديد قضية التعبير بغير الأوزان التقليدية حيث لاتكون أوزان في رأي من يثيرونها ولايكون شعراً ...!إن تحديد الشعر بالوزن تحديد سطحي خارجي قد يناقض الشعر إنه تحديد للنظم لا للشعر فليس كل كلام موزون شعرا بالضرورة وليس كل نثر خاليا بالضرورة من الشعر إن قصيدة نثرية لايمكن بالمقابل أن تكون شعرا ولكن مهما تخلص الشعر من القيود الشكلية والأوزان ومهما حمل النثر خصائص شعرية تبقى هنالك فروق أساسية بين الشعر والنثر وأول هذه الفروق أن النثر اضطراد وتتابع الأفكار في حين أن هذا الاضطراد ليس ضروريا في الشعر . ثانيا : هو أن النثر يطمح لأن ينقل شعورا أو تجربة أو رؤية فلذلك فإن أسلوبه غامض بطبيعته . ثالث هذه الفروق هو أن النثر وصفي وتقريري ذو غاية خارجية معينة ومحدودة على حين أن غاية الشعر إنما هي نفسه فمعناه يتجدد دائما بتجدد قارئه ولايجوز إذن أن يكون التمييز بين الشعر والنثر خاضعا لمنطق التركيب اللفظي وللوزن والقافية فمثل هذا التمييز شكلي لاجوهري ومن جهة أخرى ليس الشعر نثرا ساميا أو نثرا معجزا إذ ليس الفرق بين الشعر والنثر فرق في الدرجة بل فرق في الطبيعة " القارئ لرأي أدونيس للوهلة الأولى يراه منطقيا ولكن يبدو أن أدونيس يريد أن يميع مسألة الفرق بين الشعر والنثر فالفرق بينهما في الشكل من حيث الوزن والقافية وتركيب الجمل لايحتاج إلى جدال وقد تعرض أدونيس لنقد حاد لما يسميه بقصيدة النثر من قبل النقاد ، يقول محمد إبراهيم أبو سنة في كتابه " تجارب نقدية وقضايا أدبية " " بل إن شاعرا مثل أدونيس قد خلق تيارا رئيسيا تسبب الانحراف عنه في هذه الفوضى الشعرية التي تسود الساحة الشعرية العربية "
ويتساءل جهاد فاضل في كتابه  " قضايا الشعر الحديث " هل يخدم هذا الذي سندون بعضه ـ والحديث فيه عن أدونيس ـ هل يخدم قضية الشعر العربي الحديث ؟ "
عندما سألت مجلة "مواقف " عبد الوهاب البياتي عن مفردة بصيغة الجمع أجاب " قائلا : " لم استطع قراءته فقد قرأت سطرين منه ورميته جانبا لأنه ليس بشعر ولابنثر ، بل هو جنس ثالث هجين مفكك ليس فيه صورة أو فكرة أو تجربة ويدل على أن كاتبه مصاب بمرض يستعصى علاجه " وقد أبدى نزار قباني رأيا مماثلا في مجلة مواقف فقال " مفردة بصيغة الجمع " هو " لزوم مالا يلزم " معاصر يحاول فيه أدونيس أن يبقى محتفظا برتبه جنرال في شعر الحداثة . علما بأن الجنود لايفهمونه ، ويبدو أن الجنرال أدونيس أصبح مستغرقا في العلم العسكري النظري أكثر من اهتمامه بربح المعركة أو بخسارتها " .
 سألت الدكتورة سعاد الصباح الشاعر نزار قباني في لقاء "وجها لوجه "في مجلة العربي هذا السؤال : ماهي مشكلة جماعة الحداثة ، وهل استطاعوا تغيير الحساسية الشعرية للشعب العربي ، كما يزعمون ؟ فأجاب : مشكلتهم أنهم يقفون على أرض لاوجود لها ، ويخاطبون بشرا لاوجود لهم  ، انهم معارضون لاعصر لهم ، ولغويون لالغة لهم ، ومستقبليون لامكان لهم في المستقبل  ، إنهم منذ ثلاثين عاما أو أكثر ، يحرثون البحر دون أن تطلع لهم الحنطة ، ودون أن يتمكنوا من تغيير سنتمتر واحد في الحساسية الشعرية العربية . أما مأزقهم الكبير هو أنهم يريدون أن يبنوا مدينة جديدة للشعر وليس معهم حجارة ، ويريدون أن يزرعوا الأشجار المثمرة ، وليس معهم بذور ، ويريدون أن يصححوا التاريخ ولا تاريخ لهم ، إن الحداثة لم تستطع منذ ثلاثة عقود أن تسجل هدفا واحدا في ملعب الشعر ، وبقيت تلعب وحدها دون كرة ، ودون أنصار ، ودون متفرجين " .
وسألته أيضا هل أنت ضد الحداثة ؟ فأجاب : أنا ضد الفوضى ، وضد التخريب ، وضد العدمية . فالشعر هو قبل كل شيء نظام وانضباط ومسئولية. إنني أفتح قلبي لكل شعر جديد يقنعني بأنه شعر ، ولكنني لا أستطيع أن أكون مع هذه الهستيريا اللغوية التي يسمونها الحداثة . إنني غير متمسك بالصياغات والأشكال القديمة أبدا . ولا أنا متمسك (بالقصيدة العصماء ) أو ( المعلقات ) وتفاعيل الخليل ابن أحمد الفراهيدي ، فالأشكال الشعرية لا تتمتع بالقداسة التاريخية والأزلية ، وموسيقى الشعر العربي ليست موسيقى لاتقبل المراجعة أو التغيير . فالشعر نهر يغير أمواجه في كل لحظة ، ولكن يبقى نهرا ، وأنا ارفض أي دعوى حداثة تطالب بإلقاء النهر ، وشطبه من أطلس الجغرافيا . وكما تغيرت ملابسنا، وبيوتنا ،وطعامنا ، وعاداتنا ، وأذواقنا وانتقلنا من مرحلة البادية إلى مرحلة المدنية ، فإن شعرنا هو الآخر تغير ، واختلف جذريا عن الشعر الجاهلي والأموي والعباسي . فلا الفرزدق له اليوم شعبية ، ولا النابغة الذبياني محبوب لدى أطفالنا ، ولاعمر  
يقول محمد إبراهيم أبوسنة " إن قصيدة النثر ستكون كارثة على الشعر لو أنها قدمت نفسها كبديل لحركة الشعر العربي الحديث وأظنها لا تستطيع ذلك " .


التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية