تعليمية الأدب المسرحي في الطور المتوسطي

د. عياد زويرة

المتصّــفح لمحاور الكتاب المدرسي في طوره الثاني أو الثالث من التعليم المتوسطي, يكتشف أنّ بضعا من محاوره تحاول أن تقترّب المفهوم المسرحي , بتدليلها لكلمات و مفردات غاية في التدليل و التقريب , غاية في التبسيط و التيسير , لأجل أن يستوعب الطلاب المتمدرسين النّوع المسرحي , و يصنفونه ضمن فلك الجنس الأدبي .

و ليس هذا فحسب , بل قرن المشرف على هذا الكتاب المدرسي بين مدلول أدب المسرحية و وظيفتها الحيوية التي تؤديها , و بدلا من أن تصب حيويتها تلك في الميادين التربوية شقّ لها سبيل واحد, بان من النموذج المختار للقراءة و المطالعة على السواء , كما طفا و ظاهر على بيانه طبيعة السؤال اللاحق للنّصين المقتطفين من المسرحيتين المختلفتين .
هذا و فضلا عن ذلك , لنا وقفة مع ما يفهمه أساتذة الطور المتوسطي لمفردات مسرحية خاطت الكتاب, هي دقيقة من حيث الاصطلاح, غاية هي في الاختصاص, نورد منها جزء على سبيل الإيضاح : الديكور , الإضاءة , الخشبة …
إذن تبيّن بعد هذا التشخيص, أنّ عللا ثلاثا قد أوعكت الكتاب , هذا تذكير بها على أن تأتي معالجتها بعد ذلك بقليل :
- أوّلا : شمولية التعريف بالمسرحية .
- ثانيا : الوظيفة الحصرية للمسرحية .
- ثالثا : المصطلح المسرحي و الأستاذ المدرسي .

01- شمولية التعريف بالمسرحية :
إنّ تعريف النّص المسرحي في الكتاب, قد استعمل استعمالا تلقائيا يكاد يكون خاما, أو لا يكاد يخرج عن مدار تداخل المفاهيم, و تجاذب المعاني الفضفاضة في عمومها .
ممّا قد يحدّ من طواعية مادّته, و يلبس من وضوح مقصـده, و ما اختّصت به عبارته من تلقائية الاستعـمال : " النّص المسرحي عموما عبارة عن حوار مرافق بإرشادات خفيفة إلى أعمال و حركات و شخصيات, يكتب ليمثل على خشبة المسرح " (1) يشـير إلى أمرين هما :
- الأمر الأوّل:
أنّ المشرفين على الكتاب يقصدون بتعريفهم ذلك غير التعريف للنّص المسرحي , ما دامت العودة إلى الاختصاص - بوصفه إسنادا علميا - قد ميّزت بين شكلين للنّص, هذا حديث عنهما :
" 1- النّص الدرامي : أي نص المؤلف المصمم خصيصا, للتمثيل على المسرح, و المبني على أساس التقاليد و الأعراف الدرامية المتعارف عليها , و هو عادة ما يسبق النص المسرحي ثم يصاحبه بعد بداية العرض … نستطيع قراءته مكتوبا بخط اليد أو مطبوعا …
02- النّص المسرحي المعروض : هو النص الدرامي المكتوب بعد أن تناولته يد المخرج و مجموعة العمل من مصممي المناظر و الملابس و الإضاءة و الممثلين و الإدارة المسرحية و غيرهم , لتأتي المعالجة النهائية تحويلا لكل المفردات المكتوبة إلى عناصر بصرية محسوسة , و هكذا لم يعد المؤلف هو المصدر الوحيد لمعنى النص " (2)

