للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

واقع التهرّب اللغوي في الجزائر

أ. حمزة زرقي
إن اللغة العربية الفصحى هي حاملة وعاء أفكارنا وهويتنا الناطقة عن تراثنا العربي الإسلامي, وحاملة حضارتنا وانتمائنا, "فالعربية هي الضامن الأساسي للهوية"  حسب ما قاله جلبير غراغنيوم. والذي أشار إليه  فيصل الحفيان بأنّ"(اللغة)هي الهوية , وهي (الهوية )اللغة" , فاللغة العربية هي علم هويتنا وذات قوميتنا.
والحديث عن واقع التهرّب اللغوي في الجزائر هو حديث عن واقع مرير ومسألة شائكة يصعب تحليل مضمونها ومعالجتها إلا إذا كانت يد عليا وأقصد هنا أصحاب القرار السياسي الذين هم في المحصلة الأولى, لأن الدولة وحدها تستطيع دفع عجلة اللغة العربية لتساير الركب الحضاري,  بالرغم من الواقع الذي يعيش ركودا لغويا بين كيد أعدائها ووهن أبنائها, وذلك اعتمادها في كل من المحيط والتعليم.....بسن القوانين وفرض ضريبة على كل من يتهرّب من التحدث باللغة العربية و يستعمل غيرها من اللغات  الأجنبية في شتى القطاعات والمجالات, ويمكن أن  نعطيه مصطلحا  لسانيا هو الضريبة اللغوية " فريضة مالية تستوفيها الدولة بصورة إلزامية على كل من يستعمل لغة أجنبية بقصد أو بدون قصد" 
وبالرجوع إلى قانون تعميم استعمال اللغة العربية بالجزائر الموافق لـ16 جانفي  1991 والذي نجد فحواه خاصة في الفصل الرابع منه (الأحكام الجزائية) وذلك في أحكام المواد الجزائية في المواد(31, 32, 33) والتي فحواها كل مخالفة لما نصه قانون التعميم  يعاقب بمبلغ مالي لما نصصته المواد(17, 18,19, 20, 21, 22) إلا أنّ هذا القانون اغفل شيئ مهم وحساس هو فرض ضريبة لغوية  على كل  من يستعمل لغة غير اللغة العربية, وهذا ما نجده في قانون توبون(04 أوت 1994) الذي استوحى قانونه من قانون تعميم استعمال اللغة العربية وذلك  بتعميم الفرنسة إلا أنّ قانون توبون  كان متميّزا في فرضه غرامات مالية على منتهك اللغة الفرنسية وهذه الغرامة هي 3500 دولار أمريكي على كل مواطن يستعمل كلمات انجليزية أو غير فرنسية في محادثاته ومخاطباته مادام لها مقابل في الفرنسية....وهلم جر 
ومن يلقي نظرة عن واقع اللغوي الجزائري يجد أن أقطاب لغوية(لغة عربية- لغة مازيغية-لغة عامية-لغة فرنسية) عجّلت بميلاد تهرّب لغوي من قبل متحدثي اللغة العربية وهو وضع آل إليه المجتمع الجزائري بالرغم من القانون الذي نص على استعمال اللغة العربية في المحيط والإدارة والتعليم...., ولكن ثمة فجوة بين ما ينص عليه القانون وما يمارسه المجتمع الجزائري على ارض الواقع, ألا وهو التهرّب اللغوي ونعني به التهرب من استعمال اللغة الأم أي اللغة العربية الفصحى وتهميشها,وزحف الناطقين إلى استعمال اللغة العامية التي أضحت ظاهرة تجوبها الشوارع والمدارس والمساجد......, فاللغة العامية والتي نستطيع أن نعطيها مصطلح اللهجة وهذه الأخير نجدها تختلف من منطقة إلى أخرى في الوطن الجزائري فلهجة الشرق تختلف عن لهجة الغرب ولهجة الوسط تختلف عن لهجة الجنوب, وكل منها تتفرّع إلى لهجات مختلفة, إذ تجد في المنطقة الواحدة تتحدّث بأكثر من لهجة, وأما العامل الآخر الذي عجّل بدحض اللغة العربية الفصحى والتهرّب من استعمالها, هو الحرب