الإيسيسكو تدعو لعقد قمة عربية حول اللـغـة العـربـيـة لأنـهـا قـضـيـة اسـتـراتـيـجـيـــــة

ياسمين الغمري

 أعلن الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة –إيسيسكو-  أن النظرة المتشائمة إلى حاضر اللغة العربية ومستقبلها، مصدرُها الوضع غير اللائق الذي تعيشه في عقر دارها، مما يجعله باعثـًا على الحسرة لـدى فـئـات كبيرة من أبنائها، موضحًا أن إسقاط الوضع الحالي غير المناسب للغة العربية السائد في جل بلـدان العالم العربي، على اللغة العربية في حد ذاتها من حيث قيمتـُـها وجوهرُهـا وخصوصيتها وقابليتـُـها للتطور، يتسبَّب في شيوع أحكام منافية لحقائق الأمور.

جاء ذلك في كلمة له ألقاها في افتتاح الملتقى العالمي لخدمة اللغة العربية صباح اليوم في العاصمة التونسية الذي يعقد برعاية السيد محمد المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية، وقال فيها : « لقد كان أستاذنا الدكتور شوقي ضيف، الرئيس الأسبق لمجمع اللغة العربية في القاهرة، يقول إن اللغة العربية تعيش اليوم أزهى عصورهـا، إذ لم يسبـق أن انتشرت على هـذا النطاق الواسع عبر وسائل الإعلام من صحافة وتلفزيون وإذاعة وأنترنيت، ولم تعرف هذا الازدهار الذي يتمثـل في صدور مئات الألوف من الكتب والدوريات باللغة العربية التي توالى نشرها منذ منتصف القـرن التاسع عشر حتى بلغت اليـوم معدلات النشـر العربي مستويات عليا، وإن كانت دون مستوى النشر في الدول المتقدمة".
ومضى قائلا: "ولكننا إذ نسجل هذا الانتشار غير المسبوق للغة العربية، فلن يصرفنا ذلك عن دق ناقوس الخطر الذي بات يتهدد حاضر اللغة العربية ومستقبلها، نتيجـة لبعض السياسات المناهضة لهـا التي تخدم أهدافـًا خارجية مع الأسف"، وذكـّر بما نشره  في كتاب صدر له عام 2004 عن "مستقبل اللغة العربية" عن أن: "اللغة العربية قضية استراتيجية في المقام الأول، لا تمسّ الأمن الثقافي والحضاري للأمة فحسب، بل هي تمسّ سيادة الدول العربية والإسلامية وأمنها العام واستقرارها واستقلالها الوطني".
وأعلن أن اللغة العربية تواجه خطـرًا محدقـًا بها، من نـواح كثيرة، خصوصًا من بعض أبنائها الذين يناصبونها العـداء ويحاربونها ويعملون بشتى الوسائل على إقصائها، مما يضعف مركزها، وينفـّـر الأجيال العربية الصاعدة منها. فالخطر ناشئ إذن من الداخل أيضاً، وليس آتيـًا فقط من الخارج. والمواجهة الصحيحة لهذا الخطر تتوقف على الإرادة السياسية الواعية والمصممة.
وقال الدكتور عبد العزيز التويجري: "سبق لي أن توجّهت بنداء إلى جامعة الدول العربية لتبادر بالدعوة إلى عقد مؤتمر قمة عربي يخصص للغة العربية واقعـًا ومستقبلا، وأرى أن الظرف مناسب لأجدد هذا النـداء في هـذه المناسبة، لعله يلقى استجابة من لدن القادة العرب".
وذكر أن التنبيه إلى الوضع غير اللائق للغة العربية في المجتمعات العربية بصورة عامة، ليس الغرض منه اتخاذ موقف سلبي يصدر عن الرؤية المتشائمة إليها، ولكن الهدف منه التنبيه إلى الخطر المحدق باللغة العربية، واستنفار الهمم للتصدّي له، لا بالعواطف والشعارات والمقالات، ولكن بخطط عمل مدروسة، وبأساليب علمية، وبطرق ديمقراطية، وبروح القانون، وبمنطق المصلحة العليا التي تتطلب المسارعة إلى معالجة الخلل والتعامل مع الحالة بالمنهج القويم.
وقال المدير العام للإيسيسكو أيضـًا: "إننا نعلق آمالا كبيرة على هذا الملتقى العالمي لخدمة اللغة العربية، ونتطلع إلى البدء في تنفيذ مشروع "المحراب العالمي للغة العربية" الذي أطلقه رئيس الجمهورية التونسية. ونتمنى أن تتضافر الجهود الخيّـرة في إطار التعاون والتنسيق مع المجامع اللغوية والمؤسسات التي أنشئت حديثـًا للنهوض باللغة العربية، من أجل أن يكون لعملنا المردود المأمول الذي يصحح الوضع، ويقوّي مكانة اللغة العربية،  ويخدم الثقافة العربية".

الدستور