من أجل ذلك, فإنّ ما آل إليه مفهوم الكتاب يخص النّص الدرامي الذي يتّخذ ببساطة حوارا عموديا , و إرشادا يستعين به القراء لفهم طبائع الأعمال و حركات الشخصيات… و هو سابق بالضرورة للنّص المسرحي, كونه متضمنّا فيه.
- الأمر الثاني:
أنّ المدرسين أنفسهم تضاربت آراؤهم , و هم يستعرضون فهمهم الخاص للنّص المقتبس من الكتاب , و قد وقفت الدراسة على استمارة واحدة (3) , استطاعت أن تحيط بجوانب مفهوم النّص المسرحي , حيث جاء فيها : " المسرح هو أبو الفنون , يتكون من نّص مسرحي [ و] يكون نّصا إلا إذا مثّل على خشبة المسرح, و إلا سيبقى نّصا جافا كبقية النّصوص المؤلفة . "
كذلك استعمل آخرون في الطور المتوسطي, تعريفات تقترب من النّص المقتبس عن الكتاب , و لكنّها في مجملها, تحوي مفردات مسرحية, غير مضبوطة من حيث توظيفها الاصطلاحي, و لنا أن نشير إلى بضع منها فيما يأتي :
01- " النّص المسرحي هو ما يعتمد عليه في توزيع الأدوار على الممثلين …"
02- " كلام يعالج قضية ما يجري بين شخصين أو أكثر , يعبرون عنه ببعض الانفعالات , مرفق بحركات منسجمة مع القضية المطروحة . "
03- " هو تلك اللغة المسرحية التي تجمع خصائص محدّدة حتى تكون بالمعنى التمثيلي … "
04- " المسرحية هي فن نثري يعالج قضايا المجتمع … يرتكز على الحوار الذي تجريه الشخصيات الفاعلة للمسرحية, مرفق بإرشادات تقرّب موضوع المسرحية للمشاهد, وتجعله يتفاعل مع الأحداث… "
05- " يترجم النّص المسرحي من قبل أبطال, إذ هو المادّة الخام للمسرحية, مكوّن من أحداث مترابطة و متسلسلة و مشحونة بمجموعة من العواطف و الانفعالات , فتتقمصها الشخصيات كما هي على خشبة المسرح . "

إذن يتّضح من خلال هذا السرد الوجيز لبضع استمارات , أنّ ثمّة تداخلا بين فنين في المسرح هما : النّص المسرحي, و العرض المسرحي . و كمنهج سليم يعتمد في تعليمية الفنّ المسرحي للمبتدئين, أسوق تجربة خاصة كنت قد انتهجتها مع فنانين هواة للمسرح, و دارسين أكاديميين في الاختصاص نفسه, خطواتها هي كالآتي :

- المسرح : كلمة تطلق للدلالة على البناية أو العمران أو المكان الذي ستقام فيه المسرحية .
- المسرحية : " فنّ التعبير عن الأفكار الخاصة بالحياة , في صورة تجعل هذا التعبير ممكن الإيضاح بواسطة ممثلين ." (4) و هي تجمـــــع بين نوعـــــــــــــين همـا :
- التأليف الأدبي,
- و الأداء التمثيلي لذلك التأليف .
و النّوعـــان يعرفان في الاصطلاح المســـــــرحي بـــ :
- التأليف الأدبي = أي النّص المسرحي,
- الأداء التمثيلي = أي العرض المسرحي .
و لكل من النّص و العرض عناصــر تؤسســه, تختلف عن الآخــر :

فأمّا عناصر النّص فهي :
01- الفكرة
02- الشخصية
03- الحبكة

و أمّا عناصر العرض, فهي :
01- الديكور
02- الخشبة
03- الإضاءة
و بالمخطط الآتي ,يتم التميّيز بين النوّعين, إذ لكل جوانبه لفهم ما للمسرح, و ما للمسرحية :
المسرح
(المكان, تعرض فيه )
المسرحية
( فن التعبير عن الأفكار بواسطة التمثيل , و هي نوعان : )

النّص الأدبي العرض المسرحي
( عناصره , هي : ) (عناصره , هي : )

01- الفكرة / 05- الحوار
02- الشخصية / 06- الزمان و المكان
03- الحبكة / 07- الحل أو النهاية
04- الصراع / 08- الإرشادات ( الأدبية)

و أحسب هذا المنهج كاف لتقريب معنى المسرحية كجنس أدبي أو فني إلى الطلاب , مع ما يحمله من إشارات خفيفة, و لغة مبسوطة, على غرار التعريف الذي نهض عيه الكتاب .

02- الوظيفة الحصرية للمسرحية :
بعد هذا النقد المقتضب لما عرضه الكتاب من تعريف للنص المسرحي , أمكن الوقوف على قضية أخرى لا تقل أهميتها على ما سبق , و يكفي هنا ذكر النّموذج المسرحي , الذي أختير لأن يكون مادة التطبيق بالنسبة للطلبة, فضلا عن كونه المادة المسرحية التي أريد بها تأسيس معنى نّص المسرحية .
و أيّا ما كان الأمر متعلقا بالقراءة و المطالعة, فإنّ استعمالات النّصين المختلفين ( البخيل لموليّير , و حوار القرويين ) توحيـان بمسألة الرّبط بين النّموذج المختار, و الوظيـفة الجوهرية لفن المسرحية, و لعلّ شواهـد مثـل هذه :
" حيوان أسود يظهر عن بعد
قرويان أحدهما عنيد جدّا
- انظر أترى تلك المعزاة ؟
- معزاة ؟! لا , ذلك الشيء الأسود ليس معزاة
- أقول إنّها معزاة ! أنا متأكد من ذلك
- اتّق الله يا رجل !
- و الله إنّها لمعزاة !
- انظر, الشيء الأسود يطير , إنّه غراب !
- و الله إنّها لمعزاة و لو طارت ! " (5)
أو شواهد مثل هذه : " للنّص طابع هزلي كتبه المؤلف من أجل الإضحاك و التسلية :
- استخرج منه أربعة أقوال تبدو لك مضحكة, و قل لماذا ترى أنّها مضحكة ؟ " (6)
توحي كلّها بالوظيفة التي تراد للمسرحية , من أنّها تأخذ منعطف التهكم و الهزل , و ليت شعري لماذا هذا الإقران و وظيفة الترويح عبر الإضحاك , فهل المسرحية إلا نّوع واحد ؟
طبعا هذا التساؤل كنت قد طرحته على الأساتذة الذين هم في الطور المتوسطي – عبر الاستمارة – و جاءني منهم ردّ متبايّن على ثلاثة أصناف , جدير بأن يعرض مفصلا في هذا الجدول الآتي :