الضروس بين العربية والمازيغية, التي أصبحت لغة وطنية بصفة مدسترة سنة 2004, وهذا ما دعا إلى استعمالها على نطاق واسع من ربوع الوطن وإدراجها أيضا في قطاع التعليم,  ومما أصاب العزوف عن استعمال اللغة العربية أيضا حتى في كتابة حروف  اللغة المازيغية بالعربية  هو الفرقة والتشتت التي دس سمّها المستدمر(المستعمر) بكتابة اللغة المازيغية بالتيفيناغ أو باللغة الفرنسية مما أدى إلى الاستغناء عن كتابتها بحروف عربية بالرغم من أن هذا الوطن الغالي عربي مازيغي مسلم ولا أحد ينكر هذا؛ إضافة إلى ذلك فالناطقين باللغة المازيغية استغنوا عن استعمال اللغة العربية في تعاملاتهم اليومية و......هو تفرّع اللغة المازيغية  إلى عدة لهجات(قبائلية-تارقية-شلحية-شنوة...), وهو ما أدى إلى التهرّب من استعمال اللغة العربية والاستغناء عنها كونها ليست لغة السكان الأصليين للجزائر بل اللغة الرسمية والوطنية للجزائر هي اللغة المازيغية, وهذا الهاجس والعقيدة المتّبعة هي من صنع فرنسا وعربوفونيين يريدون طمس اللغة العربية بطرق شتى وأساليب تجعل من اللغة الفرنسية هي الحاضرة في شتى المجالات حتى في كتابتها عن طريق فكرة ضع صراع عربمازيغي تجني لغة حرب(لغة فرنسية), فاللغة المستعملة من قبل الجزائريين اليوم هو اللغة الفرنسية التي عدّت غنيمة حرب, والتي يحرص على استعمالها كل متحدّث ليزكي نفسه بأنه يتقن التحدّث بها وذلك  بدمج مصطلحات فرنسية باللغة العامية أو لغة فرنسية باللغة المازيغية ...فأضحت الفرنسية لها مرتبتها الخاصة في الواقع الجزائري مما أدى إلى تهرّب لغوي من قبل الفرد الجزائري, وهو تهرّب من استعمال اللغة العربية الفصحى في تعاملاته اليومية وحتى في استخدامه  لشبكة التواصل الاجتماعي بهندام فرنسي، إضافة إلى ذلك تبرير موقفه من اللغة العربية الفصحى لغة صعبة  كونها جامدة ومعقّدة، بل هي لغة متحفية وظاهرة أنثروبولوجية تدرّس وفقط , وهذا هو بيت القصيد الذي ولّد تهرّب لغوي من طرف الفرد الجزائري والإعجاب باللغات الأوربية والتأثّر بها والاقتباس منها بمناسبة وغير مناسبة.
من خلال ما تم التطرّق إليه,  نجد أن النتيجة الحتمية للتهرب اللغوي في الجزائر هي الإيقاع بالجزائريين في بوتقة صراعات هوياتية  الذي يؤدي لا محالة إلى طمس اللغة العربية الفصحى . وإلحاق الضرر بها وحرمانها من تداولها واستعمالها, ذلك أنّ التهرّب اللغوي وكثرة العزوف عن استعمال اللغة العربية الفصحى؛ تدفع بالمنظّمات الفرانكفونية(عربوفيونية) والانجلوفونية بعرقلة رسم تخطيط واضح المعالم باستعمال اللغة العربية الفصحى لتعوّض عمّا فاتها من السنون من استعمال لغتها(الفرنسية والانجليزية).
ولعلاج هذا التهرّب اللغوي الناتج عن عوامل كثيرة يصعب حصرها هو وضع ضريبة لغوية يدفعها كل من استعمل اللغة لغة أجنبية عوض عن اللغة العربية في كافة الاستعمالات والحرص على دفع الضريبة أو يهدد بالسجن مثلما فرضته  فرنسا على أبنائها.

 

  1 - جلبير غراغنيوم, اللغة والسلطة  والمجتمع في المغرب العربي, تر: محمد أسليم, ص28. 
  2 - فيصل الحفيان, اللغة والهوية : اشكاليات المفاهيم وجدل العلاقات,مجلة التسالمح05, ص40.2
 

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية