للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

الزّجل على رصيف الفنون الأدبيّة

د. نوال بنت سيف البلوشية



لقدّ تَنوعتْ فُنونُ الكَلَمِ في الأدب العربيّ، حتى تداخلت أنواعها فيما بينها، وعجز العربيّ المعاصر التّفريق بينها، فأصبح يجهل بعض فنونها، ومن تلكَ الفنون فنّ الزّجل. ومن الجدير في هذا المقام أنْ نُبيّن معنى لفظة زجل؛ فكلمة زجل بالعربيّة تعني : "الصّوت". والزّجل في اللّغةِ هو التّصويتُ والتّطريبُ، وهو اسمٌ أطلقه الأندلسيون على شعرهم العاميّ الذي شاعَ، واشتهر في القرن الثّاني عشر الميلاديّ.

إذن فالزّجلُ فنٌّ من فنون الأدب العربيّ الشّعبيّ ، يعود أصلهُ إلى جزيرةِ العرب قبل الإسلام؛ وهو شكل ٌ تقليديٌّ من أشكالِ الشّعر العربيّ باللّغةِ المحكيّةِ. وهو ارتجاليٌّ؛ يكون في شكلِ مناظرةٍ بين عددٍ من الزّاجلين (يُعرفون بشعراءِ ارتجال الزّجلِ)، مصحوباً بإيقاع لحني بمساعدة بعض الآلات الموسيقيّة.

وهو فنٌّ أندلسيّ أصيل تجاوز حدوده من المحليّة  إلى العالميّة رغم العاميّة الّتي توشحها، كأنّ الأقدار صفقت أن يكون مثل هذا الفنّ - الزّجل - على رصيف الفنون الأدبيّة!! بيد أنّه لم يفتأ ينال حظّهُ الأوفر في الدّراسات الغربيّة، ولدى المستشرقين الإسبان بصفة خاصّة.

وقدّ نشأ الزّجل  عند العرب في العصر على يدّ ابن قزمان وفق ما جاء في  قول ابن خُلدون بمقدّمته في حديثه عن هذا الفنّ بقوله: "وأوّل من أبدعَ هذه الطّريقة الزّجليّة أبو بكر ابن قزمان، وَإِنْ كانت قِيلت قبلهُ بالأندلس، لكن لم يظهر حلاها، ولا انسكبت معانيها واشتهرت رشاقتها إلا في زمانه".



وقد يكون ابن خلدون قصد بقوله "أبدع" أي جاء بالزّجل البديعِ، وليس أنّه أنشأ؛ لأنّهُ في الجملة التّالية مباشرةً قال: "وَإِنْ كانت قيلتْ قبله بالأندلس"، ويؤكد ما سبق قول المقريّ  في كتابه نفح الطّيب عن أهل الأندلس بقولهم : "ابن قزمان في الزّجالين بمنزلةِ المتنبي في الشّعراء.

وكان سبب وجد مثل هذا الفنّ آن ذاك: تحقيق أوزان شعريّة جديدة -تمثلت في الموشحات والزّجل - تتناسب مع الأوضاع الّتي جعلت العربيّ مفتونًا بالبيئة الأندلسيّة؛ إذ فتنهم الظلّ والشّجر والنّهر والمعاني المنتشرة فيها، والّتي تختلف كلّ الاختلاف عن صحاريهم المحرقة؛ حتى صاح شاعرهم:
يا آلِ أندلسٍ لله دوكموُ **
ماءٌ وظلٌّ وأشجارٌ وأنهارُ!!
ما جنّةُ الخُلدِ إلاّ في دياركموُ**
ولو تخيرتُ هذا كُنتُ اختارُ!!

وإذا ما تعمقنا في الزّجل الأندلسيّ لوجدنا أنّه لا يقتصر على نوعٍ واحد وإنّما إلى نوعيّن: زجل العامَّة وزجل الشّعراء المعربين؛ أمّا زجل العامَّة فإنّه يتمثل في الأغنية الشّعبيّة العامَّة، وزجل الشُّعراء المُعربين هو تابعٌ لزجل العامَّة إلا أنّ هدف المثقفين منها كان؛ لنشر أزجالهم المصطنعة بين الطّبقات المثقّفةِ. والأغراض الّتي تناولها الزّاجلون كانت بين المدح والفخر والغزل والتّصوّف، وبعض الأغراض الاجتماعيّة كالكُدية.

ومن الجدير أن أجعل بين يديكم أنموذجا للزّجل:
قولوا للفقيه عني عشق ذا المليح فني
أي مذهب تدريني
الشريعة تحييني
و الحقيقة تفنيني
و اعلم أني سني


قولوا للفقيه عني عشق ذا المليح فني
و اعلم أن ليس في الدار
غيرك فاقطع الأخبار
و ادخل معي المضمار
أو مر لا تصدعني
قولوا للفقيه عني عشق ذا المليح فني
فدعني من وهمك
فأنت غلام نفسك
هذا الكون هـ دار نومك
استيقظ ترى حسني
قولوا للفقيه عني عشق ذا المليح فني
الخاتمة
ومما سبق نقوى أن نُبرهن:
• أنّ الزّجل فنٌّ أندلسيّ أصيل تجاوز حدوده من المحليّة  إلى العالميّة رغم العاميّة الّتي توشحها.
• يعدّ هذا الفنّ رغم عاميته، من الفنون الأدبيّة العربيّة باعتبار شكلٌ من أشكال تنوع  اللّغة العربيّة في وقتنا الحاضر؛ بين فصحى التّراث في النّصوص المقدّسة، والفصحى المعاصرة؛ الّتي نعبّر بها فنون الكتابة والإعلام، واللّغة المحليّة، والعاميّة،وفق كلّ منطقةٍ وقُطرٍ عربيّ على خارطة الجزيرة العربيّة، فمن المؤسف ألّا يجد فنّ الزّجل العناية الكافية من قبل الدّارسين والمؤرخيّن

المراجع
ريدان، س. (2002). 3 - منابع الشعر في الزجل الأندلسي - بوادر. دراسات أندلسية - تونس، ع 27 ، 94 - 95. مسترجع من http://search.mandumah.com/Record/257235
رحيم، م. (1996). الموشح العروس: ليس موشحاً ! دراسات أندلسية - تونس، ع 16 ، 62 - 68. مسترجع من http://search.mandumah.com/Record/253912
عباسة، م. (2009). اللهجات في الموشحات والأزجال الأندلسية. حوليات التراث -الجزائر، ع 9 ، 5 - 17. مسترجع من http://search.mandumah.com/Record/60260
بيرك، ج.، و علاء الدين، ب. (2004). زجل في سبيل غرناطة مرتقبة. مجلة الملتقى - المغرب، ع 12 ، 110 - 117. مسترجع من http://search.mandumah.com/Record/515453
الأهواني، ع.، و كنون، ع. (1957). الزجل في الأندلس. تطوان - المغرب، ع 2 ، 191 - 192. مسترجع من http://search.mandumah.com/Record/203302
قجه، م. (2010). ابن قزمان الأندلسي ومنهجه في الزجل. المعرفة ( وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية ) - سوريا، س 49, ع 567 ، 306 - 312. مسترجع من http://search.mandumah.com/Record/487475


التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية