اللغة العربية.. تاريخ التطور من النقوش إلى الفصحى

 

تتمتع اللغة العربية بدور مهم في حفظ ونشر حضارة الإنسان وثقافته، لما لها من قدرة على التفاعل والتأثير وعدم الانحسار، لذلك كان لها أثر في تعاطي المنظمات الدولية معها بإيجابية، حيث صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤرخ في 18 ديسمبر/ كانون الأول عام 1973 بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل المقررة في الجمعية العامة ولجانها الرئيسية، وعليه تقرر الاحتفال بها في 18 ديسمبر كونه اليوم الذي صدر فيه قرار الجمعية العامة.

10 مستشرقين تغزلوا في سحر اللغة العربية
وكانت اللغة العربية لغة رسمية معتمدة في اليونسكو قبل تاريخ إدخالها ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل المقررة في الجمعية العامة للأمم المتحدة ولجانها الرئيسية، وفي 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 1999 في الدورة الـ30 للمؤتمر العام أعلنت اليونسكو يوم 21 فبراير/ شباط يومًا دوليًّا للغة الأم من أجل النهوض بالتنوع اللغوي والثقافي في العالم، وفي 19 فبراير/ شباط 2010 اعتمدت إدارة الأمم المتحدة لشؤون الإعلام قرارًا يقضي بالعمل على الاحتفال بيومٍ عالميٍّ لكل لغةٍ من اللغات الرسمية الست ولغات العمل المقررة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وحدَّدت يوم 18 ديسمبر/ كانون الأول يومًا دوليًّا للغة العربية.

ودأب المؤرخون على تقسيم اللهجات العربية القديمة إلى عربية بائدة "عربية النقوش"، وتضم اللهجات العربية الجنوبية وبعض اللهجات العربية الشمالية، ووصلت عن طريق نقوش عثر عليها في مساحة واسعة من الأرض تمتد من دمشق إلى منطقة العلا في المملكة العربية السعودية، وقد ظهر من هذه النقوش أن لهجات العربية الجنوبية البائدة صُبغت بالحضارة الآرامية، فاستعملت حرفاً قريباً من الخط "المُسند" الذي سمي بذلك لأن حروفه تستند إلى أعمدة، ويمتاز بالتناسق الهندسي الجميل.

وتأثرت لهجات العربية الشمالية البائدة بالحضارة النبطية، فكتبت بخط نبطي أو خط قريب منه، ومن هذه اللهجات "الثمودية" التي تنسب إلى النقوش الثمودية المكتشفة إلى قبائل ثمود التي جاء ذكرها في القرآن الكريم، و"الصفوية" المنسوبة إلى منطقة الصفاة لأن أكثر النقوش المكتشفة من هذه اللهجة التي تربو على ألفي نقش، اكتشف في هذه المنطقة، والخط الصفوي شديد الشبه بالخط الثمودي، و"اللحيانية" المنسوبة إلى قبائل لحيان التي يرجح أنها كانت تسكن منطقة العلا شمال الجزيرة العربية، ومعظم النقوش اللحيانية المكتشفة يرجع إلى ما بين السنة 400 والسنة 200 قبل الميلاد.

وتشير الدراسات التي أجريت على النقوش الثمودية والصفوية واللحيانية المكتشفة إلى أن هذه اللهجات أقرب لهجات العرب البائدة إلى العربية الفصحى، وأنّ خطوطها قريبة من الخط المسند، أو مشتقة منه، كما أنّ الخط العربي الشمالي، المستعمل حالياً، مشتق من الخط النبطي.
 
والقسم الآخر من اللهجات العربية القديمة هو العربية الباقية، وهي التي نزل بها القرآن الكريم، والتي تنصرف إليها كلمة "العربية" عند إطلاقها، والتي لا تزال مستعملة حتى اليوم في مختلف أقطار الدول العربية، وهي مزيج من لهجات مختلفة بعضها من شمال الجزيرة، وهو الأغلب، وبعضها من جنوبها اختلطت كلها بعضها في بعض حتى صارت لغة واحدة.

وكانت العربية الفصحى التي تستعمل هذه الأيام في الخطابات الرسمية والكتابات، منتشرة قبل الإسلام، وكانت تُنظم بها القصائد، والخطب، ولما نزل القرآن الكريم بها، قوّى منزلتها، وأسهم في انتشارها، وإغنائها ودراستها وتعلمها.

وكان إلى جانب هذه اللغة الفصحى المشتركة، لهجات متعددة، تختلف فيما بينها في كثير من مظاهر الصوت والدلالة والقواعد والمفردات، وكان العربي - كما يقول المؤرخون- يتكلم مع أفراد قبيلته باللهجة الخاصة بهم، فإن نظم شعراً أو دبج خطبة ليلقيها في حفل يضم أفراداً من قبائل مختلفة، عمد إلى تلك اللغة المشتركة "الفصحى". 

وتشير الدراسات اللغوية إلى أنّ القرآن الكريم نزل بهذه اللغة المصطفاة المشتركة، ليكون مفهوماً لدى القبائل كافة، وأنه يحوي كلمات كثيرة من لهجات القبائل، إلا أن الدراسات اللغوية تثبت أن لهجة قريش هي الغالبة في القرآن الكريم.

وبحسب إصدار مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية "الاستراتيجيات الدولية في خدمة اللغات الوطنية -2016"، تحتل اللغة العربية المركز الثامن عالمياً من حيث عدد الناطقين الأصليين، ويقدر عدد الناطقين بها بصفتها لغة أم زهاء 280 مليون نسمة، ويتحدثها 250 مليوناً آخرين كلغة ثانية. 
 

العَرب