خطة لتعزيز مكانة اللغة العربية في المجتمع
هيثم القباني
دعت د.حنان فياض رئيس قسم اللغة العربية بجامعة قطر لتفعيل القانون باعتماد "العربية" اللغة الأولى المستخدمة داخل المؤسسات والشركات واستخدامها في واجهة المحلات لترسيخ ثقافة استخدامها في المجتمع.
وطالبت بتضافر جهود الجهات التنفيذية لتطبيق النظريات والخطط التي ترسّخ رفع مستوى الطلاب في اللغة العربية، وتعزيز مكانتها في نفوس النشء.
وكشفت لـالراية الأسبوعية عن عدد من التحديات التي يواجهها تدريس اللغة أهمها عدم تطويع الوسائط التكنولوجية الحديثة داخل الصف إلى جانب ضرورة تطوير طرق التدريس لجعل اللغة العربية محبّبه لدى الطلاب، والتغلب على صعوبات تعلمها.
وأكدت في حوار شامل مع الراية أن القسم وضع خطة إستراتيجية لرد الاعتبار للغة العربية وإعادتها إلى عرشها عبر 3 ركائز تشمل رفع المستوى الأكاديمي للبرنامج، وجذب الطلبة المتميزين إلى الدراسة في القسم، ورفع القدرات العلمية والبحثية للطلبة.
وأشارت إلى أنه تم تشكيل عدة لجان لتنفيذ تلك الإستراتيجية، تشمل لجان الخطة الإستراتيجية للقسم وجودة التدريس والتسويق، والأنشطة الثقافية والتواصل المجتمعي.
وأكدت أن الجامعة ترعى المواهب الطلابية في الشعر والأدب من خلال إقامة المنتديات والنوادي الطلابية والمسابقات الثقافية الإبداعية السنوية، داعين إليها طالبات الثانوية العامة للمشاركة في الكتابات الإبداعية الشعرية والقصصية والمقالات والخاطرة الأدبية، هذا إلى جانب تنظيم فعاليات (يوم اللغة العربية) سنويًا بالتوازي مع اليوم العالمي للغة العربية.
وأوضحت أن هناك ورش عمل حول (موسيقى الشعر العربي.. البحور والأوزان) ودورات تدريبية حول مهارة الكتابة، ومهارة الضبط الصحيح والتي تشهد إقبالاً كبيرًا، مع أن غالبيتها تُطرح في يوم السبت، وهو يوم إجازة للجميع، كاشفة عن توجه القسم هذه السنة لعمل مثل هذه الورش والدورات التدريبية خارج الجامعة، بالتعاون مع المدارس ومؤسسات الدولة المختلفة، وذلك من قبيل رغبة أعضاء القسم في تأدية واجبهم تجاه المجتمع.
وحول مقرّرات الدراسة أكدت أن القسم يطرح خطة جديدة تقوم على التنوع، والانفتاح على الثقافات والنظريات اللغوية والنقدية المعاصرة، وهو ما جعل الخطة تقوم على مسارين، هما اللغة والأدب، متضمّنة مقرّرات تتصل بالتفاعل مع الفكر الاستشراقي وآثاره، ثم مقرّرات تحاور قضايا الفكر العربي المعاصر، وما يتضمّنه من مجالات تعزّز البحث المعاصر التجديدي في اللغة والأدب.
وقالت: يأتي دور القسم في تعزيز الهوية العربية والإسلامية من دور الجامعة نفسها، فمنذ تأسيس جامعة قطر واللغة العربية هي الركن الأول والرئيس فيها؛ إذ تتصدّر فعالياتها وأنشطتها، انطلاقًا من كون اللغة عنصرًا أصيلاً في تكوين الهوية العربية والإسلامية بالإضافة إلى اهتمام الجامعة بالهوية العربية والإسلامية، هناك أيضًا الحرص على الاعتزاز باللغة من خلال الدعوة إلى إبقائها حية وديناميكية ممثلة في ربطها بعصر تكنولوجيا التواصل الاجتماعي، واستحداث طرائق تدريسية تناسب الأجيال الحالية والمستقبلية.. وفيما يلي تفاصيل الحوار:
> كيف يمكن أن نعيد للغة العربية مكانتها بين لغات العالم الحية؟
- إعادة مكانة اللغة العربية بين اللغات الحية مسؤولية مجتمعية كبيرة، تشارك فيها الجهات التنفيذية والمؤسسات التعليمية والأكاديمية.. وليس قسم اللغة العربية فقط، فيجب تفعيل قانون اعتماد اللغة العربية في مكاتبات الجهات الحكومية والخدمية وتعزيز التعاون بين الجامعة مع مؤسسات المجتمع في قطر، وفي أي دولة عربية أخرى، ويكون هناك تنسيق خططي كبير تدعمه القرارات السياسية التي تنقل النظريات والخطط من مستوى الغرف البحثية المغلقة إلى مستوى الواقع، وإذا انتقلت أي خطة أو أي فكرة إلى الواقع في ظل رعاية حقيقية وتنسيق مهني ومسؤولية مشتركة، فسيكون الصدى كبيرًا والتأثير أكبر، وستكون مكانة اللغة في القمة كما نتمنى، وكما نحب لها، وكما تستحق هي ذلك.
