في اليوم العالمي للغة العربية: لغة الضاد .. لغتنا الجميلة

د. عبد القادر فارس

 

احتفلنا قبل ثلاثة أيام باليوم العالمي للغة العربية , والذي يحتفل به يوم الثامن عشر ديسمبر من كل عام , حيث تقرر الاحتفاء باللغة العربية في هذا التاريخ لكونه اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم ( 3190 ) في شهر ديسمبر عام 1973، والذي يقر بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة , بعد مشروع اقتراح قدمته الدولتان العربيتان السعودية والمغرب, خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو. 

لغة الضاد : تعود أهمية اللغة العربية إلى أنها لغة القرآن , التي يتحدث بها نحو 500 مليون عربي , ويقرأها نحو مليار ونصف المليار مسلم .. ويرجع السبب في تسمية اللغة العربية بلغة الضاد إلى كونها اللغة الوحيدة التي تحتوي على صوت وحرف الضاد، علماً أنه حرف يتميز بصعوبة نطقه عند غير العرب، حتى أنّ بعض قبائل العرب في المشرق , والأشقاء في المغرب العربي , يصعب عليهم نطقها , ويتميز حرف الضاد بأهميته الفريدة؛ حيث إنّه الاسم الذي استخدمه العرب ليطلقوه على اسم اللغة العربية, فسموها لغة الضاد، أو لسان الضاد, وهناك من يخففها فتلفظ ( د ) , وهناك من يغلظها فتنطق (ظ) ، كما أن بعض المتكلمين بغير العربية يعجزون عن إيجاد صوت بديل له في لغاتهم.. ويعتبر حرف الضاد أحد حروف الهجائية العربية؛ وترتيبه هو الحرف الخامس عشر, ويقع بين الحرفين ( ص ) و ( ط ), أما في ترتيبه الحروف الأبجدية فهو الحرف رقم 26 ، ويقع بين الحرفين ( ذ ) و ( ظ ). 
في وصف لغة الضاد قال الشاعر العربي أبو الطيب المتنبي :
لا بقومي شرفت بل شرفوا بي *** وبنفســي فخرت لا بجــــدودي
وبهم فخر كل من نطق (الضـادَ) *** وعوذ الجاني وغوث الطريد
أما الشاعر العربي السوري فخري البارودي فقال فيها :
بلاد العرب أوطانـي *** من الشام لبـغدان
ومن نجد إلى يمــن *** إلى مصـر فتطوان
لسان (الضاد) يجمعنا *** بعدنان وقحطــان
كما خصها الشاعر العربي المصري حافظ ابراهيم بقصيدته الرائعة عن اللغة العربية:
وسِعتُ كتـاب الله لفظـاً وغايـة *** ومـا ضاقت عن آي بــه وعظـــات
فكيف أضيق اليـوم عن وصف آلة *** وتنسيـق أسمـاءٍ لمــختـرعـــــات
أنا البحر فـي أحشائه الدر كـامن *** فهـل سألـوا الغواص عـن صدفاتي
وقال فيها أمير الشعراء أحمد شوقي :
إِنَّ الَّذي مَلَأَ اللّغاتِ مَحاسِناً *** جَعَلَ الجَمالَ وَسَرَّهُ في (الضّادِ)
فكل عام ولغتنا الجميلة بألف خير, وهي التي تتعرض اليوم للتشويه , حتى من بعض أهلها , بفعل استخدام اللهجات العامية , وكذلك انتشار لغة مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة ( الفيسبوك ) الضعيفة والركيكة , مما يضر باللغة الفصحى , لغة القرآن , لغة الأدب والابداع , شعرا ونثرا, فأجمل ما كتب في الشعر هو ما كتب باللغة العربية , كما أنها تحارب من الأعداء , لأنها لغة القرآن , وبادعاء أنها لا تصلح لغة للعلم , افتراء وكذبا ... فحافظوا على لغتنا الجميلة , لأنها الجميلة فعلا وقولا .. فهل وجدتم لغة فيها كلمة تتكون من حرف واحد فقط : نعم هي كلمة ( قِ ) بكسر القاف , وهي فعل الأمر من الفعل الماضي وقى , ومضارعه يقي , ومصدره وقاية , فنقول : قِ نفسك من البرد حتى لا تصاب بالأمراض , أي احفظ نفسك .. وانظروا إلى جمال اللغة عندما وردت أطول كلمة في القرآن ( فأسقيناكموه ) , والتي تتكون من 11 حرفا , وتتضمن فعل وفاعل ومفعولين , وتصل إلى 15 حرفا (أفاستسقيناكموها ) , أي سقيناكم الماء , بزيادة فاء الاستئناف وهمزة الاستفهام في بدايتها , والضمير العائد على الماء في آخرها ... حفظ الله لغتنا العربية, لأنها لغة القرآن , وستبقى اللغة الأجمل والأروع , رغم محاولات تشويهها !!
 

أمد