محمد الراجي
موازاة مع الجهود التي يبذلها المغرب لتعزيز علاقاتها مع البلدان الإفريقية على المستوى السياسي والاقتصادي، دعا باحثون وخبراء في مجال اللغة إلى جعل اللغة العربية جسرا للحوار والشراكة بين المغرب وجواره الإفريقي.
جاء ذلك في افتتاح ندوة ينظمها معهد الدراسات والأبحاث للتعريب، على مدى يومين بالرباط، في موضوع "المغرب وإفريقيا اللغة العربية جسر للحوار والشراكة"؛ حيث قال وزير الثقافة، محمد الأمين الصبيحي، إن اللغة العربية "يمكن أن تلعب دورا أساسيا في الحوار بين المغرب والبلدان الإفريقية في هذه الظرفية المستدعية لتكثيف التعاون وفتح جسور الحوار".
واستطرد الصبيحي أنّ انتشار اللغة العربية كان له دور حيوي في تحصين الحركية الثقافية والروحية التي أطلقها دخول الاسلام إلى القارة الإفريقية، مضيفا أن لغة الضاد "لعبت دور الجسر الناقل لإسلام وسطي حرص المغرب على تأمينه من منطلق الوسطية والاعتدال".
ولتمتين جسور التعاون بين المغرب وجواره الإفريقي، على المستوى الثقافي، دعا الصبيحي إلى التفكير في إطلاق جائزة سنوية في المغرب لأهمّ المؤلفات والأبحاث الإفريقية، وهو مشروع قال الوزير إن المغرب يمكن أن يحتضنه "تكريما للفكر والإبداع بالقارة الإفريقية".
الصبيحي أردف أن اللغة العربية "قادرة على استقبال الحمولات الثقافية التي تزخر بها القارة الإفريقية، وتلعب، بالتالي، دورا في التعريف بالمنجز الإفريقي على مستوى الكتاب"، لافتا إلى أن لغة الضاد "أمّنت الجسر الروحي والثقافي بين المغرب وجواره الإفريقي".
من جهتها استعرضت جميلة المصلي، وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي بالنيابة، الأدوار التي لعبتها وتعلبها اللغة العربية في تمتين العلاقات الثقافية والروحية بين المغرب والبلدان الإفريقية، قبل أن تنتقل إلى الحديث عن واقع هذه اللغة في الوقت الراهن.
وقالت في هذا الإطار: "اللغة العربية اليوم تواجه العديد من الصعوبات، لكن في المقابل هناك إشراقات؛ ذلك أنها تحتلّ المرتبة السادسة على مستوى اللغات المتواصل بها على مواقع التواصل الاجتماعي.
لكنّ هذه "الإشراقات"، وفق وزيرة التعليم العالي بالنيابة، "لا يمكن أن تستمر بدون إسنادها بعمل يرمي إلى التجديد المستمر وتأهيلها للاستعمال في المجالات الحضارية المعاصرة، وخاصة المعلوميات".
وتطرق محمد رِفقي، الأمين العام لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، إلى دور اللغة العربية في نشر الإسلام الوسطي في القارة الإفريقية، قائلا إنها "ساهمت في الحفاظ على وحدة الدين الإسلامي وصدّ التيارات المتطرفة، وَفَتْح الحوار بين علماء القارة الإفريقية".
وشدّد رفقي على أنّ "إبقاء النموذج المغربي حيّا في القارة يقتضي منا الذهاب عندهم وليس انتظار قدومهم عندنا"، مبرزا أنّ إنشاء مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة سنة 2015 يندرج في هذا الإطار، مضيفا: "ليس هناك مختصون انثروبولوجيون حقيقيون يفهمون جيدا واقع القارة الإفريقية، التي يُتحدث عنها بشكل سطحي".
في السياق نفسه، قال عبد العالي الودغيري، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس، إنّ توطيد العلاقات بين المغرب والبلدان الإفريقية يتطلب وضع استراتيجية ثقافية قائمة على الدين والتاريخ المشترك.
ودعا الودغيري إلى الاهتمام أكثر بالجانب الثقافي، سيرًا على نهج الدول المتقدمة في علاقتها بإفريقيا. وقال في هذا الإطار: "الفرنسيون كانوا أذكياء في طريقة خدمة مصالحهم في القارة الإفريقية؛ إذ بدؤوا بما هو ثقافي ولم يبدؤوا بالتجارة، واستثمروا أموالا طائلة في تعليم أبناء إفريقيا في جامعاتهم؛ حيث يدرس الأفارقة في فرنسا بالمجان".
هسبريس