وثيقة التدريس الموحدة.. خارطة طريق إلى المستقبل
رحاب حلاوة
يحظى قطاع التعليم في الدولة باهتمام وأولوية في أجندة الحكومة، كونه قاطرة التنمية وركيزة أساسية للوصول إلى صدارة المؤشرات وتحقيق الرقم واحد، لكن التعليم يحتاج دائماً إلى جهود تطويرية لمواكبة المستجدات والتقنيات والأنظمة الحديثة، وهو ما طالب به تربويون مؤكدين ضرورة اعتماد وثيقة موحدة لآليات التدريس تتماشى مع العالمية، وتعزز التوجه نحو مدارس المستقبل، التي تؤسس عقول الطلبة على الإبداع والابتكار.
وأشاروا إلى أن معظم الأساليب التدريسية المطبقة في المدارس ابتكرها معلمون بجهود ذاتية، من أجل زيادة التحصيل لدى الطلبة وتبسيط المنهاج، وهي أساليب تحتاج إلى تقييم لاستمراريتها أو إيقافها، وفتح المجال أمام المدارس لتبادل الخبرات وتعميم التجارب الناجحة.
وأكدت وزارة التربية والتعليم، أن لديها خططاً رامية لتعزيز بيئات التعلّم ضمن المدرسة الإماراتية، ورفد الطلبة بمعارف ومعلومات ومهارات عملية، وتعزيز المسيرة التعليمية في الدولة بممارسات وتجارب تعليمية متفردة من شأنها صقل معارف الطلبة العلمية، وإكسابهم مهارات ميدانية حية من خلال استخدام أدوات تدريس حديثة، واستخدام وسائل تعليمية محفزة، وهو ما يرتقي بالحصيلة الأكاديمية للطلبة.
أكد الدكتور جمال المهيري الأمين العام لمؤسسة حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز، ضرورة أن يكون هناك وثيقة تضم موجهات توضح آليات التدريس تلتزم بها المدارس، ويكون هناك جهة إشرافية للمتابعة والتقييم.
وأوضح أن تلك الأساليب لابد أن تتوافق مع بيئة المجتمع الإماراتي وتواكب حركة التطوير التي وصل إليها التعليم بدعم من القيادة الرشيدة، خاصة أننا في عصر الذكاء الاصطناعي الذي أضحى السمة الغالبة في مختلف توجهات الدولة كما أرادت وخططت له القيادة الرشيدة، وذلك في ضوء استحقاقات تمليها علينا النظرة الاستشرافية للقيادة في وضع الأطر العامة وتحقيق مستهدفات الدولة.
ممارسات
وأفادت فوزية غريب الوكيل المساعد في وزارة التربية والتعليم للعمليات المدرسية، بأن الوزارة لديها خطط رامية لتعزيز بيئات التعلم ضمن المدرسة الإماراتية، ورفد الطلبة بمعارف ومعلومات ومهارات عملية، ورفد المسيرة التعليمية في الدولة بممارسات وتجارب تعليمية متفردة من شأنها صقل معارف الطلبة العلمية وإكسابهم مهارات ميدانية حية من خلال استخدام أدوات تدريس حديثة وإدخال التكنولوجيا واستخدام وسائل تعليمية محفزة، وهو ما من شأنه الارتقاء بالحصيلة الأكاديمية للطلبة.
وأكدت أن الوزارة اطلعت على أحدث الممارسات التعليمية وأنجحها وطبقت ما يتلاءم معها من أدوات وأساليب تعليمية حديثة في ميدانها التربوي، سواء من خلال إدخال التكنولوجيا بشتى جوانبها وتفعيل مختبراتها الدراسية، وجعل المناهج الدراسية تطبق في المختبرات لتكون تفاعلية وتبتعد عن الإطار التقليدي، وتسعى دائماً إلى تعزيز أساليب التدريس بواسطة التقنيات الحديثة.
وقالت إن الوزارة تؤمن بأهمية تطوير العناصر التعليمية، لذلك تقدم دورات تدريبية تخصصية من شأنها رفع كفاءة المعلمين والمختصين بالشأن التعليمي، الأمر الذي ينعكس بشكل إيجابي على مستوى التحصيل الأكاديمي للطلبة، لافتة إلى ضرورة أن تمتلك الكوادر العاملة في الميدان التربوي فكراً ابتكارياً متجدداً.
وأشارت إلى أن وزارة التربية تسعى جاهدة نحو تعميم التجارب التعليمية الناجحة في الدول المتقدمة، واستخدام الأدوات والأجهزة والتقنيات المساعدة التي تخدم هذه الغاية، مشيرة إلى أن التقنيات الحديثة باتت وسيلة تعليمية مهمة لها بالغ الأثر في تحسين منهجية التعليم وطرائقه، وإكساب الطلبة المهارات والمعارف والعلوم بطرق عصرية.
وذكرت أن المدرسة الإماراتية تسعى إلى جعل التعليم في الطليعة خلال الفترة المقبلة، عبر تطبيق أفضل المعايير العالمية، وأن تكون المخرجات المنتظرة من هذه المدرسة هي تخريج طلبه ذوي شخصيات متكاملة واثقين بقدراتهم.
معايير
وأكد الدكتور سعيد بن صقر عميد كلية الإعلام والاتصال في جامعة العلوم الحديثة في دبي، أن طرق التدريس من المعايير الأولى لتحقيق مدرسة المستقبل، مشيراً إلى أنه على الجهات المعنية بالتعليم من مجالس وهيئات أن تعكف على حصر تلك الأساليب ووضعها في كتيب ليكون مرجعاً للمعلمين ودليلاً إرشادياً لهم خلال عمليات التدريس.
وأوضح أن معظم المؤسسات التعليمية في الدولة انتهجت طرقاً متعددة لتغيير نمط التدريس بشكل ذاتي ومنفرد، داعياً إدارات المدارس إلى الاطلاع على أنجح التجارب التعليمية التي تساعد في الوصول إلى مدرسة المستقبل التي تحاكي متطلبات القرن، والتي تضع مدارسنا على بداية الطريق للوصول إلى ما تطمح إليه القيادة الرشيدة.
ولفت إلى أهمية التركيز على التكنولوجيا ومساهمتها في تغيير النظم التعليمية للمدرسة وجعل التعليم أكثر متعة وجاذبية، مبيناً أن المدرسة تعتبر المحطة الأولى للتدريس فلو شب الطالب على التعلم الذاتي انتهجه مساراً تعليمياً لنفسه في المحطة الثانية وهي الجامعة.
وأضاف أن المعلمين هم الركيزة الأساسية في المنظومة التعليمية التي ستخرج بمدرسة المستقبل، ومن ثم فعليهم أن يواكبوا التطورات الجديدة والمتلاحقة في أساليب التدريس وأدواته لضمان تطوير أدائهم والعمل على تمكن الطلبة من تطوير إمكانياتهم العلمية، والوصول بمستويات أدائهم إلى مرحلة الإبداع والابتكار وتقديم مشاريع علمية جديدة تعكس مدى استيعابهم لجميع المواد العلمية، مشيراً إلى أهمية تنفيذ شراكات علمية موحدة ومتقدمة مع مؤسسات تعليمية عالمية تطبق تجارب تعليمية متطورة، وذلك لتحقيق الهدف الأسمى وهو تخريج كفاءات وطنية تملك مهارات القرن الحادي والعشرين، وقادرة على تحقيق طموحات الوطن والقيادة الرشيدة.
جهود ذاتية
ومن جهتها قالت نورا سيف المهيري الخبيرة التربوية، إن معظم الأساليب التدريسية المطبقة دخلت المدارس بشكل ذاتي، حيث ابتكرها المعلمون من أجل ترسيخ المعلومات في أذهان الطلبة، ولتبسيط المنهاج، سواء من حيث إدخال لعبة لتسهيل الأعمال الحسابية أو غيرها.
وأوضحت أن تلك الأساليب تحتاج تقييماً لاستمراريتها أو إيقافها، وفتح المجال أمام المدارس لتبادل الخبرات، خاصة أن أساليب التدريس الحديثة تساهم في إعداد قادة المستقبل، إذا جاءت وفق توجهات الدولة.
