منابع التخييل في الأدب العربي

د. سناء الشعلان

           يمتح أدبنا العربي من مخيلة  جمعية عملاقة رفدت المخيال الإبداعي العربي بالمتجدّد، ومن أهم تلك الروافد:الروافد الدينية : فالديانات سماوية كانت أم أرضيّة ، تحفل بقصص الأنبياء والصالحين الذين أجرى الله على أيديهم الخوارق والمعجزات ، كما تحفل بتصوير عوالم فوق إدراكية كعوالم الجنة والنار والبرزخ والتناسخ والأرواح .
       الروافد الأسطورية : تعدّ الأساطير من أغنى الروافد التي تمدّ الغرائبيّ والعجائبيّ بالقصّص والتفسيرات والعلامات الميثيولوجية  التي تجسد عوالم فوق طبيعية  في سبيل فهم ساذج لهذا الكون ، بما فيه من معطيات قد تصعب على فهم الإنسان.
    الروافد التراثية التاريخية  وهذا الرافد يستوعب كثيرًا من النتاجات والموروثات الأدبية والتراثية ، والتي يمكن تعريفها على النحو التالي: قصص الخرافات التي تشيع في بيئات العامة ويتناقلها الخلف عن السلف وتتعالق بطريقة أو بأخرى مع مخاوفهم وآمالهم مثل :- قصّة الغول والضبع ، والعفريت ……..
   القصّص العاطفية الاجتماعية التي تزخر بخوارق  تتأتّى من علاقات الإنسان بجنس غير جنسه كالحيوان أو الجن أو الشياطين أو الملائكة ولعلّ أبرز الأمثلة على هذه القصّص قصّة ( ألف ليلة وليلة ) وقصّة (الحكايات العجيبة والأخبار الغريبة ) التي حققها هانز مير.
    القصّص الرمزية وقصّص الحيوان هي قصص توظّف غالباً لإيصال فكرة المبدع . ومن أبرزها قصص تداعي الحيوان ( كلّيلة ودمنة) لابن المقفع و( رسالة الغفران ) لأبي العلاء المعري ، و( رسالة التوابع والزوابع ) لابن شهيد الأندلسي و( رسالة تداعي الحيوان على الإنسان )لإخوان الصفا و ( حي بن يقظان ) لابن طفيل .
   المناظرات الخيالية مثل المناظرة بين مدن الأندلس لبحر بن صفوان ، والمناظرة بين فصول العام لابن حبيب الحلّبي ، والمناظرة بين العلم والسيف والقلم للقلقشندي في كتابه صبح الأعشى .
قصص الأمثال التي تحوي كماً مدهشاً من القصّ العجائبيّ والغرائبيّ كأمثال عبيد بن شريه ، و أمثال الواحدي والأصفهاني والميداني والعسكري والزمخشري وغيرهم .
    كتب التراث الصوفي وهي تقدم نماذج لأفعال خارقة تظهر على أيدي الصوفيين، وقد ألف في هذه الخوارق الكثير من الكتب التي تخلط الممكن بالمستحيل، والشعوذة بالخرافات؛ الغيبيات مثل كتاب : جامع كرامات الأوّلياء للنبهاني وبهجة النفوس لابن عطاء الله السكندري ، واللمع للسرّاج ….  
     كتب غرائب الموجودات والمخلوقات والرحلات التي تزخر بمشاهد عن مخلوقات أرضية يحار الإنسان في تصديق وجودها ، إذا يجد أنّه يخالف ما أُلف وعُرف مثل كتاب :- مسالك الأبصار في ممالك الأمصار لابن فضل الله العمري  ، وزبدة كشف الممالك وبيان الطرق والمسالك للظاهري ، وكتاب عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات للمقريزي ، وكتاب فريدة العجائب وخريدة الغرائب لابن الوردي ، ورحلة المقدسي ورحلة اليعقوبي ورحلة التجاني .
     كتب التنجيم والطلاسم والسّحر  والزجر والكيمياء التي تقدّم خليطاً غريباً من الحقيقي والمستحيل والشعوذة والعلم .
     السّير الشعبية وما فيها من شخصيات بطولية تبزّ الأقران ، وتفوق النظراء ، بل وتتجاوز أحياناً ما هو  ممكن، مثل: سيرة الفارس عنترة وسيرة الأميرة ذات الهمة وسيرة علي الزيبق وسيرة الزناتي خليفة ، وسيرة المهلهل وتغريبة بني هلال.  قصص الشطّار و العيارين وهي تزخر بكلّ غريب وشاذ ومستهجن من السلوك والنفسيات والشخصيات .و قصص الحمقى والمغفلين والطفيليين والبخلاء والأذكياء ونوادرهم الذين يرسمون عوالم خاصة تثير الدهشة والضحك والاستغراب .