أنواع المسرحية
الصنف الأوّل
أشار بكلمة ( نعم ) دون تحديد الأنواع

الصنف الثاني سياسية, اجتماعية , تربوية , ترفيهية , عاطفية , ثورية , تاريخية , ثقافية , ملحمية , فكاهية , درامية …
الصنف الثالث المأساة , الملهاة

و في الكتاب المدرسي جيء بنّوعين هما : "هزلية فكاهية و جادّة " (7) , على غير ما هو وارد في الاصطلاح المسرحي, الذي يذكرهما كالآتي : (مأساة ) , (ملهاة ) .
إنّ طبيعة النّصوص المقتطفة للدّرس لم تحظ بأقلام محلية , و إنّما كانت تسبح في فلك العالمية و القومية العربية , كذلك فإنّ للاختيار أضرارا تفسد عقل المتمدرسين , بحيث تجعلهم يتصورون أنّ النص المسرحي عبارة عن قطعة هزلية مسبوكة في شكل هرم حواري . و لذلك برأيي أنّ هذا التحديد للوظيفة ينفّر الطلبة من الالتحاق مستقبلا بكليات الفنون في الجامعة , و يحقّر لديهم مسألة التأليف المسرحي .
كذلك ممّا يندى له الجبين في مقرر الدراسة , تلك المقطوعة الهزلية التي انساقت في شكل مسرحية , مع أنّها في الأصل مقطوعة فنية من الأدب الشعبي ( النّكتة ), و يكمن خطرها تربويا في أنّها تطلب من الطلبة اتّباع خطواتها في التأليف , فتكثر بالاتّباع و التقليد مظاهر عند التمثيل , تستهـيـن :

01- باليمين الكاذبة, في قول القروي العنيد : " و الله إنّها لمعزاة " , و قد تحقق من حقيقتها بأنّ رآها حيوانا يطير .
02- و العزّة بالإثم , بعد أن قال الأوّل : " اتّق الله يا رجل " , فردّ الثاني باليمين الكاذبة : " و الله إنّها لمعزاة " . و الأصل في هذه المسألة أنّه إذا قيل للإنسان " اتّق الله " فمن باب الأدب التوقف و ليس التمادي .

03- المصطلح المسرحي و الأستاذ المدرسي :
لا نماري فيما أثارته مسألة المصطلحات من تأملات جمّة, و هي تنشر في الكتاب المدرسي بين الكلام المتعلق بالشرح و التطبيق , التبسيط و الاستفسار , نحو هذه المفردات : الديكور, الخشبة , الإضاءة , السكاتش …
و لا نغالي فيما بعد, إذا عرضنا مفهوم الأستاذ لها , و هي تعترض طريقه في التحضير و الإعداد للدّرس :

الديكور 01- مجموعة من الآثاث و الإكسسوارات التي ترؤافق العرض المسرحي.
02- الوجه الخارجي و اللوحة اللعاكسة المزيّنة للمسرح بالآثاث .
03- مجموعة من الوسائل المتنوعة حسب نوع المسشرحيات و طابعها من آثاث و ملابس.
04- ما يحيط بالخشبة من آثاث و ملابس و عبارات معبرة
05- ما يزيّن الخشبة من أثاث و أضواء.

الخشبة 01- ألارضية
02- المنصة
03- المكان
04- ما يتم عليها من حوار و حركات
05- الفضاء المحسوس

الإضاءة 01- الإنارة 0 04 مؤثرات ضوئية
02- ترمز لبنية المسرحية : نّهار , ظلمة الليل
03- جهاز يعكس الضوء

أمّا كلمة ( سكاتش ) فإنّ المشرفين على الكتاب , أشاروا لها بأنّها : " حوار مسرحي صغير مؤلف " (8) , و كان بوسع هؤلاء العودة إلى مصادر الاصطلاح للوقوف على معناها , و للوقوف على ما يقابلها – كونها الكلمة الأعجمية – من مقابل في القاموس اللغوي العربي.
( الإسكتش ) : كلمة تستعمل " للدلالة على قطعة مسرحية قصيرة ذات طابع هزلي , يغلب عيه طابع الارتجال , و تحتوي على عدد قليل من الشخصيات . " (9)
وفي الأخير نخلص إلى أنّ التعريفات التي نهض عليه الكتاب المدرسي, تنامت في شكل خطوط متنافرة, غلب عليها السرد دون القصد الاصطلاحي , ممّا أنشأ بالمقابل رفض المضي على محجتّها , كونها أمرا تجافى عن المسار, و ما مثّلته مفرداتها تلك مـن : حوار, إرشادات, شخصيات, ممثل, خشبة …
إلاّ اصطناع مرجعه مبدأ لا يقوم على إسناد , و هنا نفتح قوسا لنقول كلمة لا منّاص منها في هذه القضية :
أين هم أهل الاختصاص في تحرير و ضبط ما تألف من كلام حول المسرحية ؟؟؟ حيث كان يجب أن تظهر أسماء بعضهم على واجهة الكتاب المتوسطي !!!
و هذا الآن جدول يرصد لنا المفردة الواردة في الكتاب المتوسطي , و شرحه لها , أعقبته بضبط اصطلاحي من خلال العودة إلى المعجم المسرحي .

المفــردات شرحها بالكتاب المدرسي ضبطها اصطلاحا

النّص المسرحي عموما عبارة عن حوار مرافق بإرشادات خفيفة إلى أعمال و حركات و شخصيات, يكتب ليمثل على خشبة المسرح
النّص الدرامي : أي نص المؤلف المصمم خصيصا, للتمثيل على المسرح, و المبني على أساس التقاليد و الأعراف الدرامية المتعارف عليها , و هو عادة ما يسبق النص المسرحي ثم يصاحبه بعد بداية العرض … نستطيع قراءته مكتوبا بخط اليد أو مطبوعا …


نوع المسرحيات
فكاهية هزلية, جـــــادة
مأساة - ملهاة

سكاتش
تستعمل للدلالة على قطعة مسرحية قصيرة ذات طابع هزلي , يغلب عيه طابع الارتجال , و تحتوي على عدد قليل من الشخصيات

****

قائمة المصادر و المراجع :
(1) اللغة العربية للسنة الثانية من التعليم المتوسط (ج:01) إشراف : بدر الدين بن تريدي, تأ : ابن تريدي , آيت عبد السلام , مراجعة و تنقيح : ساعد العلوي , الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية, الجزائر –2004/2005 , ص : 80
(2) شكري عبد الوهاب , النص المسرحي دراسة تحليلية لأصول الكتابة المسرحية و التعريف بالمأساة الإغريقية , ط : 02 (2001 ) دار فلور للنشر و التوزيع – الإسكندرية - ص: 02
(3) انظر الاستمارة في خاتمة هذا البحث , ص: 13
(4) ألاردس نيكول , المسرحية العالمية , عن : عدنان بن ذريل , فن كتابة المسرحية,ط:01 (1996), منشورات إتّحاد العرب – دمشق , ص : 57
(5) اللغة العربية للسنة الثانية من التعليم المتوسط (ج:01), م س , ص: 88
(6) المرجع نفسه .
(7) اللغة العربية للسنة الثالثة من التعليم المتوسط , تأليف و إشراف : الشريفي المريبعي, ط"01 (2005/2006) , الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية, الجزائر , ص : 149
(8) اللغة العربية للسنة الثانية من التعليم المتوسط (ج:01), م س , ص: 88
(9) ) ماري إلياس, حنان قصّاب حسن , المعجم المسرحي, مفاهيم و مصطلحات المسرح و فنون العرض , عربي – إنجليزي – فرنسي , مكتبة لبنان ناشرون, بيروت-لبنان , ط:01 (1997) , ص:31

مدّرس / مدّرسة

01- هل قرأت نصوصا مسرحية ؟ نعم / لا

02- هل شاهدت عروضا مسرحية ؟ نعم / لا

03- ما المراد من المصطلحات الآتية ؟

الديكور: ………………………………………………………………………………………..........
الخشبة :
………………………………………………………………………………………………
الإضاءة :
……………………………………………………………………………………………….

04- هل للمسرحية أنواع : نعم / لا
…………………………………………………………………………………………….…
05- هل للمسرحية أهداف ؟
……………………………………………
……………………………………………
…………………………………………....
……………………………………………
……………………………………………

ما معنى : " النّص المسرحي عبارة عن حوار مرافق بإشارات خفيفة إلى أعمال و حركات الشخصيات , يكتب ليمثل على خشبة المسرح . "