واعتبرت أن الإمارات قطعت شوطاً كبيراً في الارتقاء بمستوى المعلمين للخروج بأساليب تدريسية حديثة ذات طابع ابتكاري يعود أثره بشكل إيجابي على التحصيل الدراسي للطلبة، منوهة بدور الجوائز في فرز المعلم المتميز، وفائق التميز القادر على ابتكار أساليب تدريس حديثة تحاكي تطور التعليم في الدول المتقدمة.
دراسات علمية
ودعت شاهيناز أبو الفتوح الخبيرة التربوية، إلى استثمار الدراسات العلمية في ابتكار أساليب تدريسية حديثة، وتأهيل الطلاب لاستيعاب علوم العصر، وإشراك المعلمين والطلبة في إعدادها، حيث إن التكنولوجيا والإبداع والتعلم الذاتي ألف باء معايير التدريس في الوقت الحاضر.
ولفتت إلى أن كثيراً من المدارس الخاصة تطبق أساليب حديثة وتحقق نجاحاً ملحوظاً في خلق بيئة صفية تفاعلية، ما يؤكد أهمية خلق شراكة حقيقية بين المدارس الخاصة والحكومية لتبادل تلك الأفكار والمبادرات.
أثر إيجابي
وقال عبد العزيز السبهان صاحب مجموعة مدارس في دبي، إن زمن التعليم التقليدي انتهى، ومن لم يواكب هذا التطور الهائل في أدوات التعليم لن يكن موجوداً على الساحة التعليمية، مشيراً إلى أن الأساليب المبتكرة تتضمن التعليم التكنولوجي والتعلم باللعب والابتعاد عن التلقين.
وأضاف أن أحدث الدراسات والتقارير الدولية بينت أن الدراسة عن طريق اللعب لها أثر إيجابي في زيادة التحصيل العلمي وإلهام الطلاب وتشجيعهم على المزيد من التعلم واكتساب المعارف بشغف، ما ينبئ بآثار إيجابية على مسيرة التعليم ربما تصل إلى تغيير مستقبل التعليم بشكل كلي.
التعليم التشاركي
وبدورها قالت الخبيرة التربوية محاسن يوسف إن التعليم التشاركي، والذي يعتمد على اللعب في الساحات المفتوحة له دور كبير في تعليم الطلبة، وخاصة في مرحلة الروضة والمرحلة التأسيسية وهم الأسرع في النمو اللغوي وباستخدام التعلم عن طريق اللعب فإن الأطفال يستطيعون التعبير عن مواهبهم وأفكارهم بأساليب مختلفة منها الرسم والمعالجة اليدوية للمواد والخامات بطريقة إبداعية، وكذلك أنشطة الفك والتركيب واستخدام المكعبات للتعبير عن خيالاتهم ومشاريعهم، وتساهم في توسع آفاق الطالب وتحقق المتعة والتسلية.
وأوضحت أن معظم المدارس تتوجه نحو التعليم الحديث إيماناً منها بوجودها في دولة متطورة مثل الإمارات لديها رؤى مستقبلية تجاه كل المجالات، وتستثمر في الكوادر البشرية بقدر كبير حتى تعد أجيالاً قادرة على محاكاة المستقبل.
التعلم باللعب
ورأت المعلمة سارة بدوي، أن أفضل الأساليب التعليمية السائدة حالياً هو التعلم لأنه يجعل الطلبة أكثر استقبالاً للمعلومات وتفاعلاً مع الهيئات التدريسية، ويجني الطفل فوائد عدة منها التعاون والمشاركة من خلال العمل الجماعي واحترام القوانين، بالإضافة إلى مساعدته في نمو الذاكرة والتفكير والإدراك والتخيل، واكتساب الثقة بالنفس والاعتماد عليها ويسهل اكتشاف قدراته واختبارها، موضحة أن القضاء على الملل الروتيني وتغير البيئة الصفية سيعزز من العملية التعليمية.
ولفتت إلى أن تطوير أساليب التدريس والبعد عن التلقين يزيد من نشاط الطلبة ويخلق جواً من التفاعل بين الطالب والمعلم، وفي حال كان هناك أماكن مفتوحة للتدريس غير الصف الدراسي سيغير نفسية الطالب وسينعكس ذلك على تقبله للمعلومة، مشيرة إلى أن هذا النظام التعليمي المتطور المتبع حالياً سيساهم في القضاء على كل السلبيات الصفية التي يعاني منها المعلمون.
التفكير خارج الصندوق
ومن جانبه قال المعلم راشد علي عبد الرحمن من مدرسة المعتصم للتعليم الأساسي في أبوظبي، والمرشح لجائزة أفضل معلم في العالم، إن معلمي الوطن العربي يجب عليهم التفكير خارج الصندوق وعدم الاكتفاء بالمناهج الدراسية، وذلك سعياً للمنافسة العالمية من خلال الارتكاز على إدخال الابتكار في التدريس. وأوضح أنه معلم تربية رياضية ولكنه استطاع إدخال التكنولوجيا في عمله، حيث صمم مشروع فيزياء لتوليد الطاقة الكهربائية من خلال حركة الطلاب أثناء اللعب والاستفادة منها في إنارة عدد من الصفوف.
ولفت إلى أن الإمارات من الدول العربية التي قطعت شوطاً كبيراً في تطوير التعليم وأصبحت مدارسها تطبق أفضل الممارسات العالمية، وساعدت في تطوير الكوادر البشرية من خلال طرحها عدداً من الجوائز التربوية التي منحت المعلمين مفاتيح التطوير من خلال معاييرها.
تطور
وقالت المعلمة شيخة الخاطري من مدرسة زينب للتعليم الأساسي والثانوي في رأس الخيمة، «نتيجة للتطور التكنولوجي وما صاحبه من انفتاح عالمي كبير كان لابد من إدخال وسائل جديدة تواكب هذا التطور، وهذا ما حدث في مجال التعليم، وبات على المعلم أن يطور من أساليبه ومن استراتيجياته التدريسية لكي يكون للتعليم أثره الفعّال في أجيال التطور التكنولوجي».
وأكدت أن الطالب لم يعد يرغب في الطرق التقليدية كالسبورة والقلم وورقة العمل والتعلم القائم على التلقين والاستماع، فالطالب الآن يريد أن يكون شريكاً أساسياً في العملية التعليمية وخاصة في الحصة الدراسية، ويبتكر وسيلته ويحول الحصة الدراسية لخلية نحل يعمل فيها، ويصمم ويصنع نماذج.
وكمعلمة أعطيت طلبتها مساحة كبيرة للعمل، فهم يحولون الحصص إلى نماذج وابتكارات جميلة يوظفونها في فهم ما يتعلمونه ويعرضونها في معارض مدرسية، ناقلين الأثر لأقرانهم، وهم أيضاً يتولون زمام الأمور في تنفيذ ورش مبتكرة في المدرسة وخارجها تخدم المنهج الدراسي بالإضافة إلى قيادة الحصص.
وأكدت أنه على المعلم أن يبحث عن كل جديد من وسائل وأساليب تناسب طلبته، مراعياً أصحاب الهمم ومستويات طلبته، ومواكباً للتطور التكنولوجي.
الحاجة إلى تطوير مستدام
أكدت غاية المهيري مديرة منطقة دبي التعليمية بالإنابة، أن التعليم وباعتباره أحد أهم أولويات حكومة الإمارات، في سعيها نحو تطوير رأس المال البشري، يظل في حاجة ضرورية، لتطوير مستدام يواكب التطلعات العالمية والمستجدات النوعية، تحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة 2030، مشيرة إلى أن وزارة التربية والتعليم وضعت استراتيجية التعليم 2020، وهي عبارة عن سلسلة خطط طموحة مدتها خمسة أعوام، بهدف تحقيق تحسن نوعي كبير في نظام التعليم، ولاسيما في طريقة تدريس المعلمين، وكذلك طريقة تعلم الطلاب.
وأشارت إلى أن أساليب التدريس الحالية تستند إلى برامج التعلم الذكية، والقوانين الجديدة الخاصة بالمعلمين، ونظم منح التراخيص والتقييم، وكذلك تنقيح المناهج الدراسية.
مبادرات
تنفذ هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي حزمة مبادرات ممتدة، تستهدف تعزيز المهارات المستقبلية لطلبة المدارس الخاصة في دبي، بما يواكب الثورة الصناعية الرابعة واستشراف مستقبل الوظائف، إضافة إلى دعم المبادرات الاتحادية والمحلية وثيقة الصلة بتطبيقات STEAM ومن بينها مهرجان بالعلوم نفكر، التي من شأنها خلق مبادرات خلاقة تثري العملية التدريسية وتغير مفهوم أساليب التدريس التقليدية وتحولها إلى أساليب نوعية ممزوجة بالحداثة والتطور.
وتركز فرق الرقابة المدرسية ضمن عمل جهاز الرقابة في الهيئة على تطوير مهارات الابتكار في مختلف المناهج التعليمية المطبقة في المدارس الخاصة بدبي، إضافة إلى تقييم جهود المدارس في توفيــر نطاق جيد مــن الفرص لتطويــر وتطبيــق مهــارات الابتــكار.
تجربة
تعد تجربة فنلندا من التجارب الناجحة في التعليم، وتتبع عدداً من طرائق التدريس المتنوّعة التي تراعي الفروقات الفردية بين الطلبة، ويحرص المعلّمون على دمج وسائل التكنولوجيا الحديثة من الآيباد والحاسوب والتلفزيون والأفلام والأقراص المدمجة، لذلك يستغني الطلاب في فنلندا عن الحقائب المدرسية. ويبتعد التعليم في فنلندا عن أساليب التلقين والحفظ والإيداع، بل يهتم بتعليم الطلاب المهارات الأساسية، وتنمية التفكير والإبداع والنقد، وإكساب مهارات التعلّم الذاتي لمواجهة ظاهرة انفجار المعرفة.
تطبق ماليزيا تقنيات تعليمية كبيرة ومتنوعة مع الطلاب منذ الصغر ليحاولوا إنهاء العصر التقليدي في التعليم، وتعتمد ثلاث طرق تدريس: أولاها «مونتيسوري التعليمية»، وتستخدم تلك الطريقة مع الأطفال لتشجيع رغبتهم في حرية التعليم والاكتشاف والاندماج في تجارب جديدة.
والثانية «والدروف التعليمية»، وتركز على التعليم المميز والقراءة والتمثيل والغناء، ولا يتم تعريض الأطفال إلى أي نوع من الإعلام أو الإلكترونيات، حيث يقضي الأطفال وقتاً بالخارج للقراءة فقط.
أما الثالثة فهي «كيومن التعليمية»، وتعزز إمكانية الأطفال في الاعتماد على أنفسهم بالكامل، وتتم الدراسة عن طريق أوراق عمل تم تصميمها لتشجيع الطلاب على حل المشكلات، ومن فوائد هذه الطريقة التقدم وحب العلم وتنمية عادات صحية للدراسة.
تطبيق
قالت أسماء إدلبي استشارية علم النفس السلوكي المعرفي من مركز أفق الإبداع للتعليم وتنمية المهارات، شهد العصر الحالي تفجراً معرفياً هائلاً وغير مسبوق ولَم يعد بوسع الإنسان أن يحيط بهذه المعارف المتدفقة إلا بالقدر اليسير فبرزت الحاجة إلى تطوير أساليب التعليم، ليغدو الفرد قادرًا على التعامل مع المتغيرات في المستقبل.
وأوضحت أن مبدأ ربط التعليم بالحياة أحدث وسيلة تدريس ويتمثل في خلق علاقة وثيقة بين المدرسة ومواقع العمل والإنتاج.
تمكين المجتمع التعليمي من أدوات السعادة وجودة الحياة
أكدت ميثاء علي، مسؤولة مبادرات العطاء في هيئة المعرفة والتنمية البشرية، أن الهيئة تمضي نحو تمكين المجتمع التعليمي من أدوات السعادة وجودة الحياة، جنباً إلى جنب مع مواصلة العمل مع الشركاء المحليين والدوليين، وفي مقدمتهم مؤسسة دبي للمستقبل من أجل استشراف المستقبل واستكشاف التقنيات الرائدة التي تمكّن المدارس من الحلول المستقبلية، إضافة إلى استراتيجية الإمارات للابتكار التي تستهدف تحقيق الاستفادة القصوى للطلبة من أحدث التقنيات في عالمنا كالذكاء الاصطناعي وتقنية الواقع الافتراضي، وتمكين المدارس والمعلمين بالأدوات التي تساعدهم على إدارة العملية التعليمية بصورة أكثر فاعلية، وابتكار أساليب تدريسية حديثة، ومن خلال شراكات مستدامة تحفز المتعة في التعلم وامتلاك طلبتها للمهارات المستقبلية.
وقالت: «يتغير عالمنا بوتيرة متسارعة في جميع القطاعات، ومن بنيها قطاع التعليم، لا سيما فيما يتعلق بتطبيقات التكنولوجيا الرقمية في أنظمة التعليم من جهة، وفي أسلوب حياة المجتمع من جهة أخرى، إذ يتوقع الكثيرون على سبيل المثال وجود المعلم الروبوت في المستقبل القريب، بحيث يكون قادراً على تلبية الاحتياجات الفردية للطلبة بغض النظر عن عدد الطلاب المتوقع تواجدهم داخل الفصول الدراسية».
وأضافت: «إذا كانت نقاط القوة لدى البشر تفوق ما تملكه التكنولوجيا، فإنه علينا كتربويين التركيز على هذه القوة، وإعادة النظر في الغرض من التعليم في وقتنا الراهن، ففي المستقبل القريب، لن يتمكن الطلبة من الدراسة من خلال أداة STEM للعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، دون معرفة القيم الأساسية، التي تستند إلى الإبداع والأصالة والمسؤولية والتعاطف، وهي سمات تشكل القيم الإيجابية التي ستكون الأساس للبناء عليه في عالمنا، والغرض من التعليم سيكون لإرسال أطفالنا إلى هذا العالم الجديد حيث يتعلمون كيفية العيش بسلام مع أنفسهم وبعضهم بعضاً».
مطلوب حاضنات للبحث العلمي تشجع الإبداع والابتكار
قال الدكتور نور الدين عطاطرة، المدير المفوض لجامعة الفلاح، إن اهتمام القيادة الرشيدة بتطوير التعليم والتشجيع على الابتكار والبحث العلمي ومواكبة التكنولوجيا ودعم المشاريع الذكية والرقمية في شتى المجالات، لا سيما في قطاع التعليم الذي يتغير بسرعة فائقة، يحضنا على خلق حلول لمواكبة هذه التغييرات الكبيرة، لغرس المعرفة وتطوير التعليم لدى الأفراد كافة، وابتكار أساليب تعليمية حديثة تخوض غمار التطور.
لافتاً إلى أن الطلاب بحاجة إلى حاضنات للبحث العلمي وحاضنات للأعمال لزرع فكرة ومصطلح «أصحاب المشاريع»، وتشجيع الطلاب على الإبداع والابتكار، حتى يتمكنوا من خلق فرص عمل خاصة بهم، إضافة إلى دعم الشركات الناشئة الهادفة إلى تطوير منتجات أو خدمات تعتمد على تقنيات جديدة، يكون مصدرها مراكز الإنتاج التقني المبتكر ومراكز البحوث والتطوير الجامعية.
وأوضح أن جامعات القرن الحادي والعشرين ستعتمد تدريجياً على الذكاء الاصطناعي، بما يضمن تقليل كلفة التعليم وجعله في متناول الجميع، كما سيعتمد تطوير التعليم على تصميم نظام مستدام في جامعات المستقبل من خلال تهيئة كل الظروف المناسبة التي تعتمد على الإبداع والابتكار وأساليب التعليم الحديثة والبحث العلمي، لتصبح الجامعات مركزاً لإنتاج التقنية المبتكرة لتعزيز التعاون ومشاركة الأساليب الناجحة لتبادل المعرفة، ومن هنا يتبلور النموذج الجامعي الجديد، وهو عبارة عن مؤسسات تعليمية وتربوية واجتماعية واقتصادية، تسهم في إغلاق الفجوة بين ما يدرسه الطلبة في الجامعات، والمهارات التي يحتاج إليها الخريجون في العالم الحقيقي.
وذكر أن البحث العلمي في الجامعات له أهمية كبيرة، إذ سيفتح آفاقاً جديدة للمؤسسات عبر التعاون مع جامعات دولية ومراكز بحثية وعلمية محلية وعالمية، إضافة إلى فتح المجال للابتكار والتطوير، ورفع سقف الإبداع، سواء للطلبة أو لأعضاء الهيئة التدريسية والمؤسسة، إضافة إلى غرس حب الابتكار والإبداع في الجيل الجديد، وتوعيتهم بأهمية البحث العلمي وفوائده.
