
اللغة العربية المعاصرة في الخليج العربي ربطها أحمد محمد المعتوق بقضية الهوية
شهد المجتمع الخليجي صراعاً فكرياً وحضارياً تمثل في التحولات المتسارعة التي اعقبت فورة استخراج النفط والوتيرة السريعة لنزاعات العولمة التي فرضت نفسها على مجتمعات العالم قاطبة. وانعكست آثار الصراع على علاقات المجتمع المختلفة خصوصاً الحياتية ومنها اللغة، احدى ابرز جوانب الحياة الاجتماعية واكثرها تاثراً بالتقلبات اللغوية.
في ظل الاوضاع الفكرية والحياتية التي يعيشها المجتمع الخليجي ويواجهها ناشئته، اصبح من الصعب الامساك بكل الخيوط وايقاف العجلة الدائرة. غير ان الخوف من خطورة الانزلاق الى منحدرات الذوبان والضياع الفكري او الاستسلام في النهاية لمقاليد التبعية اللغوية والثقافية يقضي بتحدي كل المصاعب، ويفرض البحث عن سبل التجاوز السريع، ويدعو الى محاولة الامساك ولو ببعض خيوط الضوء، من اجل انقاذ الموقف وتأمين مستقبل لغوي وحضاري سويين... وبداية كل ذلك لا تكون الا بتحديد الاهداف والمسارات والنقاط الاولى التي يمكن الانطلاق منها او من خلالها لمعالجة الوضع اللغوي القائم، وهذا ما يسعى اليه احمد محمد المعتوق في دراسته "اللغة العربية المعاصرة في دول الخليج العربي... وقضية الهوية" (الدار العربية للعلوم ناشرون) باعتبار ان الحديث عن لغة الطفل العربي وما يرتبط بهذه اللغة من فكر وثقافة بالنسبة الى المؤلف رديفاً للحديث عن هوية المجتمع الذي ينتمي اليه هذا الطفل، او متداخلاً معه، ووثيق الصلة به.
في هذا الاطار تأتي الدراسة التي القي خلالها الضوء على بعض الظاهرات اللغوية ومعالجة بعض الجوانب المهمة المرتبطة بها، من خلال الحديث عن التحولات الاجتماعية والثقافية والحضارية الجديدة التي حصلت في منطقة الخليج العربي، ولا سيما في المملكة العربية السعودية، بوصفها نموذجا رئيساً بارزاً لدول هذه المنطقة، وتتبع ما نتج من هذه التحولات من آثار وانعكاسات سلبية على لغة المجتمع الخليجي، او المجتمع السعودي بوصفه المثال البارز له، ثم على لغة الطفل بنحو اخص، وعلى هويته القومية ومستقبله مع تنويه المؤلف ان دراسته الخاصة عن الطفل العربي الواردة في هذا الكتاب، لا تقتصر على اطار مرحلي معيّن او مستوى اجتماعي محدد، وانما تشمل جميع المراحل العمرية للاطفال، وتتعلق بمستوياتهم التعليمية والاجتماعية على اختلافها، من دون تخصيص.
انتظمت الدراسة في العناوين الآتية: الصراع اللغوي في حياة المجتمع الخليجي الحاضر وانعكاساته على اللغة العربية، المحاور الاساسية للتاثير السلبي على واقع اللغة العربية في المجتمع الخليجي: الشركات الاجنبية العاملة، التحولات الاجتماعية والاقتصادية العامة الانظمة والقوانين الرسمية، المجالات الاكثر تاثيراً في لغة الطفل الخليجي، جامعة الملك عبدالله واشكالية اللغة.
النهار
|
|
|