|
الدكتور حقار: 600 مليون مسلم في إفريقيا يحبون اللغة العربية إلاّ أنهم يفتقدون إلى تعلمها
سليمان حاج إبراهيم
أكد الدكتور غيث بن مبارك الكواري، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أن معالجة ظاهرة الغلو والتطرف تأتي من خلال مواجهة الانحراف الفكري، وحل المشكلات المجتمعية النوعية، وقال إن تحقيق الأمن الثقافي يرتبط بعوامل اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية والإيمان بالله وقيام العدل داخل المجتمعات. ودعا إلى الحفاظ على ثوابت الهوية الإسلامية والتفاعل الحضاري مع العالم الخارجي في ضوء الكتاب والسنة.
جاء ذلك خلال الجلسة الرابعة من البرنامج الرمضاني « وآمنهم من خوف» الذي تقيمه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية يومياً في الرابعة عصراً بتوقيت الدوحة، والتي سلطت الضوء على «الأمن الثقافي من منظور إسلامي»، وشارك فيها إلى جانب الدكتور محمد أحمد حقار مدير مركز الدراسات الأفريقية والعربية في إنجامينا عاصمة تشاد. وأوضح بخصوص مسألة تأثير العولمة على الهوية والثقافة، أن الالتزام بالهوية يفتح الباب أمام الاستفادة والإفادة في إطار العولمة بعيداً عن فرضها لنموذج محدد بكل تفاصيله وإلغاء الثقافة المحلية.
ورأى الدكتور الكواري أن الأمن الثقافي الإسلامي لا يتعارض والحرية الفكرية، مستدلاً في ذلك بهجرة الرسول الكريم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، ووضع وثيقة المدينة التي كانت نظاماً للجميع ومثالاً رفيعاً على التعايش، بالإضافة إلى أنها راعت وأسّست لحقوق الأقلية بكل صورها المشرقة… وكذلك موقف عمر بن الخطاب عندما دخل بيت المقدس ورفض الصلاة بالكنيسة لطمأنة أهلها وإقرار الوثيقة العمرية.. كما استوعبت الأندلس ثقافات متعددة وفتحت آفاق أمام إبداعات كل ثقافة منها. وتحدث وزير الأوقاف عن الدين واللغة والوعي التاريخ. وقال إن الموروث التاريخي يرسم محددات وتفاصيل هوية المسلمين، وإن الفهم الصحيح للدين أساس مهم من أجل مجتمع راسخ.
وحول مسؤولية حماية الأمن الثقافي، رأى الدكتور غيث أنها أمر منوط بالجميع، مضيفاً أن المسؤوليات تشمل جميع المجالات والتخصصات سواء بالنسبة للقاضي او الطبيب أو غيرهما كل في تخصصه، وترتكز في الأساس على قيم الإسلام العظيمة. ودعا إلى الاهتمام بالتعليم وتعديل غير الصالح من المناهج الدراسية وصولاً إلى تعزيز الهوية الإسلامية وتحقيق الأمن الثقافي للمجتمع المسلم مع مراعاة انفتاح العالم ووجود فضاءات جديدة تختلف عن الفضاءات الجغرافية والمكانية الاعتيادية.
الأمر الذي يستلزم البحث عن الوسائل اللازمة لتثبيت الهوية الثقافية. وحول الحوار الحضاري بين الشرق والغرب، دعا وزير الأوقاف القطري إلى اهتمام المؤسسات التعليمية والعلمية وغيرها ودورها في معالجة ظاهرة الغلو والتطرف من خلال مواجهة الانحراف الفكري، وحل المشكلات المجتمعية النوعية.
وقال إن الثقافة الإسلامية تستقبل الأفكار بقدر ما تقدم القيم الرفيعة، منوّها بمؤتمر الوحدة الوطنية والعيش المشترك الأخير الذي نظمته الوزارة ودوره الحضاري البناء والمهم.
وصرّح الدكتور الكواري على هامس الجلسة الحوارية بأن دولة قطر وفي ظل رؤية قيادتها وأسس الدستور تكفل كرامة الإنسان وتولي المواطن الاهتمام الأكبر، واحترام عقله من حيث تعزيز مشاركته في المجتمع وترسيخ دوره وأيضا الارتقاء بمكانته العلمية ليكون مواكباً لما يدور حوله في المجتمعات العالمية.
وحول دور الدوحة الخارجي، قال وزير الأوقاف إن قطر تنطلق من رؤية حكيمة تحترم الخصوصيات الداخلية للدول وشؤونها الداخلية، كما أن لها إسهامات تعزز السلم في تلك الدول من خلال مساعدة بعض الاقليات المسلمة في أداء دورها العبادي وتوفير وسائل تعزز من مواطنتهم مع مراعاة انتماءاتهم وهوياتهم، لافتا إلى المراكز الحضارية الرائدة والمنارات العلمية في عدد من الدول منها الدنمارك حيث تم مؤخراً افتتاح مركز حمد بن خليفة الحضاري، وفي البوسنة تم إعادة بناء مكتبة الغازي خسرو بك، وفي سلوفينيا تم بناء فضاء متميز ليتعلم المسلمون هناك ويمارسوا عبادتهم بالإضافة إلى تلبية حاجاتهم الأساسية. وقال: « إن كل دولة فيها خصوصية، وعلى سبيل المثال كثر في منطقة البلقان عموماً التوتر، ولكن التناصح مع الدول واعتماد مرجعياتها المحلية يسهم في تعزيز السلم في هذه المنطقة، ويأتي الدور القطري لمساعدة المسلمين وتمكينهم في عبادتهم وتعزيز السلم في بلدانهم.»
من ناحيته، أشار الدكتور محمد أحمد حقار التحديات التي تواجه مسلمي إفريقيا، حيث أن تاريخ العديد من بلدان القارة السمراء شهد عمليات تغريب على مر سنوات طويلة مما أثر سلباً على انتشار اللغة العربية وانحصارها. وقال إن 600 مليون مسلم في إفريقيا يحبون اللغة العربية إلاّ أنهم يفتقدون إلى تعلمها لغياب الأدوات والوسائل كالمؤسسات التعليمية والعلماء الذين يمكن أن يسهموا في تخريج كوادر تجيد العربية.
ولفت إلى أن بعض الدول الإفريقية تنص دساتيرها على أن اللغة العربية من لغاتها الرسمية وهو ما يحتاج إلى دفع بتلك البلدان لتحتل اللغة العربية مكانتها.
ونبّه الدكتور حقار إلى التحديات الثقافية التي تواجه القارة السمراء والغزو الثقافي الذي تتعرض له وتأثير ذلك في ظل تهميش الثقافة الإسلامية مشيراً في هذا السياق إلى ضرورة تعزيز الثقافة الإسلامية لدى النخبة التي تقود المجتمع.
وحول الأثر السلبي للتطرف على تحقيق الأمن الثقافي للمسلم، قال إن تعزيز الإسلام يتطلب توافر السلام والهدوء في المناطق. ومن الضروري توفير الأدوات والوسائل التي تساعد في نشر الثقافة السليمة المتكاملة. وأكد أن أغلب حالات الغلو والتطرف وراءها التجارة والسياسة وليس الدين، داعياً العلماء إلى مواجهة الغلو والتأكيد أن الإسلام دين السلام والإنسانية واحترام الإنسان بغض النظر عن دينه ومعتقده.
من ناحيته، قدّم الدكتور نجاد غرابوس رئيس المشيخة الإسلامية في جمهورية سلوفينيا، مفتي سلوفينيا، في مقطع مرئي تخلل الجلسة، الشكر لدولة قطر على بناء المركز الثقافي الإسلامي بسلوفينيا، داعياً لقطر أميراً وحكومةً وشعباً بالتوفيق والسداد.
وحول الأمن الثقافي من منظور إسلامي، أشار الدكتور نجاد إلى ما يشهده عالم اليوم من تغيرات وأكد أن الثقافة والحضارة الإسلامية ضمانة لحماية اسس القيم الإسلامية، لافتاً إلى دور العلماء في تعليم الشعوب الدين الصحيح وبناء القيم المجتمعية المستمدة من الكتاب والسنة، وضرورة اتباع الوسطية، خاصة وان مصادر الإسلام تزخر بالمقومات والدعائم التي يمكن ان تقوي حضارتنا.
وقال مفتي سلوفينيا إن الجهل بالظروف الحقيقية للمسلمين يعوق إيصال وترسيخ الهوية الإسلامية بحيث تصبح شاملة وعامة، مضيفاً أنه من المهم اتباع الوسطية وترسيخ الإسلام الصحيح والاستفادة من التجارب التاريخية والمعارف في مواجهة انتشار الطائفية.
القدس العربي
|
|
|
|