
مايؤرقنا - التمكين اللغوي للإعلاميين في الإلقاء السليم
أ. دوان موسى الزبيدي
الإلقاء فن ، وعلم أداته الأساس اللغة ؛ إذ تمثل 60% من الإلقاء، وما بقي يكون لمخارج الحروف الصحيحة، والقراءة السليمة والأداء الجيد..القراءة السليمة تتحقق بضبط أواخر الكلمات من خلال إتقان قواعد النحو العربي، والتدرّب عليها....ا .
أماالأداء الجيد فيكون من خلال مراعاة النطق السليم لمخارج الحروف جميعاً وبخاصة الحروف الحلقية ،واللثوية ، والنبر بالكلمات، أو الأحرف ( رفع الصوت بحرف، أو كلمة لتنبيه السامع
- يضاف إلى ماسبق القراءة المعبّرة، وتكون بإيصال المعاني للمستقبِل من خلال إبراز الاستفهام، والتعجب، والاستنكار .ومراعاة أمكنة الوقف من خلال حسن استخدام الوقف التام، أو العارض ، ويمكن أن تترجم في أثناء الكتابة بما نسميه بعلامات الترقيم...لنقف عند قراءة التقارير،والتعليقات، والإعلانات في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ، ونتساءل : هل تتحقق فيها عناصر الإلقاء السليم؟في كثير من الأحيان لاتجده والإعلاميون يتجاهلونها، أويجهلونها ؛ وهنا يأتي دور المسؤولين
والمشرفين على وسائل الإعلام في رفع مستوى الأداء وجودته - لغة ً،وإلقاءً- وهنا يستوقفني ما يقوم به مدير قناة الريان الفضائية الشاب سعد العتيبي – جزاه الله خيرا- من متابعة جادة للأداء اللغوي في قراءة التقارير ،أوالتعليقات، أوالإعلانات،فقد وجد كلمة تنطق خطأ في التشكيل فأعاد تسجيل الإعلان بلغة صحيحة فصيحة ، ونحن بدورنا حرّاس اللغة في المجلس الدولي للغة العربية نشكر كل من يسعى للحفاظ على لغته الأم، وهويته الأصيلة،علماً أن هذه القناة منوّعة، تراثية تستخدم اللغة التي يفهمها كثير من الناس تمزج العامية بالفصيحة بطريقة مقبولة وأود الإشارة هنا إلى أنه من الخطأ تصور الفصحى والعامية كثنائية هندية، لأن اللهجة حقيقة علمية ،ولغوية تتفرع من الفصحى بضعف، وتنتمي إليها بقوة،ولكن لكل منهما مجاله ، ونحن في حاجة إلى العامية ،والفصحى معا ، عاشت العامية والفصحى على ألسنة كبار الإعلاميين لكن بإلقاء محبب ،وصوت ملائم ، والصوت موهبة كما يقول الشاعر:
والصوت موهبة السماء فطائر يشدو على فَنَنٍ وآخرُ ينعب *
لا يمكن أن نعدّ المتقدم لوظيفة (مذيع) مؤهلاً لشروط القبول ما لم يمتلك صوتاً ملائماً سليماً، إذ صوت المذيع هو الأداة الرئيسة للاتصال مع المستمعين والمشاهدين، وهو الأداة الكبرى التي سيستخدمها طوال عمله الإعلامي، فيجب عليه أن يحافظ عليها وأن يهتم بها وذلك بالاستمرار على تدريب صوته للخلاص من كل ما يسبب له الخشونة المنفرة والحدة المزعجة، بالإضافة إلى القدرة العالية في فن الإلقاء وهو موضوع له أهمية كبرى في الصوت.
* فمهما كانت براعة المذيع وثقافته وقدرته على الإعداد، فإن المادة الإذاعية لا يمكن نقلها في النهاية إلى المستمع أو المشاهد إلا من خلال الإلقاء الجيد، وإدخال التغييرات ذات المعنى الملائم على الأداء الصوتي ... ولا يعني ذلك أن يكون الصوت جميلاً فحسب بل لكل صوت مادة، ولكل مادة طبقة وطريقة..ولعل هذا الأمر يُعد المفصل الأساس في تسمية ( المذيع ) أو ( المقدم ) فأكثر الموجودين في الساحة يسمون ( مقدمين ) وليسوا ( مذيعين )، فالصوت السليم الصحيح لا يملكه إلا قلة قليلة من الإعلاميين.... فلا غرابة أن نسميهم ( مقدمي برامج ) وليسوا ( مذيعين)!).
ومن الأخطاء الكبيرة في هذا المجال أن يتولى بعض المذيعين ما لا يجيدون فيقعون في طوام الإعلام ... ولهذا فإننا نؤكد على أن الإلقاء هو الأداة التي ينقل بها المذيع معلوماته إلى الجمهور؛ من ثًمّ فإن طريقة الإلقاء – أي إخراج الكلمات ونطقها – تصبح ذات أهمية فائقة، فلا يصح أن يتلعثم أو يأتي بترقيم الكلمات وفواصلها ( آ ... آي ... ) ثم إن عليه أن يبتعد عن النبرة الحادة التي لا تصلح إلا في الخطب الحماسية فقط...
ولا بد من تجنب الخطأ الذي يقع فيه بعض المذيعين وذلك في التكلف الواضح في إخراج الحروف، وهو ما نسميه (حركة الفك) فتتضح للمشاهد حركة الفك بسبب رغبة المذيع توضيح الحروف، وسلامة النطق...وهذا له علاجه المناسب.
|
|
|