الإعلام واللغة العربية
د. نعيمة حسن احمد النجار
اللغة وسيلة اجتماعية وأداة تفاهم بين الأفراد و الجماعات فإن جميع وسائل الاتصال الجماهيري المختلفة التي لها أكبر الأثر في حياة المجتمع تعتمد على اللغة، فاللغة العربية هي هويتنا وهي مستودع ذخائرنا، تصل الحاضر بالماضي ونستعيد بها تراث سبعة عشر قرنا أو يزيد، يحكي لنا سيرة أمتنا وتاريخها المجيد وجلائل أعمال أبنائها. فكيف لا يحفزنا هذا لأن نستثير الهمم، ونستشعر العزة والكرامة، ونجمع القوى لنؤدي حق العربية علينا في الحفاظ عليها وصونها وتنميتها ونشرها.
إن ارتباط الإعلام باللغة العربية هو ارتباط من الحيوية و الأهمية بمكان بحيث يستحق البحث و الإحاطة به، ودراسته من مختلف الجوانب التي تسهم في إضاءته، نظرا لخطورة وسائل الإعلام إذ إنها من أهم الوسائل التي تخاطب الجماهير، وتسهم بشكل كبير بالتنشئة الثقافية للأجيال القادمة، إضافة إلى دورها الفاعل في نقل الثقافة و المحافظة على الهوية العربية للأمة. وإن كنا نطمح إلى تخريج العناصر الشابة القادرة على تأدية المهام الإعلامية المطلوبة فإن أقسام اللغة العربية و الصحافة والإعلام في الجامعات عليها الركيزة الأساسية، والواجب الأعظم لتقوم بدورها وواجبها اتجاه هذه اللغة باعتبارها وسيلتنا الرئيسة في التعبير ، وسلاحنا الذي نحمي به وحدتنا الثقافية وهويتنا القومية. لاسيما أن هناك ضعفا ظاهر ينخر في الأداء اللغوي الإعلامي، قراءة، وإلقاء، وصياغة.
ومما لا شك فيه أن إهدار اللغة في الصحف ووسائل الإعلام المسموعة و المرئية هو إهدار للشخصية العربية وتراثها وثقافتها و لواحد من أهم معالمها القومية، فعزة الأمم تكون في عزة لغتها، فكم من لغة سادت ثم اندثرت لتقصير أهلها و إهمالهم لها. وكم من لغة سادت وارتفعت بامتداد نفوذ أهلها في المحافظة عليها، ونشرها. فلابد لنا من وقفة ملؤها العزم و الإصرار و الإيمان لنعيد للغتنا سيرتها الأولى، لغة عالمية تشارك في جميع جوانب المعرفة. لأنها لغة مرنة نامية حية قادرة على أداء المعنى المطلوب واستيعاب المصطلحات العلمية الحديثة، ويكفيها فخرا أنها اللغة التي أختارها الله عزّ وجلّ لتكون لغة أفضل كتبه المنزلة وأشرفها. لقد كانت العربية لغة حضارة عالمية ووسعت بطواعيتها ومرونتها مستجدات عصرها ولبت مطالبه. فحري بنا اليوم أن نستعيد ذلك المجد وتلك العالمية المفقودة.
|
|
|