الإعلام من أهم الوسائل التي تؤثر سلباً على اللسان العربي لدى الناشئة

رمضان أبو إسماعيل

اللغة العربية لغة ستظل خالدة ولن تموت أبداً كما تروج خطأ بعض التقارير الدولية لأنها لغة القرآن الكريم، الذي تعهد الله تعالى بحفظه، ونظراً لأهمية دور هذه اللغة يخطط الكارهون للإسلام لهدمها لما في ذلك من هدم للدين في ذات الوقت، سبيلهم إلى ذلك نشر اللهجات المحلية وإحلال اللغات الأجنبية في كل مراحل التعليم، وفي العديد من المصالح الحكومية.

وهكذا تجد اللغة نفسها في ورطة متعددة الحلقات فهي تواجه سيلا كاسحا من موجة الأغاني الهابطة والألفاظ الخارجة والمسميات الغريبة، فكيف يتصدى العرب لهذه الحملات المنظمة التي تستهدف النيل من لغتهم مخزن تراثهم ورمز وحدتهم وهويتهم؟

يقول خالد محمد مصطفى مدير إدارة التحرير والشؤون الثقافية بمجمع اللغة العربية: هناك وسائل عديدة تؤثر سلباً في تعلم اللغة العربية ومنها وجود المدارس الدولية وأيضاً المناهج الدراسية وطريقة اختباراتها وأخص التعليم العادي وليس الأزهري، كما أن مدرسي اللغة العربية في المدارس لا يهتمون بتدريسها باللغة السليمة.

ومن هنا يجد الطلاب صعوبة في تعلم العربية، وهذه تؤثر في نفسه فتجعله يعتبرها مادة دراسية صعبة، أما بالنسبة للمدارس الأجنبية ففيها مكمن الخطورة بحق، لأن الطالب يعتاد اللغات الأجنبية منذ نعومة أظافره ولا يمكن لعقل في سن الحضانة أن يتعلم لغتين في آن واحد، وخاصة أن أولياء الأمور والمشتغلين بالمدارس الأجنبية يولون الاهتمام الأكبر لتعليم اللغة الأجنبية.

ويرى أنه من الضروري أن يتفق الجميع على ضرورة سيادة اللغة العربية وإعطائها مكانتها بوصفها لغة الدين والحضارة وبوصفها الرابط الوثيق بين أبناء الأمة، فإذا اتفقنا على ضرورة سيادة اللغة فلابد أن يعمل الجميع على تذليل العقبات وتسهيل تعليم اللغة حتى تصبح في مكانها الحقيقي، وإذا كان منذ زمن قال البعض إننا لا نقدم إلا إذا أكلنا مما نزرع ولبسنا مما نصنع فأنا أقول لابد أن نتعلم بما نتكلم.

ويشير خالد مصطفى إلى أن أخطر مرحلة مؤثرة في عقول الأمة هي مرحلة الدراسة الجامعية، فحينما ترك المجال في الجامعات للغات الأجنبية في التخصصات العلمية، ولم يقف أحد في وجه هذا التيار ازداد الأمر صعوبة بأن دخلت الكليات النظرية في التعلم باللغات الأجنبية مثل كليات الحقوق والتجارة.

كما أن هناك كليات لا تقبل الطلاب الحاصلين على درجات تؤهلهم، إلا إذا كانوا من دارسي مدارس اللغات، ومن ذلك كليات الآداب في بعض أقسامها والسؤال هنا: هل يستطيع أن يبدع الطبيب في تخصصه وهو يدرس الطب بغير لغته؟

ويشدد مصطفى على أن وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة تعد من النقاط المهمة التي تؤثر سلباً على تعويد اللسان العربي لدى الناشئة، فمن أخطر الأمور في عصرنا أن اللغة الأم التي يتنفس بها المثقفون ولا يملأون أقلامهم من مدواة سواها، فهناك صحف تصدر الآن في العالم العربي باللغة العامية وفى مجال الإذاعة نجد المذيعين يبدأون حوارهم بلغة جميلة.

كما نجد فيما يقدم من مسلسلات إسفافاً في استخدام اللغة العامة المبتذلة، فأصبحنا نواجه كماً كبيراً من الكلمات ينهال علينا في بيوتنا لنجد أبناءنا ينطلقون بها بعد دقائق من سماعهم أو مشاهدتهم لها كما أن برامج الأطفال كالرسوم المتحركة، بعد أن كانت تعرض باللغة العربية وكان الأطفال يقلدون ما سمعوه من لغة فصيحة أصبحت تعرض باللغة العامية لتسود وتتفشى.

