للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي التاسع للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

إرهاصات اللغة العربية – العروبيات القديمة – ومظاهرها في اللغات القديمة

د. أيمن وزيري

  

لقد كان الأدب المصرى القديم كان أدباً شعرياً خالصاً، اللهم إلا ندرة من الأعمال النثرية التي يُمكن أن نسميها أدبية. أما الأنواع الأدبية الأساسية كالحكم والنصائح والتعاليم الإرشادية والصلوات والترانيم والأغانى ومعظم القصص فقد كتبت فى صورة شعرية ، فالأدب المصرى القديم استخدم ووظف ثلاثة أساليب هى كما يلى: النثر، والشعر وأسلوب يقع بينهما ويُمكن أن يُسمى بـالأسلوب الوسط ، ولقد كانت السمة المُميزة للنثر هى انتهاج الفكر فى صورة خطيّة بديعة عن طريق جمل مبنية بطرق متنوعة، ولعل هذا التنويع كان مقصودً من أجل كسر رتابة الإيقاع المُعتاد والمُتوقع.  أما الأسلوب الوسط بين النثر والشعر، فيتسم بالجمل المُتناسقة، ولذلك يُمكن أن يُطلق عليه الحديث المُتسق أو الأسلوب الخطابي المسجوع ، ولعله يُشبه أسلوب بعض الكتب المقدسة فيما بعد، كما يُماثله – إلى حدٍ ما – ما يُعرف فى الكلاسيكيات العربية بأساليب السجع  . وتجدر الإشارة إلى أن علم البديع على يرتكز على محورين :  الأول: يختص ببعض الفنون البديعية المعنوية مثل: الطباق، والمقابلة، والتورية، والتجريد، والمبالغة.  أما الثانى: فيختص ببعض الفنون البديعية اللفظية مثل: الجناس، والسجع، والتلميح. ومما لا شك فيه أن علم البديع يُعد واحداً من أهم علوم اللغة قديماً وحديثاً، فهو يُمثٍّل لب الثقافة، ومنهاج القدرات الإبداعية . كما أن علم البيان كان يتضمن في طياته التشبيه والاستعارة والكناية . وحقيقة القول فقد كان االبديع والبيان هو مرآة الأدب، والأدب مرآة لحياة أى أمة وترجمان صادق لحضارتها، وإن ضعفت الأمة حضارياً هزل الأدب وضعف وإن جدت جد، فهو المقياس الصادق، وبالرغم من ذلك فقد يجد الأدب وتهزل الأمة، ولكن لا يهزل الأدب أبداً فى أمة جادة.  ونستطيع بمطالعة الآداب أن ندرك أنه لم يستهدف بها نفعاً تجارياً أو مصلحة مادية ، بل كان ذلك بمثابة غذاء للروح وإشباع لمشاعر النفس، وقد كان للأدب فى مصر القديمة أنواعه وأساليبه، ومن أنواعه الأدب الدينى والأدب القصصى والأدب العاطفى، والأدب الخاص بالحكم والأمثال والتأملات، ثم الأدب الفلسفى . وليس من الميسور عمل حدود فاصلة بين هذه الأقسام الأربعة؛ حيث يتداخل بعضها فى بعض كما هو الحال فى آداب أى أمة أخرى، ولكنها على أى حال فهي تُمثٍّل في مجموعها  صوراً صادقة عن المصريين القدماء، لأن الأدب كما ذكرنا آنفاً هو المرآة التى تعكس عقلية الشعب وأمانيه وتظهر مدى ما وصل إليه من نضوج ذهني.  وجديرٌ بالذكر أن من أهم الظواهر التى تلفت الانتباه هو أن الأدب المصرى القديم كان أدباً شعرياً خالصاً، اللهم إلا ندرة من الأعمال النثرية التى قد نسميها أدبية. أما الأنواع الأدبية الأساسية كالحكم والنصائح والتعاليم الإرشادية والصلوات والترانيم والأغانى ومعظم القصص فقد كتبت فى صورة شعرية .  أما الشعر فيُعبر عن توازى العناصر التي كانت واحده ضمن أدوات أساليبه البلاغية ، ولا يعرف الشعر المصرى القديم التعريف الواحد، ومع ذلك يمكن إدراكه عند رؤيته، وفى الأشكال الرسمية كان الشعر المصرى القديم يصعب تمييزه أحياناً عن الأسلوب الخطابي ، فالفرق إذاً فى المضمون والحالة النفسية والمشاعر المنقولة أو المشاعر لدى القارئ أو السامع. ولقد كانت دروس الأخلاقيات تتداخل فى فروع الدراسات الأدبية الأخرى، فتداخلت فى الآداب القديمة وتعاليمها التى لم تخل واحدة منها من حكم أخلاقية ومُثُّل للسلوك القويم . كما كان مبعث الغلبة التى استأثرت بها الآداب القديمة (الكلاسيكية) فى دراسات العصور القديمة هو ثقة المعلمين بها باعتبارها تراثاً من تعبيرات راقية وتشبيهات مختارة وحكم سديدة ارتضاها الذوق الأدبى العام فيما تقدمهم من عصور. وقد أدرج المصري القديم على الآداب القديمة تعبير الأقوال المقدسة، تقديراً لها وتثبيتاً، ثم اعتبروها أساساً لابد منه للناشئ المُتأدب. ولا يخلو هذا التقدير من شبه مع تقدير عصورنا الحديثة لآداب العصور العربية والإسلامية الأولى، من حيث قيمها البيانية والبلاغية، ومن حيث أنه ما من بليغ مستحدث فى اللغة يقوم على غير أساس من التراث القديم، ثم من حيث إنها تُمثٍّل الآداب القومية الخالصة . ولم يكن تعلّق الأدباء والمعلمين المصريين بأساليب الأسلاف وحكمتهم قاصراً فى واقع أمره على عصرٍ معينٍ، وتشهد بذلك تعاليم بتاح حوتب – حين استأذن الملك أن يعلم ولده "أقوال المتفقهين، وآراء السابقين الذين أطاعوا الأرباب وأخلصوا للأسلاف" – وحين قال عن أولئك الأسلاف "إن صوابهم هو (سر) مجدهم، ولن تزول ذكراهم من أفواه الناس بما كان عليه جمال حكمتهم وعلى الإنسان أن يتداول أقوالهم كلها، ولن تزول من هذه الدنيا إطلاقاً" . كما تشهد به تعاليم خيتى ملك إهناسيا حين تحدث إلى ولده عن أسلافه قائلاً له: " الزم أقوالهم إنها خالدة فى الكتب فافتحها واقرء حتى تبلغ الحكمة فبذلك يصبح المفن مثقفاً" . وعلى ذلك فلقد كان الأدب المصرى القديم كان أدباً شعرياً خالصاً، اللهم إلا ندرة من الأعمال النثرية التى قد نسميها أدبية. أما الأنواع الأدبية الأساسية كالحكم والنصائح والتعاليم الإرشادية والصلوات والترانيم والأغانى ومعظم القصص فقد كُتبت فى صورة شعرية تتجلى فيها مظاهر البديع والبيان . وكان الأدب المصرى القديم قد استخدم ووظف ثلاثة أساليب هى كما يلى: النثر، والشعر وأسلوب يقع بينهما ويُمكن أن يُسمى " الأسلوب الوسط" ، ولقد كانت السمة المُميزة للنثر هى انتهاج الفكر فى صورة خطيّة بديعة عن طريق جمل مبنية بطرق متنوعة، ولعل هذا التنويع كان مقصودً من أجل كسر رتابة الإيقاع المُعتاد والمُتوقع.  أما الأسلوب الوسط بين النثر والشعر، فيتسم بالجمل المُتناسقة، ولذلك يُمكن أن يُطلق عليه الحديث المُتسق أو الأسلوب الخطابي المسجوع ، ولعله يُشبه أسلوب بعض الكتب المقدسة فيما بعد، كما يُماثله – إلى حدٍ ما – ما يُعرف فى الكلاسيكيات العربية بأساليب السجع التي هي من مظاهر البديع . وقد كان االبديع والبيان هو مرآة الأدب، والأدب مرآة لحياة أى أمة وترجمان صادق لحضارتها، وإن ضعفت الأمة حضارياً هزل الأدب وضعف وإن جدت جد، فهو المقياس الصادق، وبالرغم من ذلك فقد يجد الأدب وتهزل الأمة، ولكن لا يهزل الأدب أبداً فى أمة جادة . وقد أدركت اللغة المصرية القديمة مظاهر واساليب البديع والبيان، واستطاعت أن تفيد منها وتبرزها، فخرج جيل له روح أدبية خالصة للأدب ذاته. ونستطيع بمطالعة آدابه أن ندرك أنه لم يستهدف بها نفعاً تجارياً أو مصلحة مادية ، بل كان ذلك بمثابة غذاء للروح وإشباع لمشاعر النفس، وقد كان للأدب فى مصر القديمة أنواعه وأساليبه، ومن أنواعه الأدب الدينى والأدب القصصى والأدب العاطفى، والأدب الخاص بالحكم والأمثال والتأملات، ثم الأدب الفلسفي وقد استخدم الشعر المصرى القديم أدوات أكدت على بعده عن النثر وعن الأسلوب الخطابي ، ومن الأدوات الرئيسية تكرار سطر بعينه على فترات منتظمة، مما خلق المقطع الشعري الذي اعتمد تقريباً على علوم البديع والبيان، وقد عرف المصريون القدماء البديع والبيان من غير شك، فقد كانت له أوزانه وقوافيه التى يلتزموا بها والقوافى التى يراعونها وقد يقف عدم إدراكنا بالنطق الصحيح بسبب إسقاط المتحركات (حروف الحركة)، كما تقف عدم معرفتنا بمواضع الضغط على المقاطع عقبة فى سبيل ضبط النطق الصحيح للكلمات مما يجعل مُتابعة ركائز البديع والبيان على هذه الصورة أمراً صعباً . وبذلك تبقى أوزان وقوافي البديع والبيان فجوة كبيرة باقية فى نطاق معرفتنا بالأدب المصرى القديم؛ لأن المصريين القدماء لم يكتبوا الحروف المتحركة فى كلماتهم، كما ذكر آنفاً، كما نظل عاجزين عن القطع فى أمر السطر الشعرى القديم برأى : أكان مؤلفاً من تفعيلات أم كانت له صور أخرى أكثر مرونة فى توزيع النبرة والشدَّة . كما يُعتقد أن مظاهر البديع والبيان في اللغة العربية أو العروبية القديمة قد كانت تُشبه ما نراه فى شعر Walt Whitman أحد الشعراء الأمريكان المعاصرين، وأيضاً يُعتقد أن اساليب ومظاهر البديع والبيان القديم يُمكن وصفه بأنه مزيد من أوزان شعر هؤلاء الشعراء الذى يتميز بالحرية والإنتظام البنائي والبلاغي ، بالإضافة إلى الإهتمام الشديد بأنماط التشابه والاختلاف، كتلك الموجودة فى الأبيات الثنائية البطولية لألكسندر بوب من القرن الثامن عشر، وهى أبيات بلا قافية أو وزن . وعلى ذلك فإن مظاهر البديع والبيان في اللغة العروبية والمصرية القديمة كانت توحي بوجود نظام وزني قائم على مؤثرات متوازنه، بالإضافة إلى إبراز وحدات المعنى والكلمات، ومجموعات الكلمات والجمل، أما كون البيت الشعرى القديم محتوياً على عدد معين من مواضع النبرات فى الكلمات أو لا، فهذا أمر غير معروف . وقد بُذلت جهود عدة لإجابة هذا التساؤل ولكنها كانت غير مجدية، مثلها مثل الجهود المبذولة فى دراسة الأوزان القبطية فى غياب أى مؤشرات مرئية. أما ما يُمكن أن يتفق عليه الباحثون ويضعوا أيديهم عليه بثقة فى القصائد الشعرية والأقوال الخطابية المصرية القديمة والقبطية فهو السطور الشعرية الموزونة وهي من مُعضدات البيان والبديع. كما إن الأُسُس التي بُنيت عليها هذه المقاطع التي اتسمت بمظاهر البديع والبيان ، وهى الوحدة التى نبحث عنها فى المقطع الكتابي ، وهى وحدة المعنى سواء أكانت هذه الوحدة تحقق على المستوى الشكلي جملة كاملة مستقلة تسمح بوقفة قبلها ووقفة بعدها، أم بأكثر من جملة أم سطرين جمعت بينهما الترجمة ليكونا معاً مقطعاً واحداً، أى أن الطول أو القصر فى العبارة ليس مهماً بقدر ما هو مهم الإلتفات