الغامدي: تاريخ العربية يشهد لها بسجل مجيد حافل


قال الدكتور إبراهيم جمهور الغامدي (رئيس قسم الدراسات العليا العربية بجامعة أم القرى): لاشك أن العربية تحمل في طياتها وظائف متعدّدة تتوزّع على مستويات ثقافية واجتماعية ولغوية بل وإنسانية والعربية كانت ولازالت منطلقا للتكامل الثقافي الإنساني فهي لغة الكتاب الشريف والسنة المطهرة وتاريخ العربية يشهد لها بسجل مجيد حافل بثروة لغوية لا مثيل لها في لغات العالم بدلالة تنوع مؤلفاتها اللغوية المعجمية وغير المعجمية، فهي بلا شك لغة ثقافية تمد أفراد الجماعة اللغوية بالثروة اللفظية المتنوعة كالترادف والمشترك والتضاد وغيرها من الظواهر التي أدت إلى اتساع الثروة اللفظية المكونة لها، والتواصل الثقافي والإنساني لا يتأتى إلا عن طريق اللغة فهي التي تمد الأفراد بالأصوات التي يتم من خلالها التواصل اللغوي الذي تميز به الإنسان عن غيره من المخلوقات، (خلق الإنسان علمه البيان) فالبيان هو الإيصال الدلالي بجميع أنواعه وأولُ تلك الأنواع اللغة المنطوقة يقول عنه الجاحظ (البيان: اسم جامع لكل شيء كشف لك قناع المعنى وهتك الحجاب دون الضمير حتى يفضي السامع إلى حقيقته ويهجم على محصوله كائنا ما كان ذلك البيان)، ولاشك أن إنسانية اللغة تتمثل في احتكاك العربية بغيرها من لغات العالم سواء أكانت سامية أم غير سامية هذا الاحتكاك هو الذي يولد التكامل الثقافي فهي تزود المثقف بجميع أدوات التواصل ووسائله مع أبناء المجتمع، فاللغة عبارة عن أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم كما قال ابن جني، فهي تشتمل على ظواهر صوتية وتعبيرية واجتماعية إنسانية ودلالية ذات أغراض ومقاصد، ووفق هذا التواصل الذي تفعله أنظمة اللغة تتشكل عمليات المثاقفة مع الآخر تأثيرا وتأثرا إيجابا وسلبا، وهذا يعطي للغة بعدها الإنساني والاجتماعي على حد سواء، فالعربية بهذا الزخم المعجمي والدلالي والإنساني تعد منطلقا راسخا للتكامل الإنساني أجمع ففيها من الأنظمة اللغوية الثرَّة ما لم يكن لأي لغة أخرى.
ولا ريب أن العربية في العصور الأولى كان لها الصدارة بين لغات العالم إذ كانت لغة العلوم والمعارف الإنسانية فكم من المؤلفات التي أُثرت عن علماء العربية في جميع مستوياتها بل إن جميع العلوم النظرية والتطبيقية لم تكتبُ إلا بلغة التنزيل الشريف ولو سمح الوقتُ لعرضنا عن هذا الموضوع المتميز بشيء من التفصيل.

المدينة