«التعليم» تفشل في المحافظة على اللغة العربية بـ «الدولية».. ولم تنقذ الإنجليزية من الضعف بـ «الحكومية»
محمود مختار
أكد عدد من الخبراء التربويين أن وزارة التعليم والتعليم العالي مقصرة بشكل كبير في حقوق الطلاب، خاصة في اللغة العربية بالمدارس الدولية، واللغة الإنجليزية بالمدارس الحكومية. وأضافوا خلال استطلاع رأي أجرته «العرب»، أن تسريب الاختبارات بالمدارس الحكومية جعل الطلاب يهملون الدراسة، الأمر الذي ترتب عليه ضعف اللغة الإنجليزية لديهم، مشيرين إلى أن الطلاب بالمدارس الدولية لا يجيدون اللغة العربية على الإطلاق بسبب ضعف الرقابة من الجهات المختصة، مشددين على أن بعض الأهالي يفتخرون بذلك.
قالوا: «الفترة الزمنية لعملية التدريس لدى الطالب غير كافية للمراجعة، حيث إن المعلم يحاول الانتهاء من المنهج المكرر له خلال فترة زمنية محددة، وبالتالي يصعب على الطالب الحصول على حصص مراجعة كافية لتقوية لغته الإنجليزية».
وشددوا على أن الوزارة يجب أن تتابع جيداً مواد اللغة العربية والشريعة الإسلامية بالمدارس الدولية، لأنها تغرس القيم والمبادئ والولاء لهذا الوطن المعطاء، خاصة في هذه المرحلة العمرية حتى ننشأ الأجيال المقبلة على الهوية الوطنية وحب الوطن.
كما ناشدوا الوزارة بالتحرك ومعالجة هذه الإشكالية الكبيرة، وذلك لتهيئة جيل وطني تغرس فيه القيم والأخلاق الدينية والإسلامية إلى جانب الولاء للوطن، وذلك من خلال زيارات متكررة للمدارس ومعاقبة المستهترين ووضع آلية معينة لمراقبة المناهج وتقييم مستوى الطلاب.
وأشاروا إلى أن انتشار المدارس الدولية التي تأتي بمناهج وأفكار غربية زاد الأمر سوءاً، فأصبحنا الآن نرى أجيالاً لا تجيد اللغة العربية قراءة وكتابة، فضلاً عن تغير الاهتمامات والتمرد على الثقافة العربية الإسلامية المحافظة.
وأكدوا أن المتابعة الدورية من قبل المسؤولين في وزارة التعليم والتعليم العالي على مستوى المعلم غير كافية تماماً، حيث يكتفى المسؤول محل التوجيه بزيارة في بداية الفصل الأول، وزيارة أخرى في الفصل الثاني فقط، وبالتالي فالمعلم الذي يمتلك ضميراً يؤدي عمله على أكمل وجه، أما الصنف الآخر فلا يهتم بالطالب، مطالبة بمساءلة المعلم عن المستوى التحصيلي للطالب والطالبة ومحاسبته.
دروس المحادثة مهمة بهدف التواصل..
د. أحمد الساعي: ضرورة تقوية الطلبة في اللغة الإنجليزية تجنباً للمعاناة في الجامعات الأجنبية
قال الدكتور أحمد الساعي -أستاذ تكنولوجيا التعليم بكلية التربية بجامعة قطر- إن ضعف بعض طلبة المدارس الحكومية في اللغة الإنجليزية أمر طبيعي، فهي ليست لغتهم، ومن الطبيعي أن يعاني الطلبة العرب في الجامعات الأجنبية، لأنها لغة ثانية لم يتحدثوا بها خارج أسوار المدرسة، ولم يستعملوها إلا في الصفوف الدراسية أثناء الدروس، فليس غريباً أن يعانوا منها تحدّثاً لفظياً وكتابياً.
وأضاف أن هذا لا يعني أن تترك المشكلة دون حلّ، بل، لا بدّ من العمل على تقوية الطلبة في اللغة الإنجليزية ليتمكنوا من التواصل مع الآخرين المتحدثين باللغة الإنجليزية كلغة أولى، وذلك من خلال تدريس الطلبة في دروس المحادثة على التحدث باللغة الإنجليزية بالاستخدام السليم لقواعد اللغة في المخاطبة اللفظية والمكاتبات والمراسلات، من خلال دروس ومواقف تخصص لهذا الغرض.
وتابع الدكتور الساعي قائلاً: «كما ينبغي تشجيع الطلبة على القراءة والكتابة، ومشاهدة الأخبار والبرامج الإنجليزية، من خلال وسائل الإعلام التقليدي والحديث، مثل الإذاعة والتلفزيون، ووسائل الاتصال الاجتماعي، والبحث في الإنترنت، وغيرها من المحفزات والمعزّزات لمواقف التعلّم المخالفة، مع عدم تجاهل الصحف والمجلات الصادرة باللغة الإنجليزية، ويمكن أن يتم ذلك بتكليف الكلية بالتلخيص وكتابة التقارير وغيرها، وما الذي يمنع من تدريب الطلبة على مراسلة الجامعات الراغبين في الدراسة فيها، وتعبئة استمارات القبول وغيرها، وخصوصاً في السنوات الأخيرة من الدراسة الثانوية؟!
