للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي التاسع للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

غزو اللّهجات العاميّة

أ. جواد محمود مصطفى

تنتشر اللهجات العامية انتشارا صاروخيا بين أبناء اللغة العربية تحت عناوين مشبوهة،وتتنوع هذه العاميّات المحلّية،لتهدد لغتنا الأم "لغة الضاد"،التي تتعرض للهدم، ويتراجع استخدامها في مجتمعاتنا الممتدة من المحيط الأطلسي الى الخليج العربي،وهذا الأمر دفعني إلى التفكير بالمصير المتوقع للّغة العربية في العديد من أقطار وطننا الكبير، إذا ما بقي الحال على هذا المنوال، أي التخلي بوعي أو دونه، أو بسبب الإهمال، أو التباهي، عن لغتنا التي هي مكوّن مهم من مكوّنات حضارتنا التي كانت يوما مزدهرة ورمزا لعزّتنا وكرامتنا وسيادتنا القومية، ومقوّمات وحدة أمّتنا.
ومما يثير الأسى أن وسائل الإعلام المتعددة، وبخاصة المرئية منها، أي محطات التلفزة والفضائيات العربية، تلعب دورا خطيرا في تحجيم "لغة الضاد"،وتصاب بالهلع من العديد من مقدمي البرامج التلفزيونية من الجنسين يقحمون بعض المفردات والعبارات باللهجات العامية المحلية في سياق الحديث إلى المشاهدين والمستمعين، فكل مذيع، أو مقدّم برامج أو صحفي أو سياسي له دور مؤثر في المتلقي العربي ..وللإنصاف أقول إن الصحافة المكتوبة ما تزال أقل ضررا في هذا المجال.
وهنا اعتقد ان من اخطر الوسائل التي تعمل على انتشار استخدام العامية اضافة الى وسائل الإعلام العربية المرئية والمسموعة وحتى المكتوبة،إن وسائل الإعلام العالمية الموجهه إلى وطننا العربي الكبير،ويفترض فيها أن تستخدم لغة عربية فصحى، أصبح الكثير منها يستخدم العامية بلهجات محلية حسب البلدان العربية ،الأمر الذي  لا يمكن تبرأته من أهداف خبيثة تساهم مع غيرها باضعاف هويتنا ولغتنا .
هذه الظواهر السلبية المدمّرة لمجتمعاتنا وأجيالنا القادمة ،لا بد من معالجتها بحزم وفق آليات عديدة تلتقي عليها الحكومات العربية من خلال  جامعة الدول العربية ومجمعات اللغة العربية،تتدرّج من ربط الناشئة بالقرآن الكريم،الذي هو  دستور اللغة العربية ومرجعيتها في كل عصر ومكان،كونه هو المانع الوحيد والقوي والمتماسك الذي يجعل الناس يقبلون على اللغة العربية،الى الزام المعنيين بتدريس لغتنا في المدارس الرسمية والخاصة، مرورا بمنع قنوات التلفزة والفضائيات التي تعتمد العامية لغة في التخاطب،وبمراقبة برامج الأطفال التي تعتمد اللهجات العامية ومنعها من ذلك .
واذا ما علمنا أن عدد الدول العربية اثنتين وعشرين دولة ،فاذن هناك اثنتين وعشرين لهجة عامية،تتفرع عنها لهجات محلية لا حصر لها،  وتتميز كل منها عن الأخرى ببعض الخواص الصوتية، وسيطرة حرف دون الآخر على الأحرف العربية الثمانية والعشرين، وفيها من الأحرف ما تتميّز به عن اللغات الحيّة العالمية الأخرى .
وكما هو مشاهد فان العامية المحلية غير قادرة على تحقيق التفاهم بين أبناء الأمة العربية، بل انها لا تحقق التفاهم حتى بين أبناء البلد الواحد لاختلاف الألسن من الحواضر الى البوادي ،وحقيقة أن اللهجات العامية المحلية كانت ولم تزل " لغة " تفاهم شعبي في البلد الواحد،وبقيت عند هذا المستوى،لكن العربية الفصحى بما تمتلك من عوامل القوة والحيوية ومقومات الاستمرار لا تزال وستبقى لغة الأمّة والدين والآداب والتعليم والثقافة بكل أشكالها والحضارة،فالعامية عاجزة ان تكون لغة كاملة معبرة كل التعبير عن الافكار لأنها بدائية وغير ناضجة ولا تتمتع بأية خلفية حضارية ولا حصيلة علمية.
دعونا نعترف ونتفق من جديد على أهمية العربية الفصحى في توحيد أبناء الأمّة وتجميع قواها وقدراتها المادية وثقافتها وحضارتها، لنستعيد مجدنا وننطلق منه مجددا الى آفاق الأبداع في العلوم والفنون ،ولبلوغ هذه الغاية على حكوماتنا العربية أن تعالج الأسباب التي أدّت الى هجران لغتنا الأم الى اللهجات المحلية ...فهل نفعل ؟.

 


التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية