قلاع اللغة العربية ورياح الثورة الإعلامية..السياقات والتحديات

يسلط كتاب "قلاع اللغة العربية ورياح الثورة الاعلامية.. قراءة في السياقات والتحديات"، لمؤلفه خالد وليد محمود، الضوء على أبرز الإشكالات والرهانات المطروحة اليوم في المجتمع العربي. كما يتعمد الكاتب في إطار استعراضه لمجموعة مختارة من القضايا والجوانب المتفرعة في الخصوص، وضع مقاربة إشكالية علاقة اللغة العربية بالإعلام الإلكتروني، أو ما بات يسمى شبكات التواصل الاجتماعي.

ويبحث في جوهر تساؤل ملح في الخصوص، مؤداه سبب كون لهذا الإعلام أهمية وقيمة ناظمة لبنى المجتمع المختلفة، وطبيعة تأثير تلك الحقيقة، المباشر، على اللغة العربية، لاسيما أن الحديث في هذا الصدد، كما يؤكد محمود، هو عن اللغة العربية في عصر الانترنت والعولمة.

يتضمن الكتاب مساقات دراسية شاملة تطرق فضاءات وتنويعات الموضوع المطروح، بشكل واف وشامل، ذلك من خلال ثمانية مباحث، رتبّها المؤلف على التوالي: اللغة العربية إذ ترسم معالم الحضارة، السلبي والايجابي في تأثير الانترنت على اللغة العربية، الشبكة العنكوبية الظاهرة والمفهوم، الانترنت والاستثناء اللغوي العربي، مكانة وأهمية اللغة العربية بين لغات العالم، لغة الإنترنت وثقافة المجتمع، لغتنا والاعلام الاجتماعي.. نحو سياسة لغوية موصولة بمجتمع الإنترنت، اللغة العربية على شبكة الإنترنت.. أرقام ومعطيات، بالاضافة الى استنتاجات وتوصيات وخلاصة.

ومن خلال هذه المباحث يعرض ويحلل المؤلف، بشكل موجز ومكثف، لقضية من أهم القضايا التي طفت إلى السطح، مع انتشار الانترنت في العالم العربي وتزايد استخدامه من طرف مختلف فئات المجتمع. ويبين هنا، مدى تأثير هذا الانتشار والشعبية للانترنت في العالم العربي على اللغة العربية، في مختلف السياقات، وكيف أن الموضوع عينه، غذا يمس الشباب العربي، بشكل حساس ومباشر اكثر.

ولا يغفل المؤلف، على هذا الصعيد، التنويع في شكل البحث وتقييماته، إذ يفرد مساحات وافية للحديث عن شتى الجوانب الايجابية والسلبية لتلك القضايا "الانترنتية" الاعلامية، وتأثيراتها التي طالت اللغة العربية. ويدرس في هذا الاطار، مسألة التأثير السلبي أو الايجابي الذي يمارسه الانترنت على لغة المجتمع وثقافته.

يحاول محمود، في سياق إجابته عن جملة الموضوعات المطروحة، الاجابة عن مجموعة اسئلة ملحة تتضمن: وضع اللغة العربية على شبكة الإنترنت، أهميتها، ترتيبها ومستقبلها، أهم الإشكالات والفجوات التي تجابهها في وسائل التواصل الاجتماعي.. مثل: (الفيس بوك، وتويتر، ويوتيوب.. الخ)، هل قوت شبكة الانترنت إمكانات اللغة العربية أم أضعفتها؟ ما التحديات التي تجابهها اللغة العربية في الإعلام الإلكتروني - الرقمي وسبل حلها؟

ولا تتجسد إجابات المؤلف عن مجموع تلك التساؤلات، في صيغ قوالب مباشرة جامدة، إنما نجده يناقشها بأسلوب حيوي، ينطلق معها في محور دراسته، الجوهري، من فرضية مفادها، أنه، ورغم أن الإنترنت والإعلام الإلكتروني، عززا وجود وإمكانات اللغة العربية؛ وقويا من تواصلها وتفاعلها مع اللغات والثقافات الأخرى، إلا أنهما أحدثا إشكاليات جديدة ووضع تحديات أمامها. ويلفت محمود في هذه المحطة، تحديدا، إلى أن المعوقات المتعددة والاستعمالات للغة العربية في مواقع التواصل الاجتماعي، أضعفت من قيمة الظاهرة اللغوية.

كما نجد أن الهدف الذي حدده الكتاب من أبحاثه المعمقة حول الموضوع، هو إيجاد آليات تسمح بتقوية البنيات التحتية لاستخدام اللغة العربية على الإنترنت، خاصة ضمن وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بما يتلاءم مع الخصوصيات اللغوية والحضارية العربية.

البيان