إلى استقلاله معنوياً عما قبلها وما بعدها. كما أن لتوازي المقاطع الكتابية أهميته فى تحديد بداية السطر الموزون ونهايته، وذلك إلى جانب وسائل أخرى إرشادية مثل تكرار سطر بعينه أو جزء منه . وقد تجلت مظاهر واساليب البديع والبيان في اللغة العروبية القديمة والمصرية القديمة وكذلك القبطية حيث ظهر الاهتمام بوحدات المعنى، وذلك بالنظر إلى الأهمية الكبيرة للتوازى والأدوات الأخرى التى تعمل على الإتساق اللفظي . ويُمكن القول أن كل ما كتب بلغة بليغة فى أسطر قصيرة (مثل الشعر الحديث)، مُتقاربة الطول، يُرجح أنه سجع يخضع لوزن من الأوزان أو قافية من القوافي ، فإذا تكررت المقاطع واتحدت في عدد سطورها، وتناسبت معانيها كان ذلك سجعاً مؤكداً لا نثراً ، وغالباً ما كان قوِّام المقطع الكتابي مكوناً من ثلاثة أو أربعة مقاطع كتابية . وكان مطلع الأناشيد والأشعار الحماسية والمدائح الدينية وأهازيج الغزل واغاني النصر، توضح التزام المصرى القديم بأوزان وقوافي معينة من غير شك . فالأسلوب الأدبي المصرى القديم كان بناءًا صارماً ومفيداً ؛ حيث إن القصائد الشعرية – على اختلاف أنواعها – كتبت فى شكل أبيات ثنائية ، بحيث يكون كل بيتين معاً جملة تامة أو جزءًا من جملة طويلة مركبة . وقد كان البديع فى الثنائية الشعرية مستقلاً بمعناه، وقد يعتمد أحد بيتين هذه الثنائية على الآخر في معناه ، وعلى الرغم من أن هذا المظهر الثنائي هو الذي سائداً، فثَّمة مظاهر أخرى للشعر المصرى القديم ؛ فهناك مقاطع بديعية مكونة من ثلاثة أو أربعة مقاطع ، وذلك بقصد تنويع الجمل والإيقاعات، ومعنى هذا أن أبسط مظاهر البديع المصرى القديم وأكثرها شيوعاً هو ذلك الذى يتحد فيه الشطران أو المقطعان القصيران في الوزن والقافية، قد التزم المصري القديم في مقاطعه البديعية بتكرار صدر المقطع الأول فى كل شطر يليه، بينما يتغير بقية المقطع . وقد استخدم المصري القديم التورية في اللغة المصرية القديمة ، وقد كانت تقريباً توريه مقصوده بقصد التلاعب بالألفاظ وكنوع من انواع العصف الذهني ، وقد دل على ذلك العديد من شواهد ومصادر اللغة المصرية القديمة . كما كان المصري القديم بارعاً في استخدام التعبيرات التي تُحقق مفهوم التلاعب اللفظي بين اللفظ ومعناه القريب والبعيد ، وهو ما يُعبر عن التورية التي تجلت فيما بعد في اللغة العربية . وعلى ذلك فق عرف المصري القديم مظاهر علوم البديع والبيان ، وقد تجلى ظهورها في المصادر المصرية القديمة ، ومنها الجناس؛ بحيث يكون التعبير اللغوي من نفس جنس التعبير الآخر ولكن المعنى يكون مختلفاً، وأيضاً السجع ؛ بحيث تتوازى أواخر الشطرات أو القفلات أو خواتيم الكلام ، وكذلك التوكيد اللفظي بتكرار الكلمة مرتين ، أو المعنوي بتأكيدها بمعنى آخر أو كلمة أخرى بنفس المعنى ، بالإضافة إلى التورية ؛ وتختص بمعنى قريب والمراد منها هو إقرار المعنى البعيد . كما عرفت اللغة المصرية القديمة أسلوب الطباق وهو تطابق الكلمات واختلاف المعنى أو بمعنى آخر التلاعب اللفظي وتغيير مواضع الكلمات كنوع جمالي للنص فضلاً عن أن أسلوب الطباق يحتوى على تضاد في مواضع الكلمات مما يؤكد المعنى ويُرسخه ويجليه. 

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية