مساعٍ حميدة لحماية اللغة العربية
تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة على حماية اللغة العربية وتعزيز استخداماتها على الصعيد الأكاديمي أو عبر الممارسات اليومية، سواء بشكل رسمي أو غير رسمي. الموقف الإماراتي هذا نابع من إيمان الدولة بأهمية اللغة العربية كمكون أساسي للثقافة والهوية الوطنية الإماراتية، وكثيراً ما شددت القيادة الرشيدة عبر فعاليات عدة، على الارتباط الشديد بين اللغة العربية والهوية الوطنية، وكانت تصريحات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، خلال اجتماع سموه مع مجلس جائزة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للغة العربية مؤخراً، معبرة بدقة عن ذلك، فقد أكد سموه فيها أن اللغة العربية العنصر الرئيسي والمكون الأساسي للهوية الوطنية والعربية والإسلامية، وشدد على أن اللغة العربية هي لغة حياة وعلم وفكر، وفنّد المزاعم والاتهامات بعجزها عن اللحاق بركب التقدم العلمي والتكنولوجي.
اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة باللغة العربية ليس وليد اللحظة، إذ إنها عبر العديد من المبادرات التي أطلقتها طوال سنوات، حرصت على ترسيخ وتعميق استخدام اللغة العربية في مختلف أوجه الحياة في المجتمع، ولم تقتصر مبادراتها تلك على المجتمع الإماراتي بل كان لها أبعاد إقليمية وعالمية أيضاً، فنفذت مبادرات وبرامج مماثلة بالتعاون مع دول أخرى لتحقيق الهدف نفسه. هذا التوجه يتسق مع أهداف الأجندة الوطنية الإماراتية، إذ تنص «رؤية الإمارات 2021»، على أن تستعيد اللغة العربية مكانتها كلغة تتمتع بالحيوية والدينامية، وتمارس في جميع المجالات، معبرةً عن قيم الوطن الإسلامية والعربية، وأن تكون دولة الإمارات مركزاً للامتياز في اللغة العربية، تستضيف العلماء والباحثين، وتدعم إنتاج المحتوى العربي الأصيل، وتشجع على ترجمة الأعمال الأدبية والعلمية العالمية إلى اللغة العربية، فالاستدامة للتعليم والتنمية بأبعادها المختلفة مطلوبة، لكن استدامة اللغة والهوية أهم الأولويات.
هذا التوجه المهم نابع من وعي دولة الإمارات العربية المتحدة بطبيعة التحديات التي تعانيها اللغة العربية، وما يثار عن تراجعها، لاسيما بين الأجيال الجديدة، نظراً إلى الانفتاح الثقافي وانعدام الحدود بين المجتمعات، وتعدد الجنسيات، وبالتالي استخدام العديد من اللغات داخل المجتمع الواحد، كما هي الحال في المجتمع الإماراتي، الذي يحتضن أكثر من 200 جنسية؛ لذلك وضعت دولة الإمارات العربية المتحدة ميثاقاً أطلقت عليه «ميثاق اللغة العربية»؛ بغية التأكد من سيادة اللغة العربية في المجتمع الإماراتي، وضمّنت هذا الميثاق ثلاث عشرة مادة، ترسخ وتعزز استخدام العربية في المجتمع، عبر تطبيق آليات محددة في المدارس، وتطوير مناهج دراسية عصرية لتعليم اللغة العربية، وعبر دعم المتميزين والمبدعين فيها ورعايتهم، وإنشاء معاهد لتعليمها لغير الناطقين بها، وتعزيز مكانة دولة الإمارات كمركز إقليمي لتعليم اللغة العربية، وإنشاء كلية للترجمة تهدف إلى تعزيز وضع دولة الإمارات كمركز حضاري للترجمة باللغة العربية، والميثاق يعتبر خطوة رائدة في إطار مساعي الدولة للنهوض باللغة العربية ليس على الصعيد المحلي فقط، بل الإقليمي أيضاً.
ولم تغفل دولة الإمارات العربية المتحدة أهمية التكنولوجيا في نشر اللغة العربية بين الشباب العربي، فأطلقت العديد من المبادرات لتعزيز المحتوى العربي في شبكة الإنترنت، واستهدفت مبادرة «بالعربي» التي أطلقتها «مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم»، التي تهدف إلى تغيير الصورة النمطية عن اللغة العربية، وإثبات أنها لغة عالمية وحيوية، وتشجيع العرب على استخدام لغتهم الأم عبر الإنترنت، خصوصاً وسائل التواصل الاجتماعي؛ بهدف إحياء اللغة العربية كلغة علم وفكر.
الاتحاد
|
|
|