توظيف المهارات العقلية واللغوية في إنتاج لغوي إبداعي
قال الدكتور عيسى الحمادي، مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج، إن أساليب التدريس الحديثة تسهم في تطوير تعليم اللغة العربية، إذ تعمل على تنمية التفكير والإبداع والتذوُّق، وتجعل الطالب في المراحل التعليمية المختلفة إيجابياً نشيطاً، يفكر ويحلِّل وينقد، وينتج ويبدع، ويوظف مهاراته العقلية واللغوية في إنتاج لغوي إبداعي، وفي حل مشكلات حياتية، أي أنه يصبح محوراً لعمليتي التعليم والتعلم، وليس مجرد متلقٍّ سلبي للمعلومات.
ولفت إلى أن المؤسسات والجهات المعنية بالتعليم عليها الوقوف على أحدث الأساليب التدريسية، كل في اختصاصه، موضحاً أن المركز عمل على الخروج باستراتيجية تعني بأساليب التدريس في مادة اللغة العربية في دول مجلس التعاون الخليجي، وتمخضت هذه الدراسات عن بناء دليل تربوي، وست حقائب تدريبية لاستراتيجيات تدريس اللغة العربية، وأدوات تعليمية، وتقنية حديثة في تدريسها للصفوف من الأول حتي الثاني عشر، إضافة إلى تطوير أداء المعلمين في تدريس المادة ذاتها من خلال تدريبهم على الاستراتيجيات الحديثة والأدوات التعليمية والتقنية الحديثة، وتأتي استراتيجيات تدريس اللغة العربية، ضمن أولويات تطوير تعليم اللغة العربية لهذه المرحلة خاصة، وجميع المراحل عامة، سواء الاستراتيجيات التي تركز على نشاط المعلم، أو نشاط المتعلم.
وأعرب عن أمله في أن يؤخذ في الاعتبار استراتيجيات التدريس الحديثة عند تصميم مناهج اللغة العربية في الدول الأعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج، تشجيع معلمي اللغة العربية على استخدام استراتيجيات التدريس الحديثة، مادياً ومعنوياً، والربط بين مخرجات تعلم اللغة العربية، واستراتيجيات التدريس المناسبة لتحقيقها، وكذلك الربط بين استراتيجيات التدريس، وأساليب التقويم.
وقال: «يجب إعادة النظر في أدلة المعلم بغرض تنويع استراتيجيات تدريس اللغة العربية الواردة فيها، والتركيز على التدريس الإبداعي، والتعليم الممتع، والتعليم الإلكتروني، والتدريس المتمايز التي تتواكب مع الاتجاهات الحديثة في التدريس، مع تزويد الأدلة بالنماذج التطبيقية لكل استراتيجية، وعقد ورش عمل لموجهي اللغة العربية للمرحلتين: الإعدادية والثانوية؛ لتفعيل آلية تطوير أساليب تدريس اللغة العربية في صفوف هاتين المرحلتين باستخدام دليل استراتيجيات التدريس المقترح في الدراسة الحالية، وحقائب التدريس الإبداعي للغة العربية، والتعليم الممتع، والتعليم الإلكتروني، من أجل مواكبة الاتجاهات الحديثة في التدريس، ومعالجة نواحي القصور في عملية التدريس، والاستفادة من نتائج الدراسة الحالية في تحديد نواحي القوة والضعف في الأداء التدريسي لمعلمي اللغة العربية، ووضع خطط التحسين، ومتابعة الموجهين للتحسن الذي يطرأ على أداء المعلمين.
توصيات
وضع وثيقة آليات التدريس وتكليف جهة بالإشراف والمتابعة والتقييم
ضرورة أن تتوافق أساليب التدريس مع بيئة المجتمع وتواكب حركة التطوير
رفد المسيرة التعليمية بممارسات متفردة لصقل معارف الطلبة
استخدام أدوات تدريس مبتكرة وإدخال التكنولوجيا واستخدام وسائل تعليمية محفزة
حصر الأساليب والتجارب التدريسية في كتيب ليكون مرجعاً للمعلمين
إطلاع المدارس على أنجح التجارب للوصول إلى مدرسة المستقبل التي تحاكي متطلبات القرن
البيان