للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي التاسع للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

الرقيب اللغوي - 12

أ. إسَلمُو ولد سيدي أحمد

يقول، حكيم الشعراء في الجاهلية، زهير بن أبي سلمى:
 وكائن تَرَى مِن صامت لَك مُعجِب *** زيادَتُه أو نَقْصُه في التكَلُّم
 لِسانُ الفتَى نِصْفٌ ونِصْفٌ فـؤادُه***  فَلَم يبقَ إلا صورة اللحم والدّم .
ويقول يحيى بن خالد بن برمك، أبو الفضل" ما رأيت رَجُلا قَطُّ إلا هِبْـتُه حتى يتكلم، فإن كان فصيحا عظُم قدرُه في صدري، وإن قَصَّرَ سقَطَ من عيني. ويقول أبو حاتم: الفَصاحةُ زِينةٌ ومُروءَة تَرْفع الخَامِلَ وتَزِيد النَّبِيه نباهةً.
ونتواصل ، في هذه الحلقة، مع  القارئ النبيه الحريص على صَقْل فصاحته وزيادة نباهته، من خلال طائفة جديدة من الألفاظ والعبارات والقواعد المتعلقة بسلامة  النطق والكتابة من الإبهام وسوء التأليف. وذلك على النحو الآتي:  
1-    المُهِمُّ: الأمر الشديد المفزِع. وما يدعو إلى اليقظة والتدبير ( المعجم الوسيط). وفي ضوء هذين المعنيين الواردين في المعجم، فإنني أُفَضِّل  استعمال ( مُهِمّ) على ( هامّ) في نحو قولنا: عُرضت في المؤتمر قضايا مُهِمّة، بدل: قضايا هامة. إلخ. وأُشير هنا إلى أن: الهَامَّة ( جـ هَوَامّ): ما كان له سُمٌّ كالحية. ولا يعني هذا أنني أرفض استعمال (هامّ)، للتعبير عن (مهمّ) .
2-     التَّرقوة ( بفتح التاء) : العظم المكتنف ثغْرَ النحر عن يمين وشمال، وجمعها: تَراقٍ وهما تَرقوَتان. وبعضهم ينطقها بضم التاء، وقد يكون ذلك من الأخطاء الشائعة.
3-     زَهقَت نفسُه زُهُوقا: خرجت ( المعجم الوسيط). والأصل في الزهوق الخروج بصعوبة. ومنه قول الشاعر: ألمَـّت فحيّت ثم قامت فودّعت *** فلمّا تولّت كادت النفس تَزْهَق. ونسمع من يقول: الأبرياء الذين زُهقت أرواحُهم. ولعل الصواب(على الأرجح) أن يقول :... زَهَقَت  أرواحُهم ( بفتح الزاي والهاء) ، أي خرجت . مع العلم أن الروح تُطلَق على النفْس. ولتفادي هذا النوع من الأخطاء ، ينبغي ضبط الكلمات بالشكل الجزئيّ، في المواطن التي يمكن أن يحدث فيها لَبس، ويدخل في هذا المجال ما أشرتُ إليه ، في حلقة سابقة، من أن الصواب(على الأرجح) أن نقول: شَلّت  اليَدُ ( بفتح الشين لا بضمها).
4-    الظَّلاَم: ذهاب النور، وهو اسم يُجْرَى مُجْرى المصدر كالسواد والبياض فلا يُجْمَع، وقِيل الظلام أول الليل وإن كان مُقْمِرًا. وهو راجع إلى ذهاب نور النهار. أظْلَمَ: فِعْل لازم:  أظْلم الليلُ. وأَظْلَم: اسْودَّ . وأَظْلَمَ:يتعدَّى ، نحو: أظْلَمَ المكانَ: جعله مظلما. والظُّلمة ( بسكون اللام وضمها) من هذا المعنى، وجمعها : ظُلَم ( بفتح اللام) وظُلمات ( بفتح اللام وضمها وسكونها). وأُفَضِّل ضم اللام في" ظُلُمات.
ويُعبِّر القرآن  بالظلام عن الجهل والشِّرْك والفِسْق (يُخْرِجُكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّور). (معجم ألفاظ القرآن).
5-    الظهِير: البعير القويّ، ومنه قِيلَ: الظهير: المعين. هو ظهير له: أي مُعاوِن. ظهير عليه: مُعِين لأعدائه (معجم ألفاظ القرآن). وأُنبِّه على أنّ ( الظهير) يستوي فيه المذكّر والمؤنّث والجمع. بمعنى أننا نقول: هو ظهير لي ( أو ظهيرٌ عَلَيّ). هي ظهير لي. هم ظهير لي. هن ظهير لي.إلخ.
6-    العَمُّ: أَخُو الأب. جمعه: أعْمام، وعمومة. وأُفضِّل الجمع الوارد في القرآن الكريم، وهو: أعمام.
7-    الغَرْب: الجهة : أقصى ما تنتهي إليه  الشمس، ومثله المغْرِب للموضع، ثم استُعمِل في المصدر والزمان، وقياسه الفتح، ولكن استُعمِل بالكسر كالمشرِق، والمسْجِد، ويُثنىَّ ويُجمَع باعتبار اختلاف مَغارِب الشمس باختلاف الفصول ،كما قالوا: مَفَارِق الرأس ، كأنهم جعلوا ذلك الحيز أجزاءً (معجم ألفاظ القرآن). وفي القرآن الكريم (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ)40/ المعارج.
 وبما أن الكُوفيين يُجِيزون النسبة إلى جمع التكسير، ومجمع اللغة العربية بالقاهرة يجيز النسبة إلى الجمع مُطلقًا، فيجوز –من الناحية اللغوية-أن نُعبِّر عن اتحاد المغرب العربيّ، ب" الاتحاد المغاربيّ". هذا الاتحاد الذي يضم – حسب الترتيب الألفبائيّ- تونس، الجزائر، ليبيا، المغرب، موريتانيا،  يُطلق أيضا على بلدانه الخمسة ،    " المغرب العربيّ الكبير".مع أنني أُفضِّل التمسك بالاسم الرسميّ( اتحاد المغرب العربيّ).
 وأُذكِّر هنا برأي البصريين ، القائل بعدم جواز النسبة إلى الجمع، وهو الأفصح. ونلجأ إلى النسبة إلى الجمع( على سبيل الجواز) لتفادي اللبس. مثل: دُوَلِيّ، للتفريق بين النسبة إلى دولة واحدة (دَوْلِي) وإلى عدة دُوَل.
8-     الغَزْوُ: السير إلى قتال العدو. والفاعل : غازٍ، وجمعه : غُزًّى، كَرُكَّع ، وسُجَّد، (أَوْ كَانُواْ غُزًّى) 156 /آل عمران. كما يُجمَع على: غُزاة.
9-    الفَتْق: الفصل بين المتصلين، وهو ضد الرَّتْق  (...كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا) 30/ الأنبياء.
10-     الفَتِيل: ما يكون بين شِقَّيْ النواة. والنقِير : النُّكتة ( الثقْب) في ظهر النواة. والقِطْمِير: القشر ة الرقيقة على النواة . وهي أشياءُ تُضرَب كلُّها أمثالاً للشيء التافه والحقير، وقد يُجمَع بين اثنين منها في النفي تقوية للمعنى. وورد الفتيل نَفْيا لأن يُظلَم أحدٌ شيئا مّا. (وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً)49/ النساء (معجم ألفاظ القرآن). وفي التنزيل العزيز كذلك (وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً) 123/ النساء.
11-    الفِجّ (بكسر الفاء) : النَّـِّيـئُ. والفَجّ ( بفتح الفاء) : الطريق، وجمعه : فِجاج.( مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)27/ الحج.
12-     الحِضْن ( بكسر الحاء): الصدر مما دون الإبط إلى الكَشْح (المعجم الوسيط). ونسمع من ينطقه – خطأً – بضم الحاء.
13-     عَاقَه عن الشيء يَعُوقُه عَوْقاً: منعه منه وشغله عنه. واعْتَاقَه: عاقَه (المعجم الوسيط). وبعضهم يقول (أو يكتب): أعَاقَه . ولعلّه خطأٌ شائع.
14-    دبَّ يَدِبّ ( بكسر الدال) دَبًّا ودَبِيبًا : مشى مَشْيا رُوَيْدًا ( المعجم الوسيط). ومراعاة للدقة، يجب الالتزام بكسر الدال في صيغة الفعل المضارع، والدَّبِيب : كل ما يَدِبّ على الأرض.
15-    نَعَى يَنْعَى نَعْياً ونَعِيًّا: أذاع خبرَ موت شخص ( المعجم الوسيط بتصرف). يُقال نعاه لنا ونعاه إلينا: أخبرنا بموته. وبعضهم يلتبس عليه الأمر فيستخدم مضارع الفعل ( أَنْعَى) الذي يحمل معنًى مُختلِفا. جاء في المعجم الوسيط: أَنْعَى عليه قَبِيحاً: قاله تَشْنِيعاً عليه.
16-    أَجَرَ الشيءَ ( بفتح الجيم المخففة ): أَكْرَاهُ. وآجَرَ من فلان الدارَ: أكراه إياها (المعجم الوسيط). ونسمع من يقول: أجَّر الدار (بالجيم المشددة)، وقد يكون خطأ شائعا. مع أن تشديد الجيم بَلَغَ من الشيوع درجة قد تُسَوِّغ الإبقاء عليه. وينبغي التمييز بين صاحب الدار الذي هو: المؤْجِر ( ولا نقول المؤاجر) والساكن بأجرة الذي هو: المستَأْجِر.
17-    أشياءُ: في مقال سابق، بعنوان: " استعينوا بالقرآن الكريم على كتابة اللغة العربية ونطقها بشكل  سليم" أشرتُ إلى أن الأسماء الممنوعة من التنوين ( الممنوعة من الصرف)، أربعة أنواع: الأعلام، والصفات، وما خُتِم بألف التأنيث الممدودة أو المقصورة، والأسماء التي هي على وزن منتهى الجموع،  ونصحتُ بتتبع الأسماء الممنوعة من الصرف في القرآن الكريم للاستئناس بها في هذا المجال.نحو أشياء (ممنوعة من الصرف) .( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) 101/المائدة. وأُنبِّه على أنّ ورود ( أشياء) ممنوعة من الصرف، لا يعني أن نقيس عليها كل ما جاء على هذا الوزن . مثل ، أضواءٌ، أنحاءٌ، أنباءٌ، أنواءٌ، أحياءٌ. أشْلاءٌ (المفرد: شِلْوٌ)... فهذه كلها غير ممنوعة من الصرف.
وأُشير، في هذا المجال، إلى أنّ بعض القبائل العربية لا تمنع شيئا من التنوين. ولا يعني ذلك أنني أتَّفِقُ مع هذا الرأي. والملاحَظ -في أيامنا هذه -أن المتحدثين باللغة العربية، يبالغون في منع الأشياء من التنوين فيمنعون المنونَ من حقه في التنوين، وبصفة خاصة، في الكلمات التي تشبه في بنائها (أشياء)، كما جاء في الأمثلة المشار إليها. المطلوب هو دراسة القواعد الخاصة بهذا الموضوع، حتى نتمكن من تنوين المنوَّن ومنع غير المنوَّن من التنوين. وجاء في " المرجع في اللغة العربية لعلي رضا "- بتصرف – أن من الأسماء الممنوعة من التنوين.
العَلَم إذا كان مُؤنَّثا  لَفظًا ومَعْنىً، كفاطمة وعائشة ( عَلَمًا لمؤنث) أو مؤنثا لفظا نحو: حمزة وطلحة (عَلَما لمذكر) أو مؤنثا مَعْـنًى: كسهام وزينب. إذا كان عَلَمًا أجنبيا زائدا على ثلاثة أحرف، نحو أقبلَ إبراهيمُ يُحَدِّثُ جُورجَ عن يوسفَ . إذا كان عَلَمًا مُوازِنًا للفعل، نحو: جاء تَغلبُ يزور يزيدَ في بيت أحمدَ. إذا كان مُركَّبًا مَزْجِيا، نحو: زار معدي كربُ حضرَ موتَ ثم عاد إلى بعلبكَّ. إذا كان مختوما بألف ونون زائدتين، نحو:  سافر عثمانُ لزيارة رضوانَ في مدرسة زيدانَ. إذا كان مَعْدُولاً به عن لفظ آخر إلى وزن فُعَل، نحو: شَاهَدَ عُمَرُ زُحَلَ في  سماء مُضَرَ، فهذه أسماءٌ معدولة عن عامر وزاحل وماضر.
وتُمنَع الصفة من التنوين إذا جاءت  الصفة أصلية على وزن أَفْعَل كأزرق  وأكبر، ويُشتَرط فيها ألا تُؤَنَّث بالتاء ، فإذا أُنِّثت بالتاء نُوِّنت، نحو: رجل أرملٌ وامرأة أرملةٌ. إذا جاءت الصفة الأصلية على وزن ( فعلان) الذي مُؤنثه ( فعْلَى) ، مثل: عطْشان وسكْران، فمؤنثهما، عَطْشَى وسَكْرَى. وتُمنَع من التنوين، الصفات المعدُولة، وذلك بأن تكون الصفة معدُولة عن وزن آخر. ويكون ذلك في موضعين. أولا: الأعداد على وزن فُعال، ومَفْعَل كأحادَ ومَوْحَدَ وثناءَ ومثنى إلى عشارَ ومعشرَ وهي ألفاظ معدولة عن واحد واحد، واثنين اثنين، نحو : دخل  الطلاب مَثْلَث، أي ثلاثة ثلاثة .
ثانيا : لفظ أُخَر، نحو: مررت بنساءٍ أُخَرَ وهي معدولة عن آخَر. ويُمنع الاسم من التنوين . أولا: إذا كان مختوما بألف تأنيث ممدودة أو مقصورة، نحو احْتُفِل بذِكرى قَتْلى الحرب في صحراءَ بعيدةٍ عن العُمران. ثانيا : إذا كان على وزن مُنتَهَى الجموع كمساجد ومصابيح  . ولا يُشْتَرط فيما كان على وزن منتهى الجموع أن يكون جمعا بل كل اسم جاء على هذا الوزن، وإن كان مفردا، فهو ممنوع من الصرف، كسرا ويل ( والجمع سراويلات) . وهو اسم أعجميّ معرَّب ، وقيل بل هو عربيّ، جمع سروال وسروالة.
وهناك تفاصيل مهمة، لا يسمح الحيز المخصص للحلقة بالدخول فيها، أنصح القارئ الكريم بدراستها في المراجع المتخصصة.
18-    النِّفط ( بكسر النون) : مزيج من الهيدروكربنات يُحصَل عليها بتقطير زيت البترول الخام، أو قطران الفحم الحجريّ، وهو سريع الاشتعال، وأكثر ما يستعمل  في الوقود . والنَّفط ( بفتح النون) : النافطة : بمعنى البثرة والجُدَرِي . واحدته: نَفطة ( المعجم الوسيط). ويُلاحَظ أن جُلَّ المتحدثين باللغة العربية يفتحون النون عند حديثهم عن ( النفط) بمعنى ( البترول). ويلاحَظ الشيءُ نفسُه عند نطق (الجِنازة) فينطقونها بفتح الجيم، مع أن الكسر قد يكون أفصحَ.
 ولتفادي هذا النوع من الاختلالات، لابد من ضبط الكلمات التي يمكن أن يحدث لَبس في نطقها، كما أشرتُ إلى ذلك ، في البند (3). ولعلَّ شُيوعَ فتح الحرفين المشار إليهما آنفا، ناتج من سهولة النطق بالفتحة التي هي أخفّ الحركات.
19-     العُبودية ( بضم العين): خلاف الحرية، وبعضهم ينطقها بفتح العين. وقد يكون ذلك خطأً.
20-     العَلاقة ( بفتح العين): الصداقة. والعِلاقة (بكسر العين): ما يُعلَّق به السيف ونحوُه ( المعجم الوسيط). ومراعاة للدقة، ينبغي أن نتنبه للفرق بين المعنيَيْن.
21-    جَرُؤَ على الشيء  يجرُؤ ( بضم الراء) جُرْأة وجَرَاءة : أقدم عليه فهو جريءٌ. الجمع : جُرآء وأجرِئاءُ ( المعجم الوسيط). وينبغي الانتباه لما نقع فيه أحيانا من أخطاء في الصيغ المختلفة لهذه المادة.
22-     أَمْ: حرف  للمعادلة بعد همزة الاستفهام المطلوب بعدها تعيين أحد الشيئين (الشيأين)، نحو: (أَقَريبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُون) وتأتي بمعنى: بَلْ، مثل: (هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ) وتأتي بعد همزة التسوية وهي الهمزة الواقعة بعد سواء . مثل (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) 6 /البقرة.
23-     الخَصْم ( بفتح الخاء وسكون الصاد): المخاصِم يستوي فيه المذكر والمفرد وفروعهما (المعجم الوسيط). وقد يأتي مُطابقًا فيقال: خَصْم وخَصْمَان وخُصُوم.
والخَصِم ( بفتح الخاء وكسر الصاد): العالِم بالخصومة ، وإن لم يخاصِم. وفي القرآن الكريم: (مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ)58/ الزخرف.
24-     الصَّفْوُ: الصفاء. والصَّفْوة من كل شيء: صَفْوُه ( المعجم الوسيط). والصفوة من كل شيء: خالِصُه. وأُنبِّه على أن ( الصفوة) يستوي فيها المفرد والمذكر وفروعهما.