ولنكن مسؤولين حين نعيد اللغة إلى الشارع وأسماء المحلات والشوارع والمناطق والشركات وتصبح لغة رسمية أولى في المكاتبات والقرارات، هنا فقط يتم تعزيز قيمة اللغة العربية وإعادتها إلى عرشها.
استراتيجية القسم
> ما هي استراتيجية القسم في النهوض باللغة العربية وكيف تتوافق مع رؤية جامعة قطر؟
- تأتي الخطة الإستراتيجية للقسم منبثقة من الخطة الإستراتيجية للكلية، وهي بدورها محدّدة في إطار الخطة الاستراتيجية للجامعة؛ لإيجاد نوع من التكامل الذي يُحقق المستوى المطلوب من الجودة، فمثلاً في مجالٍ واحد من مجالات الخطة الاستراتيجية وهو (المجال التدريسي) تتضمّن الخطة الاستراتيجية للقسم ثلاث ركائز في غاية الأهمية، وهي: رفع المستوى الأكاديمي للبرنامج، وجذب الطلبة المتميزين إلى الدراسة في القسم، ثم رفع القدرات العلمية والبحثية للطلبة.
وقد حدّدنا لهذه الركائز أو الأهداف جملة من الإجراءات المحدّدة خلال هذا العام الجامعي 2014-2015، منها إعداد زيارات ميدانية لمدارس الدولة، وتبادل خبرات تدريسية على مستوى الأساتذة والطلاب مع الأقسام المعنية في الكلية، ومن خلال تدريس بيني، ثم تعزيز مشاركة الطالبات في المشاريع البحثية الممولة على مستوى الجامعة، فضلاً على إدراج (الورقة البحثية - Term paper) أداةَ تقييم في مقررات خطة البكالوريوس، وهو الأمر الذي جعل القسم يشكل لجانًا خاصة تُسند إليها هذه الإجراءات للعمل على إنجازها بمؤشر قياس عالي الجودة، منها: لجنة الخطة الاستراتيجية للقسم ولجنة جودة التدريس ولجنة التسويق، ولجنة الأنشطة الثقافية والتواصل المجتمعي.
والأمر كذلك مع مجال البحث ومجال خدمة الجامعة والمجتمع، فلكل مجال أهداف ترتبط بما ورد في خطة الجامعة، ولعل حرص قسم اللغة العربية على تقديم مؤتمر دولي سنوي، متناوبًا بين اللغة والأدب أمر يعزّز قيمة البحث العلمي في المجتمع الجامعي، وأيضًا حرص القسم على تخفيض العبء التدريسي- حسب لوائح الجامعة- للأساتذة الذين يشتركون في مشاريع بحثية ممولة وغير ذلك هو ما يرفع من مستوى البحث العلمي في القسم والكلية.
البرنامج المطور
> ماذا عن البرنامج المطور المتبع لتدريس اللغة العربية ؟
- نفرّق بين تدريس اللغة العربية في إطار برنامج المتطلبات العامة، وتدريس اللغة وآدابها في إطار التخصص المحدّد في برنامج اللغة العربية؛ ففي الأولى يُسهم القسم بالتعاون مع برنامج المتطلبات العامة في تقديم اللغة العربية ومهاراتها (الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة) في إطار منهج تكاملي يخدم الطالب العام، الطالب الذي يحتاج إلى اللغة في حدها التواصلي، بالإضافة إلى تعزيز قيم هذا المجتمع وقيم التعدّد والانفتاح على الآخر من خلال نصوص مختارة بعناية في إطار خريطة القيم التي تربط الطالب بجذوره ثم تجعله متقبلاً الآخر ومنفتحًا على التواصل مع القيم الإيجابية في إطار عالمي، وهنا نؤكد بأن المنهج والمحتوى في مقرّري المتطلبات يندرجان في إطار اللغة الوظيفية والتواصل بها في إطار الجامعة والمجتمع وهو ما تعزّزه رسالة جامعة قطر نفسها.