60 % من الطلاب يعانون من مرحلة التأسيس..
عائشة الجابر:المتابعة الدورية من قبل المسؤولين على مستوى المعلم غير كافية
قالت السيدة عائشة الجابر -خبيرة ومتخصصة في الشؤون التربوية- إن ضعف اللغة الإنجليزية في المدارس المستقلة يعود للأسف الشديد إلى ضعف بعض المعلمين في اللغة نفسها، إلى جانب ضعف الإدارة الصفية في بعض المدارس، والتي قد تتسبب في بعض الأوقات في الفوضى والإزعاج في الصف، فبالتالي لا تتمكن المعلمة أو المعلم من إعطاء المادة أو تقديم الشرح الكافي للطلاب.
وأضافت أن 60% من الطلاب يعانون من مرحلة التأسيس، حيث يأتي البعض منهم من المرحلة الابتدائية والإعدادية إلى المرحلة الثانوية، وهم لا يجيدون التعامل باللغة الإنجليزية على الإطلاق، فبالتالي مهما حاول الطالب أن ينتبه للمعلم، أو أعطاه المعلم حقه من التوضيح لا يستطيع أن يساير المناهج المطروحة، مشيرة إلى أن كثافة المنهج لها عامل كبير في التقصير وضعف اللغة.
ونوهت الجابر بأن المتابعة الدورية من قبل المسؤولين في وزارة التعليم والتعليم العالي على مستوى المعلم غير كافية تماماً، حيث يكتفى المسؤول محل التوجيه بزيارة في بداية الفصل الأول، وزيارة أخرى في الفصل الثاني فقط، وبالتالي المعلم الذي يمتلك ضميراً يؤدي عمله على أكمل وجه، والجانب الآخر لا يهتم بالطالب، مطالبة بمساءلة المعلم عن المستوى التحصيلي للطالب والطالبة ومحاسبته.
وأشارت إلى أن بعض المعلمات بالمدارس تقمن بتسريب الأسئلة للطالبات، وهذا يؤدي إلى عدم الاهتمام من قبل الطلاب، الأمر الذي ينتج عنه في نهاية الأمر ضعف اللغة الإنجليزية، لافتة إلى أن الفترة الزمنية لعملية التدريس لدى الطالب غير كافية للمراجعة، حيث إن المعلم يحاول الانتهاء من المنهج المقرر له خلال فترة زمنية محددة، وبالتالي يصعب على الطالب الحصول على حصص مراجعة كافية لتقوية لغته الإنجليزية.
أما بالنسبة لضعف اللغة العربية في المدارس الدولية، فأوضحت الخبيرة التربوية أن المدارس الدولية لا تهتم على الإطلاق باللغة العربية والشرعية، رغم أنها مناهج وزارة التعليم والتعليم العالي، فلا توجد متابعة من قبل الوزارة، ودائماً تكون المتابعة على المواد التخصصية، مثل: الرياضيات، واللغة الإنجليزية.
وشددت على أن الوزارة يجب أن تتابع جيداً هذه المواد؛ لأنها تغرس القيم والمبادي والولاء لهذا الوطن المعطاء، خاصة في هذه المرحلة العمرية حتى ننشئ الأجيال القادمة على الهوية الوطنية وحب الوطن، مشيرة إلى أن وزارة التعليم والتعليم العالي تعاني من قصور شديد في هذه المسألة، حسب تعبيرها.
حذّر من خطر كبير على الهوية..
عبدالعزيز الملا: البعض يفتخر بعدم تحدّث أبنائهم «لغة الضاد»
قال الخبير التربوي عبدالعزيز الملا إن عدداً كبيراً من المدارس الدولية والخاصة لا تلتزم بتدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية والتاريخ القطري للطلاب القطريين والعرب الذين يتلقون خدمات تعليمية في هذه المدارس، مما يؤثر على هوية الطالب الوطنية والإسلامية، فالعديد من خريجي تلك المدارس من القطريين والعرب ليست لديهم القدرة على الكتابة باللغة العربية أو حتى التحدث بها بشكل سليم، مما يسبب خطراً كبيراً على هوية هؤلاء الطلاب وارتباطهم بالمبادئ والثقافة القطرية والعربية.
وأضاف أن المشكلة الأساسية في الأهالي وليست المدارس، فهم من يسارعون لإدخال أبنائهم في إحدى المدارس الدولية من أجل اللغة فقط في المقام الأول ومن ثم المنهج الأكاديمي، ويتفاخرون أحياناً بعدم مقدرة أطفالهم على التحدث باللغة العربية وإتقانهم للغات أخرى، هذا فضلاً عن عدم متابعة الأطفال للتأكد من تلقيهم معلومات صحيحة عن الدين الإسلامي، فهذه المدارس بالرغم من التزامهم بمنهج التربية الإسلامية الخاص بوزارة التعليم والتعليم العالي، إلا أن الخلفيات الثقافية والمعتقدات الخاصة بالمدرسين أنفسهم لا يمكن التأكد منها إلا من خلال متابعة الأهالي.
وأوضح أن جميع المدارس الخاصة والدولية تلتزم بالفعل بقرار وزارة التعليم بتدريس المناهج المقررة عليها كمادة اللغة العربية والشرعية، ولكن بنسب متدنية للغاية لا ترتقي إلى تعليم الطالب أصول اللغة والدين والتعمق فيها، لذلك يجب أولاً على الأهالي الراغبين في تعليم ذويهم المناهج الأجنبية أن يحرصوا على تعليم أبنائهم في البداية اللغة العربية حتى لو كان تعليماً منزلياً.
فيما يتعلق بضعف اللغة الإنجليزية في المدارس المستقلة، أكد الملا أنه يوجد تقصير كبير من قبل المسؤولين في وزارة التعليم والتعليم العالي بخصوص هذا الشأن، من خلال عدم المتابعة الدورية للطلاب.
حسام الهاشمي: حملات مكثّفة لمواجهة ضعف اللغات
قال الخبير التعليمي حسام الهاشمي إن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم ولغة الأمة، ويجب الاعتناء بها جيداً، سواءً في المدارس الحكومية أو الدولية، وذلك من خلال خلق بيئة مناسبة لتعلّم أبناءنا الطلاب مفاهيم ومبادئ اللغة.
وأضاف أنه يجب علينا أيضاً الحرص على تعليم الأجيال الحالية والقادمة على تعلم اللغة الإنجليزية والاختلاط بالأجانب، لتعلّم اللغة الصحيحة ومداركها.
وطالب الهاشمي وزارة التعليم والتعليم العالي بعمل حملات توعوية مكثفة للاهتمام باللغة العربية والإنجليزية معاً، فضلاً عن حصص مراجعة ودورية للاهتمام باللغات، وعمل اختبارات بعد كل دورة يجتازها الطلاب، للوصول إلى المستوى المطلوب للطلاب.
انتشار الأفكار الغربية بالمدارس الدولية زاد الأمر سوءاً..
مرشد الشعر: أصبحنا الآن نرى أجيالاً لا تجيد اللغة الأم قراءة وكتابة
قال الخبير التربوي مرشد الشعر النائب الإداري بمدرسة حمد بن عبدالله بن جاسم الثانوية للبنين، إن انفصال الأجيال الجديدة عن مجتمعاتهم، خاصة في المجتمعات العربية، له أسباب عديدة نتيجة الانفتاح والعولمة والانبهار بثقافة الغرب وعاداته ومحاكاتها في مجتمعاتنا العربية المحافظة، إلا أن انتشار المدارس الدولية التي تأتي بمناهج وأفكار غربية زاد الأمر سوءاً، فأصبحنا الآن نرى أجيالاً لا تجيد اللغة العربية قراءة وكتابة، فضلاً عن تغير الاهتمامات والتمرد على الثقافة العربية الإسلامية المحافظة.
وأضاف الشعر أنه عندما يلتحق طلاب قادمون من مدارس دولية بالمدارس الحكومية في قطر، في المرحلة الثانوية على سبيل المثال، يجدون صعوبة بالغة في التواصل والفهم، فهم لا يستطيعون القراءة بالعربية ولا قراءة القرآن، مما يدل على مدى التأثير السلبي لهذه المدارس على هوية الطلاب، مشيراً إلى أن المدارس الدولية بالطبع تقدم مناهج أكاديمية متميزة للغاية، ولكن يجب أن تكون هناك موازنة بحيث يتعلم الطالب العربي في هذه المدارس اللغة العربية بجانب الإنجليزية وتعاليم الدين الإسلامي والتاريخ القطري.
كما أكد أن هذه المدارس تقوم بتنظيم أعياد مثل الكريسماس، فالطالب العربي أو القطري مع مرور الوقت يعتبر هذه الأعياد هي الأعياد الرئيسية بل ويحرص على الاحتفال بها أكثر من أعيادنا الإسلامية، مشيراً إلى أن الأهالي تقع عليهم المسؤولية الأكبر، فإذا أرادوا أن يُدخلوا أبناءهم مدارس دولية فعليهم بجانب ذلك تعليم أبنائهم اللغة العربية وحثهم على حفظ وقراءة القرآن ليكملوا دور المدرسة.
كما أشار إلى أن هذه المدارس عليها أيضاً أن تستعين بطاقم تدريسي حتى ولو بنسبة قليلة ينتمي للثقافة الإسلامية والعربية لتدريس مواد اللغة العربية والتربية الإسلامية للطلاب القطريين والعرب.
وشدد أيضاً على أن ضعف اللغة الإنجليزية في المدارس المستقلة يرجع إلى عدم الرقابة من قبل الجهات المسؤولة وتجب معالجته.
العرب