مؤسسة الفكر العربي تناقش واقع البحث العلمي بالقاهرة

العين

 نظمت مؤسسة الفكر العربي في القاهرة، الأحد، ندوة خاصة بشأن التقرير العربي الـ10 للتنمية الثقافية، الذي أصدرته المؤسسة بعنوان "الابتكار أو الاندثار.. البحث العلمي العربي: واقعه وتحدياته وآفاقه"، بالشراكة مع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا.

وعقدت الندوة برعاية وحضور وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري الدكتور خالد عبدالغفار، رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، والدكتور محمود صقر، مدير عام مؤسسة الفكر العربي، والبروفسور هنري العويط، ونخبة من الأكاديميين والمختصين والمثقفين والباحثين.

مؤسسة الفكر العربي والإسكوا تطلقان التقرير الـ10 للتنمية الثقافية
وقال البروفسور هنري العويط، في كلمته، إن التقرير يمثل محاولة جادة وموضوعية لتحليل أداء البلدان العربية في سعيها إلى تكوين منظومات وطنية ناشطة ومنتجة ضمن مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، على ضوء أهداف التنمية الشاملة والمستدامة، مشيرا إلى تنويه التقرير بالجهود التي تبذلها الدول العربية لدعم أنشطة البحث العلمي والتطوير التكنولوجي والابتكار، وبما أطلقته من مبادرات على هذا الصعيد، وأبرز الإنجازات المضيئة التي تحققت.

وأوضح أن "التقرير خلُص إلى نتيجة مفادها أن الأنشطة التي لا بد منها لتمثل المعرفة العلمية والتكنولوجية وتوليدها واستثمارها بالأوجه المثلى، ما زالت بُرعمية في معظم البلدان العربية، ولا تحظى بما يفي أغراضها من موارد مادية وبشرية، لذا هي قاصرة عن تحقيق طموحاتنا المشروعة بالقدر المطلوب، فيما يتعلق بالتنمية التي تحتاج إليها مجتمعاتنا".

وركز العويط على الطابع الشمولي والمتكامل للتقرير، الخاص بالموضوعات التي عالجها خبراء متنوعو الاختصاصات، وتغطي معظم الجوانب المرتبطة بالبحث العلمي وأنشطة التكنولوجيا والابتكار في دول مشرق العالم العربي ومغربه، مشيرا إلى الأهمية التي حظي بها التقرير منذ لحظة إطلاقه في دبي في أبريل/نيسان الماضي.

وتابع: "تستكمل هذه الندوة سلسلة الندوات التي دعت إليها منظمة (إسكوا) في بيروت، ومؤسسة شومان في عمان، ومنتدى أسبار الدولي في الرياض، وسيتوجها اليوم البحثي الطويل الذي يستضيفه بعد أسبوع معهد العالم العربي في باريس، ونوه العَويط بأهمية السياسة البحثية الطموحة التي تشرف على تنفيذها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، في إطار خطة التنمية المستدامة "رؤية مصر 2030"، والقائمة على بناء منظومة تشريعية تدعم البحث العلمي وتحفز على التعاون العلمي بين الجامعات المصرية ونظيراتها في دول العالم.

وشكر باسم الأمير خالد الفيصل، رئيس المؤسسة، وأعضاء مجلسَي أمنائها وإدارتها، وخص بالشكر  وزير التعليم العالي المصري، الذي شمل هذه الندوة برعايته وحضوره، وأكاديمية البحث العلمي على مبادرتها وشراكتها.

فيما رأى الدكتور محمود صقر، مدير عام المؤسسة، أن التقرير يمثل مرجعية عربية معتبرة أعدت بمنهجية علمية سليمة وفقاً للمعايير الدولية التي تُستخدم في إعداد مثل هذه التقارير، وركز على مسألتين مهمتين، الأولى تتمثل في السباق المذهل في ساحة التقدم العلمي والتكنولوجي، وما يحققه الابتكار والاختراع وتطبيقات نتائج البحوث من قفزات مادية في الجانبين المدني والعسكري، والثانية تتعلق بأهمية التكتلات الاقتصادية والسياسية الدولية والإقليمية في مصائر الشعوب، خصوصاً أنها تسيطر على أكثر من 80% من القدرات العلمية والتكنولوجية العالمية.

ودعا صقر إلى اتخاذ عدد من الإجراءات، أهمها وضع سياسات وطنية مناسبة لدعم تطوير التكنولوجيات الرقمية الناشئة، ودعم ورعاية المبتكرين، ووضع سياسات للملكية الفكرية في البلدان العربية تخدم أهدافها التنموية وتحمي مصالحها وتراثها وثقافتها وتاريخها، وفي مجال الملكية الفكرية وبراءات الاختراع دعا إلى الحرص على نشر ثقافة حماية حقوق الملكية الفكرية وإدراج مناهج تعليمية مبسطة خاصة بحمايتها، ووضع سياسات واضحة للملكية الفكرية في الجامعات والمراكز والمعاهد البحثية، واتخاذ تدابير كافية من الحكومات العربية للتصدي لظاهرة انتهاك حقوق أصحاب الملكية الفكرية، فضلاً عن ضرورة تبني الدول العربية حملة حقوق الحضارة (الآثار) لتصبح أحد صور الملكية الفكرية، وتشجيع تسجيل الأعمال الأدبية والفنية، والابتكارات التي تحفظ وتوثق الهوية العربية عموماً والتراث الفلسطيني خصوصاً.

بينما شدد وزير التعليم العالي المصري على أهمية التقرير "الذي يطلعنا على أنشطة البحث والتطوير العلمي في الدول العربية، مقارنة بأدائها في الماضي، وأداء بلدان أخرى بالمنطقة، كما يقدم بيانات ومعارف علمية على قدر هائل من الدقة تتيح لصانع القرار التخطيط بأعلى مستوى من الكفاءة".

واعتبر أن الابتكار يعني حياة ونشأة جديدة لأمتنا العربية، واللحاق بركب الحضارة الإنسانية، في حين يعني التخلي عن البحث العلمي والابتكار الاندثار والتخلف عن ركب الحضارة.

وأكد عبدالغفار أن المعارف التكنولوجية والملكية الفكرية أصبحت ضرورة لبلادنا العربية كأداة للتنمية، كما أن القدرة الإنتاجية المنافسة أساسها يكمن في البحث والابتكار والتطوير التكنولوجي، وإطارها التكامل والتوحد والترابط، الذي يضاعف القدرة على إحداث التقدم، مشدداً على أن النظرة الاستشرافية أداة مهمة تساعدنا على مواجهة المستقبل بثقة، وتطوير استراتيجياتنا، والأمر يحتاج إلى العديد من التوجهات والخطط للتطلع إلى المستقبل.

وخلال حلقة نقاشية أدارها أشرف أمين، مسؤول القسم العلمي في جريدة الأهرام المصرية، عرض الدكتور معين حمزة، الأمين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية، بعض أسئلة التقرير والاستنتاجات التي خلص إليها، ومنها أن تشتت سياسات العلوم والتكنولوجيا بين العديد من الوزارات والمؤسسات أدى إلى هدر كاسح في الجهود والموارد، كما أن تطوير قدرات العلوم والتكنولوجيا والابتكار يرتبط بمصداقية أنشطتها ونزاهة الباحثين والتزامهم المبادئ الأخلاقية للبحوث وتطبيقاتها، ولفت إلى أن التكامل العلمي العربي لم يعد ممكناً أن ينتظر تحقيق التنسيق والتكامل السياسي، فالتحديات متشابهة ولم ولن نتمكن من حلها منفردين مهما تعاظمت أعداد العاملين فيها.

وخلص التقرير إلى أن الحريات الأكاديمية والفكرية ليست مناهضة للأنظمة، بل ضمانة لفعالية الجهود الأكاديمية وجدواها المجتمعي، مشدداً على أن اللغة العربية هي أحد أهداف أجندة التنمية المستدامة، وتعزيز الثقافة العلمية لا يمكن أن يحدث إلا باللغة الأم، مشيراً إلى أن مؤشرات المرأة العربية في العلوم، هي حالياً مؤشرات كمية لا تدل على كفاءة وتميز المرأة العربية في العلوم، وهذا التقييم لا يمكن بلوغه إلا باعتماد مؤشرات نوعية.

فيما شدد الدكتور معتز خورشيد، وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري الأسبق، على أهمية انتقال الدول العربية إلى مجتمع واقتصاد المعرفة لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والرفاه الاجتماعي، مؤكدا أن الدول التي حققت مستويات مرتفعة من النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي والتوازن الاجتماعي، ارتكزت أساساً على إحداث طفرة نوعية في مجالات التعليم والبحث والتطوير والابتكار والتنمية التكنولوجية، موضحا أن البنية التحتية العلمية والتكنولوجية وهياكلها المؤسسية والتنظيمية هي عنصر بالغ الأهمية في مجال إنتاج البحث والتطوير في العصر المعرفي في الألفية الثالثة.

ونوهت الدكتورة فاديا كيوان، المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية، بأهمية التقرير العربي الـ10 للتنمية الثقافية، الذي أدخل المرأة العربية والتكنولوجيا ضمن محاوره، ولفتت إلى أن الدول العربية حققت تقدماً ملموساً لجهة خيارات الطالبات اللواتي يتجهن نحو الاختصاصات العلمية والتكنولوجية أكثر من قبل، موضحة: "لكن ذلك لم يترافق مع تبدل في الذهنيات"، فهناك ثمة معوقات ثقافية تعود في الغالب إلى هيمنة النظرة التقليدية لأدوار كلا الجنسين".

وتحدث الدكتور غيث فريز، مدير مكتب "يونسكو" الإقليمي للعلوم في الدول العربية ومكتب الكتلة لمصر والسودان وليبيا، عن دور الابتكار في إيجاد الحلول للمشكلات القائمة، وارتباطه بتطوير المعارف، وارتكازه على الثروة الإنسانية والشبابية، والثورة المعرفية العالمية، والثروة المالية.

وربط السفير الدكتور وليد عبدالناصر، مدير المكتب الإقليمي للدول العربية في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، موضوع الابتكار بالتقرير السنوي الذي تصدره المنظمة العالمية للملكية الفكرية منذ 11 عاما تحت عنوان "المؤشر العالمي للابتكار"، والذي أصبح أحد التقارير الرئيسية في المنطقة.

ولفت إلى أن المنظمة ومن خلال مكتبها الإقليمي للدول العربية التابع لقطاع التنمية تعاونت مع العديد من البلدان العربية لبلورة استراتيجيات وطنية للملكية الفكرية والابتكار، وتبني وتنفيذ استراتيجيات وطنية في هذا المجال.

وركزت الدكتورة مها بخيت زكي، مديرة إدارة الملكية الفكرية والتنافسية في جامعة الدول العربية، على دور المرأة العربية في إنتاج المعارف العلمية، لافتة إلى التحديات التي تواجه المرأة العربية في هذا المجال، وأهمها إزالة الفجوة بين الجنسين، ووضع سياسات لتشجيع النساء في مجال البحث العلمي.

وأوضحت أنه ووفقاً لإحصائيات المنظمة العالمية للملكية الفكرية فإن عدد طلبات براءات الاختراع المقدمة من النساء زادت بنسبة 7% خلال السنوات الـ10 الأخيرة، داعية إلى إجراء إحصاءات جامعية للواتي أسهمن في نشر أبحاث علمية.

وختم الدكتور محمد الشناوي، مساعد وزير التعليم العالي والبحث العلمي للعلاقات الدولية، بالحديث عن المردود التنموي لمنظومة البحث العلمي والتطوير التكنولوجي على الصعيد الدولي، ودور الابتكار في حدوث تغيرات عميقة في أوجه النشاط البشري.  
 

 

العين الإخبارية