ومن جهته يقول فوزي تاج الدين المستشار الإعلامي لجمعية لسان العرب: إنه ليس صحيحا ما أشار إليه التقرير الصادر عن منظمة اليونسكو العالمية في نهاية عام 2000 وهو أن عدداً من لغات العالم مهددة بالانقراض ومن بينها اللغة العربية فاللغة العربية هي اللغة الوحيدة التي ستظل ويمتد عمرها إلى أبد الآبدين.

لأن الله عز وجل تكفل بحفظها وذلك باعتبارها لغة القرآن الكريم أما عن الجانب البشرى فاللغة العربية لن تتعرض لظاهرة موت اللغات لأن اللغة التي يتحدث بها أكثر من 100 ألف إنسان لا تموت واللغة العربية ليست لغة العرب فقط، ولكنها لغة المسلمين الذين يبلغون أكثر من 2 مليار مسلم في العالم.

ويوضح تاج الدين أنه على الرغم من ذلك إلا أن اللغة العربية في حاجة إلى من يزيل عنها الغبار فهي كالذهب لا يفقد بريقه أو لمعانه، فنحن نرى أن هناك تعمدا واضحاً من جانب الجميع بدرجات متفاوتة تؤثر على أوضاع لغتنا ويضعها في ذيل قائمة اهتماماتنا.

ويرى أن البداية الحقيقية للحفاظ على اللغة العربية هي الاهتمام بالطفل العربي وتربيته تربية لغوية من خلال توحيد الخطاب اللغوي على ألسنة القيادة السياسية والرموز الدينية، والبدء بعمل معجم عربي للحياة اليومية، وتدريس مناهج عربية تعتمد على تنمية مهارات الطفل اللغوية، وتدعمها برامج تليفزيونية، وعدم السماح باعتلاء المنابر إلا لمن يجيد الفصحى، كما يجب التزام الأساتذة في مراحل التعليم المختلفة بالشرح بالفصحى، وتمكين جمعيات اللغة العربية من أداء دورها.

ويشير د سامي نجيب محمد رئيس جمعية لسان العرب إلى أن هناك فرقاً بين تدريس اللغة والتدريس باللغة فتدريس اللغة الأجنبية مطلوب لكي ننتفع بها ولكن تدريس جميع المواد باللغة الأجنبية يعد خطأ كبيراً فهناك مدارس تسمى بمدارس اللغات والتي تقوم بتدريس المواد بالكامل باللغة الإنجليزية وليست باللغة العربية.

كما أن طلاب هذه المدارس عند وصولهم إلى مرحلة التعليم الجامعي يستكملون مسيرتهم بدخولهم الجامعة الأميركية أو الكندية أو الفرنسية فهذه تعتبر فوضى تعليمية كما أن بعض الناس يتباهون بدخول أبنائهم مدارس لغات، والمشكلة أن هذه المدارس تقوم بتهميش اللغة العربية.

ويؤكد د سامي نجيب أن وجود مثل هذه المدارس في مصر يعتبر مؤامرة على اللغة العربية فطلاب هذه المدارس يكونون غير قادرين على القراءة باللغة العربية، وبالتالي غير قادرين على قراءة القرآن الكريم، وهذا هو هدفهم كما أن الأمر لم يقتصر على وجود مثل هذه المدارس فقط، ولكن أصبحت الآن معظم الكليات الموجودة في مصر تدرس باللغة الإنجليزية أيضاً.

ويرجع ظاهرة دخول نسبة كبيرة من الأطفال مدارس لغات إلى اعتقاد أسرهم بأن خريجي مدارس اللغات والكليات التي تدرس باللغة الأجنبية لهم الأولوية في العمل وهذا خطأ كبير. ويلخص د. سامي إلى أن أحد أسباب انحسار اللغة العربية أيضاً هو أن مدرسي اللغة العربية يتحدثون باللغة العربية العامية أثناء شرحهم للدروس ونحن في الجمعية طالبنا بإضافة درجة على الخط العربي لكل المواد، لأن الاهتمام بالخط العربي يؤدى إلى الاهتمام باللغة العربية نفسها.

البيان