الايسيسكو تدعو لعقد قمـة عربيـة استثنائيـة للنهـوض باللغـة العربيـة

 حذّر المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو" الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري من خطورة تنامي ظاهرة التطرف والإرهاب الذي يدعي المنخرطون فيها والوالغون في جرائمها، الانتماء إلى الإسلام والدفاع عن قضاياه، والإسلام منهم ومن جرائمهم براء، وأشار إلى أن "هذه الظروف الخطيرة والتحديات الجسام تـَتـَعـَاظـَمُ فيها مسؤولية واضعي السياسات الثقافية التي قال إنها لا يمكن أن تنفصل عن السياسات العامة في جميع الميادين، مادام الهدف المتوخَّى من العمل الثقافي، هو بناء الإنسان في المقام الأول، لأنه هو الأساس في بناء الأوطان".
وأكد التويجري في كلمة له اليوم الثلاثاء (13|1) أمام المؤتمر التاسع عشر للوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في العالم العربي، الذي بدأ أعماله أمس الاثنين (12|1) في الرياض، بدعوة من المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم "ألكسو" وباستضافة من وزارة الثقافة والإعلام في المملكة العربية السعودية، أن اللغة العربية هي الركن الثاني، بعد العقيدة الدينية، في بناء الإنسان العربي المسلم، لأنها هي وعاء الثقافة، وعنوان الهوية، ومنطلقٌ للتكامل الثقافي الإنساني، مشيرًا إلى أن اختيار الموضوع الرئيس للمؤتمر، وهو (اللغة العربية منطلقـًا للتكامل الثقافي الإنساني)، اختيار دقيق، يعبر عن فهم عميق للدور المؤثر للغة في تشكيل الهوية، وفي بناء الذات على الأسس الثقافية الصحيحة، وفي نشر المعرفة المعبرة عن ثقافة الأمة، والإسهام في تشكيل المواطنة الإنسانية التي تجمع بين البشر، استنادًا إلى القيم الإنسانية المشتركة التي هي الإطار الجامع للتكامل الثقافي، وللتعايش بين شعوب العالم.
وأوضح التويجري أن اللغة العربية بما تتميز به من غنًى معجميٍّ وبلاغيٍّ وتنوّعٍ ٍ ثقافيٍّ إبداعيٍّ، هي لغة منفتحة على لغات العالم، تتفاعل وتتحاور معها، وتندمج في محيط الثقافات الإنسانية جميعـًا أخذا ً وعطاءًا موضحًا أن القرار الذي اتخذته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" بجعل اليوم الثامن عشر من شهر كانون أول (ديسمبر) كل سنة، يومـًا عالميـًا للغة العربية، جاء تأكيدًا قويـًا لهذه العالمية.
واستطرد قائلا ً: "إن هذا القرار الدوليّ البالغ الأهمية، يحمّلنا المسؤولية في النهوض باللغة العربية على جميع المستويات، حتى تكون قادرة على الانخراط في سياقات التطور العلمي والتقاني الذي يعرفه العالم اليوم، والذي ينطلق بصورة متصاعدة ويحقق المزيد من التقدم النوعي والكمي في مجالات الحياة كافة".
وأشاد التويجري بالمبادرات والجهود الكبيرة التي تبذلها عدة هيئات عربية للنهوض باللغة العربية والاهتمام بشؤونها، ومنها مركز الملك عبد الله العالمي لتنمية اللغة العربية في الرياض، والهيئة الاستشارية لتنمية الثقافة العربية في اليونسكو، والمنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية في الدوحة، والمجلس الدولي للغة العربية في بيروت، والائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية في المغرب، وغيرها من الهيئات الغيور على اللغة العربية والحريصة على حمايتها وتطويرها.
وطالب بأن لا نستكين إلى هذا المكسب الجديد الذي حققته اللغة العربية في هذا العصر، فنتوقف عن الاهتمام بتطويرها وتحديثها، وتقويتها، مؤكدًا أن تلك مسؤولية جماعية تتحملها وزارات التربية والتعليم والتعليم العالي، ووزارات الثقافة، ووزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية، والمجامع العلمية، ووسائل الاعلام جميعـًا.
وذكـّر بالنداء الذي وجهته "الإيسيسكو" إلى العالم الإسلامي في اليوم العالمي للغة العربية الذي حلّ في الشهر الماضي، والذي أكدت فيه على وجوب تعميم تدريس اللغة العربية في جميع المراحل التعليمية في الدول العربية، والعناية بها في الدول غير الناطقة بها، بحيث تكون لها الصدارة بعد اللغات الوطنية، بحسبانها لغة القرآن الكريم والحديث النبوي، ولغة معظم التراث الإسلامي الذي ساهمت في بنائه عبر العصور شعوبُ العالم الإسلامي كافة، وناشدت الدولَ الأعضاء أن تعمل على التوسّع في استعمال اللغة العربية في شتى مجالات الحياة العامة، وأن تضع التشريعات القانونية التي تفرض إلزامَ استخدام اللغة العربية في جميع الحالات، بدلا ً من أية لغة أجنبية تزاحمها، إلا ّ عند الضرورة، وذلك تعزيزًا لوضع اللغة العربية، وحفاظـًا على مكانتها في حياة الشعوب العربية الإسلامية.
وأضاف: "إن المنظمة ستواصل جهودها في مجالات تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها وفي إعداد المعلمين وتدريبهم، وفي وضع المناهج التعليمية المناسبة لكل فئة وإقليم.
كما ستواصل الإيسيسكو تنفيذ برنامجها الحضاري الكبير لكتابة لغات الشعوب الإسلامية بالحرف القرآني، الذي يهدف إلى تعزيز العلاقات الثقافية والحضارية بين شعوب العالم الإسلامي".
ووجّه التويجري دعوة إلى المؤتمر ليخرج بتوصية بعقد دورة استـثـنائية للقمة العربية، تخصص لقضية واحدة، هي النهوض باللغة العربية، مشيرًا إلى أن هذه قضية سيادة، وقضية أمن قومي، وقضية وجود ومشاركة في صنع الحضارة الإنسانية الجديدة، تستحق أن تكون لها الصدارة ضمن القضايا الكبرى التي تناقش علي مستويات عليا.
وأكد في ختام كلمته أن الأمم التي تـُعلي من شأن لغاتها، وتتعهدها بالتطوير والتجديد والحماية، تحفظ هوياتها، وتحمي حاضرها ومستقبل وجودها، وتصون استقلالها وسيادتها وحقوقـَها ومصالحها الوطنية العليا، فيسمو مقامها بين الأمم، كما قال.

وكالة قدس برس