بودريس: تدبير تدريس اللغة الأمازيغية يخالف الدستور والقانون

محمد الراجي

 

في سنة 2003، تم الشروع في إدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية. مَهّد لهذا الإدماج خطاب الملك محمد السادس بأجدير سنة 2001، لكنّ حصيلة تعميم تدريس الأمازيغية ضعيفة جدا، إلى حدّ أن الفاعلين الأمازيغ يتساءلون عمّا إن كانت هناك فعلا إرادة حقيقية لاستكمال هذا الورش، خاصة بعد ترسيم الأمازيغية في دستور 2011.

في هذه الدردشة مع جريدة هسبريس الإلكترونية، يتحدث بلعيد بودريس، أحد الفاعلين الأمازيغ المعروفين على الساحة، والمواكبين لمشروع إدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية، ويرى أن ورش تعميم تدريس الأمازيغية لم يسِر على النحو المطلوب، بل إنه أخذ مسارا معاكسا، بعد مضيّ ستة عشر عاما من الشروع في التعميم.

ما هو تقييمكم لحصيلة تعميم تدريس الأمازيغية خلال 16 سنة الماضية؟

بداية شكرا على الاستضافة. في ما يتعلق بالجواب عن السؤال يمكن القول، بكثير من الاختصار، إنه تبعا للاتفاق الموقَّع بين المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ووزارة التربية الوطنية، سنة 2003، كان من المفروض أن يتم تعميم تدريس الأمازيغية في السلك الابتدائي سنة 2012، لكن الذي حدث هو أكثر من العكس.

هل لكم أن توضحوا لنا تجليات هذا الارتداد؟

يتجلى ذلك في جملة من المؤشرات، أولا: توقف مسلسل التعميم الذي عُوض بمسلسل عدم تعويض المدرسين بسبب الانتقالات أو غيرها.

ثانيا: توقيف مسلسل التكوينات رغم محدودية مردودها، وعدم بلورة برنامج فعلي لتكوين المدرسين والمفتشين.

ثالثا: تحويل اللغة الأمازيغية من لغة قائمة بذاتها إلى لغة للتواصل الشفوي، ما يعني أنها ستنحصر في طابعها التداولي الفطري المؤدي إلى إبادتها.

رابعا: تم تقزيم الأمازيغية في الرؤية الإستراتيجية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، إذ نكاد نرى فيها مغرب 2030 دون أمازيغية على الإطلاق.

خامسا: تغييب البعد الوطني والعلمي في القانون الإطار للتربية والتكوين؛ فمن حيث الوطنية دار النقاش حول اختيار العربية أو الفرنسية والإنجليزية، دون استحضار أي مكانة لمكون الوطن الأمازيغي، ومن الناحية العلمية لم يتم استحضار الأهمية البالغة للغة الأم في تفعيل التعلمات وجعلها حقيقية وليست فرازولوجية فقط.

في السنة الجارية، لوحظ تكليف أساتذة الأمازيغية بتدريس موادّ أخرى. برأيكم، هل يمكن اعتبار هذا مؤشرا على غياب إرادة حقيقية في تعميم تدريس الأمازيغية؟.

لقد همَّ مسلسل التراجعات الموضوعَ كما همَّ وضعية الأمازيغية في النسق التعليمي، وهمّ أطر التربية والتدريس ومجموع القضايا الوطنية والعلمية المتعلقة بتدريس اللغات الحية.

أولا: لم يبدأ هذا المسلسل هذه السنة، بل بدأ بالضبط مع تولي الوزير أحمد أخشيشن تدبير شؤون التربية والتعليم في المغرب، إذ توقف التنسيق بين المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والوزارة نهائيا.

ثانيا: تمثلت الخطوة الأولى في إلغاء جميع التكوينات والنقاشات التربوية والديداكتيكية في عهد هذه الوزارة.

ثالثا: تم تكليف أساتذة الأمازيغية بتدريس مواد أخرى، وذلك منذ ما يقارب ولايتين حكوميتين.

رابعا: استمرار النهج نفسه إلى حدود هذه السنة 2019ـ2020.

هذا يستدعي سؤال المآل. إلى أين يسير ورش تعميم تدريس الأمازيغية إذن؟

استحضارا للمثل المعروف، وبالنظر إلى "الشجرة" (حرمان الأمازيغية من أساتذتها) و"الغابة" (الوضعية المستهدفة بنيران الإماتة للأمازيغية لغة وثقافة وكرامة) معا، ماذا نستنتج؟.

نستنتج، بكثير من الأسف، أن هناك تدبيرات للمسألة التعليمية في المغرب ضد الدستور وضد القانون. وهذا يدل على شراسة هذا التدبير التدميري للأمازيغية، لأنه لم يعد يمارس مهامه العدوانية في إطار القانون بل ضدا عليه.

ويلاحظ بالعين المجردة توازي صعود النزعة التدميرية للأمازيغية مع ترسيمها دستوريا؛ وهذا يعني أن دولة الحق والقانون غير واردة في أجندة بعض مكونات الحكومة التي تعمل بدستور 2011.

يقول المثل المغربي المترجم عن الأمازيغية: "ضربو على التبن ينسى الشعير"؛ والمقصود هو أن هذه الإعفاءات (إعفاء الأساتذة من تدريس الأمازيغية وتكليفهم بتدريس مواد أخرى) تهدف إلى طمس الموضوع الحقيقي، والمتمثل في: ما هي مجموع الأوراش التي تغطيها (يعني تريد إلغاءها) هذه الشجرة، والمتجلية في البرامج والطرق الديداكتيكية وتطوير التفكير باللغة الأمازيغية وتعميم تدريس الأمازيغية، إلخ... وبالخصوص تكوين المواطن المعتز بوطنيته من خلال تدريس العديد من المواد بالأمازيغية، خصوصا في المراحل الأولى من التعليم!.
 

هسبريس