ضعف «العربية» و «الإنجليزية» لدى الطلبة.. تحديات وحلول

عبدالعزيز الفضلي

 

أكد عدد من التربويين ان مخرجات اللغتين العربية والانجليزية ضعيفة عند الطلبة، مشيرين ان الطالب يقضي 12 عاما في الدراسة ولا يتقن القراءة بشكل صحيح.

وذكر التربويون في تصريحات لـ «الأنباء» انها قضية مجتمع ورأي عام لأنها تمس كل مواطن ومقيم وكما ان البيئة المحيطة بالطالب لها دور ايضا في هذا الجانب، لاسيما ان اللغة المسموعة للطفل في بداياته هي العامية، كما ان عدم تمكن الطالب من قراءة القرآن الكريم بالشكل المطلوب يعود لأنه يدرس طوال الأسبوع حصة واحدة فقط وهذا لا يكفي، مبينين ان الضعف الشديد في تعلم اللغة الإنجليزية في جميع المراحل التعليمية بسبب ضعف برامج إعداد المعلمين، داعين أصحاب القرار التربوي الى اعتماد البرنامج الدولي لرخصة المعلم.

في البداية، أكد موجه اللغة العربية بوزارة التربية طارق العنزي ان ضعف اللغتين العربية والانجليزية قضية مجتمع ورأي عام، مشيرا الى ان ما نعانيه في الكويت نسمع مثله وأكثر منه من شكاوى في شتى البلدان العربية فنحن لا ننفرد بوضع خاص ولا بد من تحديد إن كان هذا الملاحظ للضعف في المهارات الأساسية يشكل ظاهرة عامة أو هو انطباع تكون لحالات فردية لا يمكن تعميمها، مشيرا الى انه لم يقف على دراسة تشير إلى وجود ظاهرة ضعف لدى طلاب الصف الـ12 بل إن كلا من نتائج اختبارات الثانوية العامة واختبارات القدرات في الجامعة تشير إلى أن تعليم اللغة العربية بخير.

وقال العنزي انه بشكل نظري فإن نسبة العام الماضي في الاختبار فقط كانت قريبة من ٧٠% للقسم الأدبي و٨٥% للقسم العلمي وكلا القسمين فوق ٩٥% مع درجات الأعمال، أما بشكل عملي فهناك ضعف في امتلاك المهارات وتطبيقها في الحياة اليومية من خلال ما نلمسه يوميا في المدارس وأجزم بأن الملاحظ هي كفايات عامة مثل عدم القدرة على القراءة لمجلة أو لصحيفة دون تعثر، أو عدم القدرة على الكتابة بشكل سليم وفصيح في وسائل التواصل، مشيرا الى اننا نحكم في العادة على الأمور دون فصل الظروف المحيطة مثل مواجهة الجمهور والارتباك.

أسباب عديدة

وتطرق الى أسباب أخرى وراء تدني مستوى القراءة عن الطالب مثل ضعف الدافعية لعدم وجود محفزات أو ظروف ترغب في الإقبال على الدراسة بشكل عام ولعدم وجود بيئة تعليمية جاذبة، وكذلك ضعف التأسيس خلال الصف الأول والثاني والثالث، لأن المرحلة الابتدائية أهم وأخطر مرحلة، ناهيك عن كثرة المواد وضعف التدريب فالعملية تراكمية، بالإضافة الى الإهمال الأسري وضعف إعداد المعلمين او كثرة الأعباء الإدارية.

من جانبه، أكد موجه اللغة العربية بوزارة التربية احمد الرشيدي ان هناك عدة عوامل وراء عدم إتقان الطالب للغة العربية الفصحى، واهمها انه خلال المرحلة الابتدائية توجد لغات أجنبية دخيلة على الطالب، مشيرا الى ان ذلك يفقده التمكن من اللغة العربية بدليل ان الطالب في الابتدائي لا يستطيع التركيز على الكتابة، كما ان نظرة المجتمع للذي يتحدث العربية الفصحى نظرة دونية.

وأضاف الرشيدي ان البيئة المحيطة بالطالب لها دور ايضا في هذا الجانب لاسيما ان اللغة المسموعة للطفل في بداياته هي العامية لذلك هي الأقرب، مشيرا الى ان الطالب حتى في المدرسة لا يتحدث الفصحى باستثناء حصة اللغة العربية وبقية الحصص في اللهجة العامية ويجدها سهلة للتعبير عن أفكاره، كما ان حصة واحدة للقرآن الكريم في الأسبوع لا تكفي.

12 عاماً دراسياً

بدوره، أكد موجه عام التربية الإسلامية بوزارة التربية د.محمد الراشد أننا نطمح لأن يكون مستوى الطالب في القراءة أفضل خاصة في القرآن الكريم، مشيرا الى أنه وخلال 12 عاما دراسيا من المفترض أن يكون الطالب ملماً بالقراءة.

وبيّن الراشد أن سبب عدم تمكن الطالب من قراءة القرآن الكريم بالشكل المطلوب يعود الى أن الطالب يدرس طوال الأسبوع حصة واحدة فقط، لافتا الى أن المعلم لا يستطيع أن يحفظ ويفسر الآيات ويراجع مع الطالب، مطالبا بأن تكون هناك على الأقل حصتان في الأسبوع لمادة القرآن.

وذكر أن الطالب بعد تخرجه في الثانوية يجيد السور التي حفظها، أما البقية فيجد فيها صعوبة، متمنيا إعادة النظر في عدد حصص القرآن الكريم التي تقدم للطلبة.

لغة جامدة

وترى معلمة اللغة العربية انتصار الجمهور أن هناك اعتقادا أصبح سائدا بأن اللغة العربية هي لغة جامدة وصعبة وتتسم بالتخلف ويرى البعض أن من يتقنها أو يتمرسها شخص غير حضاري، مشيرة الى أن هناك عدة أمور ساهمت في أن يخرج الطالب من مسيرة التعليم غير متقن للغات خاصة العربية منها أن المناهج لم تعد بالمستوى المطلوب والذي يشبع رغبة المعلم قبل الطالب بالتأسيس بطريقة سليمة.

وأضافت الجمهور أن المعلم هو الأساس في توصيل المعلومة وقبل كل شيء يجب أن يكون عاشقا ومتقنا لمادته العلمية التي يقدمها لطلابه كذلك يكون على مستوى عال من المهارة ليسهل على الطلاب المادة لأن هناك ضعفا في الكادر التعليمي، لافتة الى أن للمنزل أيضا دورا كبيرا في ترغيب الطلاب بمادة تحمل لغة القرآن الكريم، فالجميع هجر القرآن وقراءة الكتب أصبحت معدومة والمكتبات مهجورة، مؤكدة ضرورة الاهتمام باللغة العربية خاصة في المرحلة الابتدائية من حيث المنهج واختيار كادر تعليمي متميز لمرحلة التأسيس وتوفير وسائل تعليمية حديثة تتناسب مع العصر.

اللغة الإنجليزية

وفيما يتعلق بضعف مخرجات اللغة الانجليزية لدى الطلبة، قالت معلمة اللغة الانجليزية والمدربة الدولية نورا الهاملي: لطالما كانت صعوبات التعليم تمثل هاجسا مؤرقا للتربويين والمتعلمين وأولياء أمورهم، مبينة أن ذلك يعود لعدة أسباب رئيسية، منها ضعف برامج إعداد معلمي اللغة الإنجليزية ونطمح من أصحاب القرار التربوي لاعتماد البرنامج الدولي لرخصة المعلم والارتقاء بمستوى المعلم الكويتي، وأيضا من أسباب التراجع بمخرجات التعليم التغيير المستمر في مناهج اللغة الإنجليزية والذي لا يتناسب مع المراحل العمرية، وقصور توجيه اللغة الإنجليزية في إثراء المعلمين بمستجدات تدريس اللغة الإنجليزية وقلة الدورات التدريبية المتخصصة.

وذكرت أن المنافسة «السلبية» بين المدارس على بعض الألقاب والجوائز والمسابقات دفع بالبعض لإعداد المشاريع للمتعلمين وتهميش إبداعات ومهارات المتعلمين الحقيقية والاهتمام بالأنشطة التي تلمع بعض الإدارات المدرسية ولا يهمها المستوى الفعلي للمتعلمين، فابتعدت بذلك عن هدفها الحقيقي، مؤكدة أن اعتماد أبنائنا منذ المراحل الأولى على الدروس الخصوصية والمراكز التجارية غير المؤهلة تربويا التي تدربهم مساء يضعف رغبة المتعلم في الاهتمام بالمادة خلال الدوام المدرسي، متمنية من أصحاب القرار التربوي محاربة هذه الظاهرة.

التعلم الذاتي

في السياق ذاته، ذكرت معلمة اللغة الانجليزية المدربة الدولية المعتمدة أميرة المري أن من أسباب الضعف في مخرجات اللغة الإنجليزية صعوبة المناهج وعدم ربط منهج المرحلة بسابقتها، ناهيك عن تكليف المعلمين بأعباء أخرى غير التجهيز والتحضير للدرس وإعداد التمارين اللازمة للطلاب الضعاف في مادة اللغة الانجليزية.

وأكدت المري ضرورة أن يكون للطالب الرغبة الأكيدة لتعلم اللغة الإنجليزية من تلقاء نفسه وهذا الإحساس ينشأ مع الطالب ويكون ملازما له داخل أسوار المدرسة وخارجها، مشيرة الى أهمية توافر كافة الوسائل التي تشجعه على التعلم الذاتي، ويكاد هذا الدافع هو المؤثر والعامل الرئيسي في حياة الفرد.

أما أحمد زيد، وهو ولي أمر، فقد اكد ان ضعف اللغتين العربية والانجليزية دليل تدني مستوى التعليم، مشيرا الى أنه لا يوجد معلم ذو كفاءة عالية كالمعلمين السابقين الذين لديهم القدرة على إيصال المعلومة والتدريس بالشكل السليم.

أسباب ضعف القراءة

بين تقرير تربوي أن من الاسباب الرئيسية لضعف القراءة عجز المعلم وفشله في جعل مادة القراءة مشوقة وجذابة للطلبة، واختيار الكتاب المناسب الذي يتضمن مواد للقراءة تتماشى مع مستوى التلاميذ الواقعي ومع ميولهم وما لديهم من طاقات وقدرات.

وأيضا فشل بعض المعلمين في تكييف طرق التدريس لقدرات التلاميذ حيث يجب ان تساير طريقة المعلم في تعليم القراءة والكتابة طبائع الاطفال، فإذا لم تكن كذلك فإنها تؤدي إلى التخلف القرائي بصورة أو بأخرى.

وضعف الإعداد الثقافي والمهني للمعلم حيث ان فاقد الشيء لا يعطيه.

وذكر التقرير ان من بين اسباب ضعف الطلبة ايضا في القراءة الطرق التقليدية في التدريس التي تعتمد على التلقين والحفظ والطريقة الجافة التي تعلم بها القواعد إذ يجب الخروج من هذا النطاق إلى نطاق الفهم والاستيعاب وايجاد السبل الحوارية والنقاشية بين المعلم والمتعلم في الحقل التعليمي وهناك اسباب متعددة ايضا لضعف القراءة وصولا الى المدارس ثنائية اللغة التي تقضي على لغة الطالب لأن الكثير ممن درس ثنائية اللغة لا يعرف الكلمات العربية من الانجليزية.

%12 من طلاب الكويت مصابون بعسر القراءة

شهدت دول العالم ومنها الكويت دراسات وأبحاث ومسوحات عدة حول «عسر القراءة» حيث قامت الجمعية الكويتية للديسلكسيا عام 2017 بدراسة مسحية عن الاطفال الذين يعانون العسر القرائي في الكويت.

وبلغ عدد الذين تم فحصهم اكثر من 30 ألف تلميذ وتلميذة حيث شكلت نسبة الإصابة لدى الذكور حوالي 12% في حين بلغت لدى الإناث حوالي 10% بنسبة إجمالية بلغت 3.6% من مجموع عينة الدراسة.

ووضعت تلك النتائج اصحاب القرار في الكويت امام تحديات وطنية لمواجهة هذا النوع من صعوبات التعلم لاسيما بعد استكمال عدد المدارس التي شملها المسح وهي 650 مدرسة حكومية موزعة على المناطق التعليمية المختلفة.

وقدمت الدراسة فكرة واضحة عن «عسر القراءة» وكيفية التعامل معه وعلاجه وذلك من خلال تعاون العديد من وزارات الدولة ومؤسساتها والشركات الأهلية والمتبرعين.

تركيز أكثر

أكد الوكيل المساعد للتنمية التربوية والأنشطة في وزارة التربية فيصل المقصيد أن الطالب يحتاج الى التركيز أكثر مع المعلم وما يقدم له من مناهج، مشيرا الى ضرورة أن يقوم الطالب بمذاكرة دروسه بصفة مستمرة، لافتا الى أن للأسرة دورا ايضا في تشجيع الطالب على القراءة.
 

الأنباء