اللبنانيون يتكلمون العربية والفرنسية والإنكليزية والأرمنية دفعة واحدة، ومشكلة لغة الضاد تتفاقم مع انتشار الانترنت

في حين ينص الدستور اللبناني أن العربية هي اللغة الوطنية الرسمية ويحدد بأن الفرنسية يمكن أن تستخدم في بعض الحالات، فان الواقع خلاف ذلك فتكفيك دردشة صغيرة مع احد اللبنانيين لتكتشف فسيفساء من اللغات في حديثه تتراوح بين العربية والفرنسية والإنكليزية والأرمينية.

ويعتبر البعض إن البديل غير الرسمي المستخدم للعربية في لبنان هو اللهجة المحكية والتي تعرف باسم اللبنانية حيث تشمل العربية، والسريانية، والأذرية، والأوزبكية، والفارسية.

ويتكلم اللبنانيون من أصل أرمني اللغة الأرمنية وهي منتشرة في ضواحي بيروت ومنطقة البقاع. ولهم جرائد وإذاعات بلغتهم.

كما هناك جامعة تلتزم اللغة الأرمنية بتدريس بعض موادها، بالاضافة الى جالية كردية كبيرة في لبنان تتحدث اللغة الكردية.

فجملة واحدة على غرار "هاي كيفك سافا" يقولها اللبناني المنفتح على حضارات العالم والمعروف بحبه لكل مظاهر التمدن والتطور كافية لفهم عشقه وولعه باللغات الاجنبية.

والوافد الى لبنان يقع في حيرة من امرة ويتعجب كيف يتواصل أكثر اللبنانيين مع بعضهم بلغات أجنبية.

وكانت لغة بيروت قبل الفتح العربي الأرمينية السريانية. وبعده انتشرت العربية القريبة من الأرمينية مع الاحتفاظ بالعديد من المفردات والقواعد اللغوية الخاصة بها.

وكان خضوع لبنان للاحتلال الفرنسي لأكثر من عشرين سنة له الوقع الاكبر والأثر الشديد على لهجة اللبنانيين.

وادى تواصل عمل المدارس والجامعات والمعاهد الناطقة بالفرنسية في لبنان الى جعل الفرنسية "لغة ثانية" لبعض اللبنانيين، واحتلالها المرتبة الاولى لدى البعض الاخر، كما تتموقع اللغة الإنكليزية في المركز الثاني لدى شريحة كبرى منهم بفضل انتشار وسائل الاعلام والإنترنت الناطقة بها.

ولبنان معقل للفرنكوفونية في الشرق الاوسط لكن ذلك لم يمنع زحف لغة شكسبير اليه حيث باتت معظم المدارس تعلم الفرنسية والانكليزية الى جانب العربية في سن مبكرة جدا.

وفي السنوات الأخيرة بدأ يتزايد بين الشعب اللبناني وبالأخص الأفضل تعليماً التحدث بمزيج من العربية والفرنسية بحيث تتكون الجملة الواحدة من كلمات أو عبارات من لغات مختلفة.

وتتجاوز اللغات الأجنبية مجرد استعمالها في الحوار واثناء المحادثات الى التعاملات التجارية.

ويعلم الاباء أطفالهم لغات أجنبية منذ نعومة أضفارهم لاعتقادهم بانها تساهم في تطور نموهم الفكري والمعرفي وقدرتهم على الاندماج بسرعة وسط البيئة التي يعيشونها.

وتعتبر الطبقات الثرية خاصة في المجتمع اللبناني ان اللغة العربية "موضة قديمة" ولا تعبر عن ما يعيشونه من ترف ورفاهية، ويعتقدون ان اعتمادهم الانكليزية والفرنسية يعكس رفعة ذوقهم وانفتاحهم على الاخر.

وتضيع بعض العبارات الشائعة بين العربية والفرنسية مثل "مرسي كتير" (شكرا جزيلا) او "بونجورين" (صباح الخير مرتين) او "شرشورة" ومعناها "عزيزتي" وهي مشتقة من كلمة "شيري" الفرنسية او "يلا باي" للوداع.

واذا كانت هذه العبارات تضحك البعض، فالعجز عن اجراء حديث بلغة واحدة يثير حفيظة آخرين.

وتمتد رقعة أزمة اللغة العربية في لبنان مع ظهور جيل جديد من الاطفال والشباب المولعين بالانترنت وبوسائل التواصل المفتوحة على العالم. ويعجز الكثير منهم على تركيب جملة سليمة.

ومن الادلة الدامغة على تقهقر اللغة العربية امتحانات الشهادة المتوسطة للسنة الماضية، حيث اخذت اللغة العربية حيزاً كبيراً من اهتمام اللبنانيين خلال الأشهر الأخيرة بعد تسجيل نسبة رسوب عالية في هذه المادة. وبلغت نسبة الرسوب ثلثي عدد المتقدمين إلى الامتحانات الرسمية، وهو ما اعتبر أمراً لا سابق له.

وبالنسبة لمدرسي اللغة العربية، المشكلة تنشأ من العائلة.

ويخجل العديد من اللبنانيين لا سيما الشباب من لغتهم الام الفصحى باعتبارها عنواناً "عدم مواكبة العصر".

وكانت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم اعلنت "يوما للغة العربية" من اجل "الحفاظ على ارث الامة العرببة بوجه العولمة".

ميدل إيست اون لاين