كما طرح القسم خطة جديدة تقوم على التنوع، وتراعي في اختيار المقرّرات بها الانفتاح على الثقافات العالمية والنظريات اللغوية والنقدية المعاصرة، وهو ما جعل الخطة تقوم على مسارين، هما اللغة والأدب، متضمّنة مقرّرات تتصل بالتفاعل مع الفكر الاستشراقي وآثاره، ثم مقرّرات تحاور قضايا الفكر العربي المعاصر، وما يتضمّنه من مجالات تعزّز البحث المعاصر التجديدي في اللغة والأدب.
استقطاب الطلبة
> كيف يتم استقطاب الطلبة لدراسة تخصص اللغة العربية بالجامعة ؟
- منذ فترة يعمل القسم على استحداث فعاليات تستهدف جذب الطالبات إلى القسم، وهو الأمر الذي تبلور هذا العام في استحداث لجنة خاصة بهذا الأمر (لجنة تسويق قسم اللغة العربية)، ويكون مقرّرها رئيس القسم، تُعنى بتنفيذ خطة تحفيزية على مستوى طالبات الجامعة، ولاسيما المستجدات، وأيضًا طالبات الثانوية العامة، وأيضًا على مستوى الحضور الإعلامي للقسم كي يبدو قويًا في إطار المجتمع القطري، ويتحقق بهذا رفع معدل الإقبال.
تحديات
> ما هي أبرز التحديات التي تواجه أعضاء هيئة التدريس في تدريس اللغة العربية ؟
- من خلال الواقع العملي الذي أعيشه، ويشاركني فيه زملائي في قسم اللغة العربية، تتمثل أبرز تحديات تدريس اللغة العربية في مدى تطويعها للوسائط التكنولوجية الحديثة، من دون أن نعرض التواصل مع الطلبة إلى التدهور، بمعنى نوظف التكنولوجيا داخل الصف.
والحقيقة أن التحدي الأكبر الذي يواجه أستاذ اللغة العربية يكمن في الطالب نفسه، فالطالب لديه خوف نفسي من اللغة وكل ما يتعلق بها، ومن هنا يتبنى الأستاذ مهمة نقل الطالب من حالة البعد هذه إلى حالة قرب وحب يتقبل من خلالها الطالب ما يمده به الأستاذ من معارف هذه اللغة ومهاراتها، ولا شك أن انشغال الأستاذ بإعادة بناء التواصل بين الطالب ولغته، بدلاً من توجيه جهده لتعليم اللغة يأخذ الكثير من وقته وجهده، وفي نظري هذا هو التحدي الأكبر.
> هناك ترابط وثيق بين اللغة والهوية، فما الجهود التي تبذلونها في سبيل تحقيق هذا الترابط وغرسه في نفوس الطلبة؟
- منذ تنظيم المؤتمر الدولي الأولي لقسم اللغة العربية عام 2012 حول (اللغة والهوية) والقسم يقدّم فعاليات وتصورات تصب في ربط الطالب بهويته، وتعزيز قيمتها فيه، ولعل مما قام به القسم هو طرح مسابقة بحثية على مدار سنوات متعدّدة تدور في بعض محاورها حول علاقة اللغة بالهوية، أو سبل الحفاظ عليها أمام تحديات الإعلام وانتشار الفصحى، وغيرها من الفعاليات الأخرى.
وتقوم لجنة التسويق لقسم اللغة العربية التي تم استحداثها مؤخرًا بعمل ندوات ومحاضرات تصب بشكل مباشر على تعزيز هذا الجانب، فقد قام أعضاء هذه اللجنة بزيارات صفية لمناقشة هذه الفكرة مع الطلبة والطالبات، وإقناعهم بضرورة تبني فكرة ارتباط اللغة بالهوية والاقتناع بها، إضافة لجهود لجنة التسويق خارج مجتمع الجامعة والذي يصب على النقطة ذاتها وغيرها من وسائل التسويق لتعلم اللغة العربية.
الهوية العربية
> كيف ترون دور قسم اللغة العربية في تعزيز الهوية العربية والإسلامية؟
- يأتي دور القسم في تعزيز الهوية العربية والإسلامية من دور الجامعة نفسها، فمنذ تأسيسها؛ أي الجامعة، واللغة العربية هي الركن الأول والرئيس فيها؛ إذ تتصدّر فعالياتها وأنشطتها، انطلاقًا من كون اللغة عنصرًا أصيلاً في تكوين الهوية العربية والإسلامية بالإضافة إلى اهتمام الجامعة بالهوية العربية والإسلامية وهناك الحرص على الاعتزاز باللغة من خلال الدعوة إلى إبقائها حية وديناميكية ممثلة في ربطها بعصر تكنولوجيا التواصل الاجتماعي، واستحداث طرائق تدريسية تناسب الأجيال الحالية والمستقبلية، وهناك كثير من الندوات العامة التي أقامها قسم اللغة العربية حول مجالين، هما طبيعة اللغة العربية وعلاقتها بالانفجار المعلوماتي، فضلاً عن حوسبة اللغة العربية والجهود المبذولة في ذلك داخل قطر وخارجها.
كما يأتي طرح كلية الآداب والعلوم في جامعة قطر برنامج الماجستير في اللغة العربية وآدابها معززًا البحث في اللغة، ومؤكدًا قيمتها؛ إيمانًا من الجامعة بأهمية مواكبة تطورات التعليم والتعلم، وإعداد الكوادر الوطنية المؤهلة في هذا المجال.
وأيضًا رعاية الجامعة لبرنامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، واحتضانها فعاليات المؤتمر الدولي العاشر لدراسة اللهجات العربية وهو الأول من نوعه في الشرق الأوسط. وغير ذلك كثير من الأمور التي تعزّز وجود اللغة العربية، وفي وجودها الصحيح حماية للهوية من أية تهديدات.
دعم الموهوبين
> كيف تدعمون الموهبة الطلابية في الشعر والأدب وغيرهما؟
- البحث عن المواهب ورعايتها وتنميتها يمثل هدفًا كبيرًا لقسم اللغة العربية، وكل الفعاليات التي يقدّمها القسم في إطار هذا الهدف تلقى الدعم والتشجيع والتقدير من الكلية والجامعة على حد سواء، ومن هذه الفعاليات السنوية التي يحرص عليها القسم إنشاء منتدى الطالبات ونادي الطالبات ومسابقة ثقافية إبداعية سنوية للطالبات بالقسم والكلية والجامعة.
> ماهي الجهود التي يبذلها القسم في معالجة تراجع مكانة اللغة العربية لدى الشباب؟
- نسعى لتعزيز مكانة اللغة العربية من خلال عدة لجان منها (الأنشطة الثقافية والتواصل المجتمعي) بإشراف د.مريم النعيمي وتقديمها الأنشطة المتصلة باللغة والتواصل مع المجتمع، بالإضافة إلى لجنة التسويق، واللجنة الإعلامية للقسم كلها جهود تعمل على كسر هذه العزلة، وتغيير الصورة النمطية للغة ومتحدثها ومتعلمها ومعلمها أيضًا.
دورات تدريبية
> هل يقوم قسم اللغة العربية بطرح أي دورات تدريبية للطلبة الذين يرغبون بتقوية لغتهم أو مهاراتهم الأدبية؟
- بكل تأكيد، فمن يتابع ما يقدّمه منتدى الطالبات من دورات تدريبية وورش عمل مجانية للطالبات يكتشف أن القسم يعمل على أمور مهمة في هذا الإطار، فهناك ورش عمل حول (موسيقى الشعر العربي: البحور والأوزان) ودورات تدريبية حول مهارة الكتابة، ومهارة الضبط الصحيح.. إلخ، والغريب أنها تشهد إقبالًا كبيرًا، مع أن غالبيتها تُطرح في يوم السبت، وهو يوم إجازة للجميع.
ويتوجه القسم هذه السنة لعمل مثل هذه الورش والدورات التدريبية خارج الجامعة، بالتعاون مع المدارس ومؤسسات الدولة المختلفة، وذلك من قبيل رغبة أعضاء القسم في تأدية واجبهم تجاه المجتمع.
الراية
|
|
|