|
مرصد أمازيغي: مقترح حماية اللغة العربية يتعارض مع خُطبَ ملكية
محمد الراجي
أيّاماَ قليلة بعد مقترح قانون "حماية اللغة العربية"، الذي تقدّم به حزب العدالة والتنمية، الذي يقود التحالف الحكومي، خرج المرصد الأمازيغي لحقوق الإنسان ببيان اعتبر فيه مقترح القانون بمثابة "مناورة تتعارض مع ما ورد في التصريح الحكومي الذي تلاه رئيس حزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة، والذي ينصّ على أن إصدار القانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية يُعدّ لدى الحكومة من الأولويات".
وذهب المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات أبْعد من ذلك، واعتبر أنّ ما أقدم عليه حزب العدالة والتنمية، بتقديمه مقترح قانون لحماية اللغة العربية، "يتعارض مع ما ورد في الخُطب الملكية التي تتعلق بتفعيل الدستور، والتي تضع الأمازيغية ضمن القضايا الأربع الأولى التي ينبغي إعطاؤها الأهمية".
ويبْدو أنّ مقترح قانون حماية اللغة العربية سيعيد إلى الواجهة الصراع بين الحركة الأمازيغية وحزب العدالة والتنمية، إذ ورد في البيان الصادر عن المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، أنّ إسراع حزب العدالة والتنمية بتقديم المقترح "يكشف عن العداء الذي يكنه الحزب في إيديولوجياه السياسية للغة الأمازيغية".
وانتقد البيان، الموقع من طرف رئيس المرصد، أحمد عصيد، اقتراح حزب العدالة والتنمية لقانون حماية اللغة لعربية، "التي هي لغة رسمية منذ أزيد من نصف قرن، عوض الإسراع باقتراح قانون للغة الأمازيغية التي ظلت على هامش المؤسسات طوال المدّة المذكورة، ولم تتمتع خلالها بأي دعم مادي أو معنوي، حتى أدرجت عالميا ضمن لائحة اليونسكو للغات المهدّدة بالانقراض"، يضيف البيان.
وعلى الرغم من أنّ حزب العدالة والتنمية أشار في مقترحه إلى أنه "يتقدم بقانون العربية في انتظار تمديد مفعوله إلى اللغة الأمازيغية"، إلّا أنّ المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات اعتبر ذلك "ضربا من التضليل الذي لا ينطلي على أحد"، وأضاف البيان أنّ القانون التنظيمي للأمازيغية لا ينتظر قانون العربية ولا يرتبط به ولا يتوقف عليه، بل هو قانون خاص بلغة رسمية قائمة الذات، وأن قانون العربية مطلوب دستوريا، لكنه ليس شرطا لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في المؤسسات".
ووصف البيان تبرير حزب العدالة والتنمية بإيلاء الأولوية لحماية اللغة العربية، في الوقت الذي لم يرَ القانون التنظيمي للأمازيغية النور بعد، بأنه "ينمّ عن إيديولوجيا لا وطنية تعتبر أية نهضة للأمازيغية تشكل "خطرا" على العربية، ويخلق تنازعا بين المكونات اللغوية لبلدنا، لم يعد له من مبرّر بعد دستور 2011"، وزادَ البيان أن المبدأ الذي ينبغي وفقه تدبير موضوع العربية والأمازيغية معا باعتبارهما لغتين رسميتين للدولة، هو مبدأ المساواة بين اللغتين، وإصدار قانونهما معا، وليس المفاضلة المعيارية بينهما، والتي تتنافى مع الروح الوطنية الحق، أو اعتبار إحداهما تحت وصاية الأخرى أو رهينة بها.
وعاب المرصد الأمازيغي على حزب العدالة والتنمية ربْطه مفهومَ "الحماية" باللغة العربية الرسمية، بينما هو مستعمل عالميا، للحديث عن وضعية اللغات المهددة بالانمحاء التام، والتي لا تحظى بأية عناية في التعليم أو غيره من المرافق، وتساءل البيان عن الأسباب التي جعلت خطاب "حماية اللغة العربية" لا يظهر إلا سنة 2007، بعد خمسين سنة من الاستقلال، وما إذا لم يكن هذا الخطاب قد ظهر في حقيقته بعد إقرار الدولة لمأسسة الأمازيغية والنهوض بها تحت شعار "الأمازيغية مسئولية وطنية لجميع المغاربة".
إلى ذلك، تطرّق بيان المرصد الأمازيغي إلى وضعية اللغة العربية، معتبرا "أنّ معضلتها التي لا يريد المحافظون الإقرار بها، لأن ذلك يتعارض مع مصلحتهم، ليس هو وجود لغات أخرى وطنية أو أجنبية، بل هي أنّ هذه اللغة وقعت منذ عقود طويلة فريسة اللوبيات التقليدية التي تعوق تطورها، وتوظفها في إستراتيجية تتعارض مع التطور ومع الحداثة والثورة العلمية المعاصرة"، وأضاف البيان "إن حماية اللغة العربية ينبغي أن تكون من أولائك الذين يدّعون "حمايتها".
هسبريس
|
|
|
|