25-    تَمَّ وقَامَ: يُلاحَظ ، بشكل لاَفِت للنظر، كثرة إقحام فِعْلَيْ ( تَمَّ وقَامَ ) في سياقات – لا تتطلب-  بالضرورة – استخدام هذين الفعلين. وذلك في نحو: تمّ تعيين فلان سفيرا في البلد الفلاني. نطلب من السلطات أن لا يتم تسليم هذا الشخص وأن لا يتم سجنه. وقام  فلان بتسليم الرسالة، وقام الوفد بزيارة المنطقة الفلانية، إلخ. ومع أن هذه الأساليب لا تندرج ضمن الأخطاء الشائعة ، فإنني أُفضِّل   الإقلال منها، حتى لا يعتقد مُنشِئ الكلام أو مُتَلَقِّيه أن الأفعال التي تأتي بعد هذين الفعلين لا بد لها من الاستعانة بهما للتعبير عن المعنى المقصود.
يكفي أن نقول، مثلا: عُيِّن فلان سفيرا...، نطلب من السلطات أن لا تُسلِّم هذا الشخص وأن لا تسجنه. كما نقول: زار الوفد المنطقة الفلانية . وسلَّم فلان الرسالة ( بدلا  من : قام بتسليمها).
كما نقول: سَيُشْرَع في تنفيذ المشروع بتاريخ كذا،  بدل: سيتم الشروع في تنفيذ المشروع بتاريخ كذا.
 ويبدو – والله أعلم- أن من أسباب اللجوء إلى شيوع تركيب الجمل بهذه الصِّيَغ، تفادي استعمال الفعل المركَّب للمجهول، مثل، نُفِّذ وسَيُنَفَّذُ، سُلِّم وسَيُسَلَّمُ، شُرِع في، وسَيُشرَع في، عُيِّن وسَيُعَيَّنُ ، إلخ.
وكأنّ مُنْشِئَ الكلام، في مثل  هذه الحالات، يبحث عن صِيَغ  سهلة ليعْصِم نفسَه من الوقوع في الخطإ، مادام  غير  متمكن من تصريف الأفعال بكيفية صحيحة.
ومع أنني لا أعترض على اختيار الكاتب أو المتحدث للأسلوب الذي يناسبه، فإنني أقترح الإقلال من الحَشْوِ الذي لا لُزومَ له؛ فخير الكلام ما قَلَّ ودَلَّ. وعلينا كذلك أن نستأنس بالقاعدة الخاصة بعلاقة المعنى بالمبنى. وهي : إذا زاد المبَـْنىَ زَادَ المـَعْنَى . وفي ضوء هذه القاعدة، فإننا لا نلاحظ فرقا بين: عُيّن فلان، وتَمّ تعيين فلان، مع أن المبنى في الجملة الثانية زاد على المبنى في الجملة الأولى، والمعنى واحد، لأن استعمال (عُيِّن) في صيغة الماضي يدل على أن التعيين قد حَدَثَ( أي:تَمَّ).
انظروا معي هذا الأسلوب القرآني الرائع: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) 70/ الزمر. (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ)  10/ آل عمران.
فلو استعملنا ( تَمَّ) في إنشائنا العادي للكلام- قبل الأفعال ( سِيق، فُتِحَت ، أُخرِجَت ) مشفوعة بالاسم، وقلنا  تمت سياقة.. تَمَّ فتح الأبواب .. أُمّة تَمَّ إخراجُها، إلخ ، لَلاَحظنا الفرق الشاسع بين الأسلوبين، إذْ لا وجه للمقارنة بين إنشاء البشر وكلام خالق البشر، وهنا تكمن أهمية الاسترشاد بالأسلوب القرآنيّ البديع، للرفع من مستوى أساليب البشر القاصرة. وأغتنم هذه المناسبة للتذكير – مرة أخرى – بالعلاقة الوطيدة بين اللغة العربية والقرآن الكريم، والدين الإسلاميّ الحنيف.
فاللغة العربية مُعينة على فهم القرآن والسنة، ومَن فَهِم القرآن وتدبَّره وفَهِم الأحاديث الشريفة، دخل في الإسلام من تلقاء نفسه. وبناء على هذا التصور، فإن نشر اللغة العربية هو أهم مدْخَل للدعوة إلى الله. والله تبارك وتعالى يقول: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ) 85/ آل عمران.
ثم إن العربية ضرورية لتأدية الصلاة الواجبة، وما لا يُؤَدَّى الواجب إلا به فهو  واجب.
 وفي الختام، لابد من الإشارة إلى أننا في عهد ثورة الاتصال وتَدَفُّق المعلومات وَوِلادة مصطلحات وعبارات تركيبية جديدة، ينبغي لِمن يَتَصدَّى منا للكتابة أن يكون على مستوًى يُمَكِّنُه من التعبير عمَّا يَعِنُّ له ويَجُول في خاطره، بطريقة سليمة ومُستَساغَة.


التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية